الجاسم يفتح الزبيل على الفضل نبيل
زاوية الكتابهل قرأ الفضل اتفاقية (الجاسوسية) والغاء الحياة الخاصة والحريات الشخصية؟
كتب فبراير 11, 2014, 9:31 ص 3669 مشاهدات 0
كتب نبيل الفضل- عضومجلس الصوت الواحد- مقالات وصرح بتصريحات يدافع فيها عن الاتفاقية الأمنية الخليجية متهما منتقديها بأنهم لم يقرأوها وبأنها لا تخالف الدستور الكويتي، فرد عليه زميله بنفس الصحيفة- وليد الجاسم- بمقال نرى أنه مقال اليوم، ولكم التعليق:
مقتل أي قانون في ضبابيته، ومنبع الفوضى في أي مجتمع أو بلد أو منظومة هو عدم وضوح القوانين المنظمة للعلاقات فيه، فيقوم كل طرف مَعْني بتفسير القانون وفق اهوائه ورؤاه ولو خالفت رؤى الغير وصولا الى الاستعداد ليلوي ذراع المنطق بما يوافق مصلحته أو رؤيته.
واذا اختلف القوم في تفسيراتهم طفت خلافاتهم حتى يبلغوا حالة من الشطط في التفسير، التي بدورها ستوصلهم إلى الصراع.
ومن يقرأ الاتفاقية الامنية سيكون واثقا بأن فيها الكثير من المرونة إلى درجة «الضبابية» غير المريحة التي ستعرّض دول المجلس لمشكلة في التفسيرات وصولا الى احتمالات الضغط من دول على دول بكل ما يحويه هذا الضغط من احتمالات تهديد لحسن العلاقات.
بعدما قرأت رد الأخ النائب نبيل الفضل عليَّ في مقاله المنشور أمس، عدت الى الاتفاقية الامنية الخليجية وتمعنت مجددا في نصوصها لعل نفسي «تطمئن» مثلما اطمأنت نفس النائب الفضل، لكن ما حدث معي كان العكس تماما حيث كلما قرأتها اكثر نَفَرْتُ منها أكثر، وكلما اعدت القراءة زاد الارتياب والنفور لدي.
بالطبع الاتفاقية موقعة (وخالصين).. والباقي بالنسبة للحكومة هو فقط ان يعتمدها المجلس، والاغلبية في هذا المجلس موقعها مثل موقع الدستور عند سمو الشيخ ناصر المحمد.. يعني في الجيب.
إعادة القراءة لنصوص الاتفاقية جعلت مواد جديدة تستوقفني عدا عن المادتين المذكورتين في مقال سابق لي عن نفس الموضوع.
فالمادة الثانية من الاتفاقية تنص على التالي:
«تتعاون الدول الأطراف فيما بينها لملاحقة الخارجين على القانون أو النظام، أو المطلوبين من الدول الأطراف، أياً كانت جنسياتهم، واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقهم».
وهذه المادة لم تحدد أولاً حدود (تعاون الأطراف) كما أنها لم تحدد معنى (الخارجين على القانون) مثلما لم تحدد معنى (الخارجين على النظام)!!
وهذه صفة مطاطة فضفاضة مموهة مغبشة منعدمة الشفافية والرؤية. ما هو معنى الخارجين على النظام؟ هل هو النظام العام؟ وما هو النظام العام؟.. هل هو النظام السياسي؟.. الاجتماعي؟ النقدي؟ أم النظام الديني!!
طيب.. وماذا عن ملاحقة (المطلوبين من الدول الأخرى).. هل نلاحق من تطلبه دولة أخرى بغض النظر عن منطقية الملاحقة أو عدمها؟.. يقول لك (إلحق).. تقوم تلحق!
والمؤكد هو أن الملاحقين هم من تطلبهم دول أخرى حتى لو لم يحاكموا لأن المادة (16 الفصل الخامس) من الاتفاقية توضح الأمر بجلاء مثلما قلنا منذ يومين، وهو (تسليم الاشخاص الموجودين في اقليمها، الموجه اليهم اتهام او المحكوم عليهم من السلطات المختصة..).
اذا فالمتهم يلاحق ويضبط ويسلم الى الدولة التي تطلبه قبل ان يحاكم او يدان.
لندع هذه المادة جانبا ولنغص قليلاً في اعماق المادة 3 من الفصل الاول في الاتفاقية، تقول المادة 3.. (تعمل كل دولة طرف على اتخاذ الاجراءات القانونية فيما يعد جريمة، وفقا للتشريعات النافذة لديها، عند تدخل مواطنيها او المقيمين بها في الشؤون الداخلية لأي من الدول الاطراف الاخرى).
هذه المادة لوحدها قادرة على نسف الفكرة الوحدوية الموجودة في مجلس التعاون الخليجي.
انها مادة تعزز عدم التكامل بين الدول وتعزز عدم متابعة شؤون الغير.. وعدم (التدخل) في شؤون الغير دون ان تضع خطوطا واضحة تكشف ماهية هذا التدخل المجرّم!!
هل لو تحدثت ككاتب صحافي مثلا عن دولة خليجية وناقشت امرا داخليا فيها يحق لدولتي ان تلاحقني وتطبق عليّ بنود الاتفاقية الامنية باعتباري تدخلت في الشأن الداخلي لدولة اخرى عضو في الاتفاقية؟
ما هو مفهوم التدخل؟! ألم يكن مطلوباً تحديد معنى التدخل؟.. هل لو تحدثت عن استضافة قطر للمونديال.. تدخلت في شؤونها؟.. هل لو تحدثت عن شؤون الحج والعمرة وفتح المجال الجوي في المملكة العربية السعودية اعتبر متدخلاً في شؤونها؟.. هل لو طرحت وجهة نظر في سياسة دبي او ابوظبي او سياسة دولة الامارات في مشكلة الجزر الإماراتية المحتلة اعتبر متدخلاً؟ وهل لو تحدثت عن البحرين وعلاقتها مع ايران او الولايات المتحدة او حتى مع الكويت اعتبر مجرماً؟!! اعلم ان النص قال ما يعتبر جريمة في تشريعات الدولة، ولكن من يعلم ماذا يفعل الضغط؟ ومن يعلم كيف ستتطور أدوات الاتهام بالتدخل في شؤون الغير، ومن يعلم كيف سيضغط الغير؟!
وهذا النص يقودنا الى تساؤل آخر: هل هو مجلس للتعاون الخليجي لكي تكون اهتماماتنا واحدة كدول وشعوب.. واهدافنا واحدة كذلك؟! أم هو مجرد مجلس للتشرذم الشعبي الخليجي وتعزيز الانفصال بين الشعوب وتحريم .. ثم تجريم (التدخل) في شؤون البعض!.
وبعيداً عن النزعات الانفصالية الحاثة على عدم متابعة شؤون الغير التي تعززها هذه المادة من الاتفاقية، فاننا نجد ان المادة (4) من نفس الاتفاقية تفتح ابواب (الجاسوسية) والغاء الحياة الخاصة والحريات الشخصية حيث تقول.. (تتعاون كل دولة طرف باحاطة الاطراف الأخرى – عند الطلب – بالمعلومات والبيانات الشخصية (نعم الشخصية.. واطلق لخيالك العنان) عن مواطني الدولة الطالبة او المقيمين بها في مجال اختصاصات وزارات الداخلية، يعني من حق الكويت استباحة خصوصيات الاخوة الخليجيين المقيمين فيها او من يزورونها والعكس صحيح إذا زار الخليجيون باقي الدول.
هذا كله عدا عن عمليات المطاردة المنصوص عليها في الاتفاقية، والتي يباح للدول الاعضاء فيها دخول الحدود البحرية والبرية لبعضهم البعض لإتمام المطاردات.. وإذا المطارَد أفلت من مطارديه الاوائل واصطادته الدولة.. عليها ان تسلمه للدولة التي بدأت مطاردته.. ولا يظل عند من أمسكوا به.
الأخ النائب نبيل الفضل.. بعد هذا كله، وبعدما فتحنا لك (الزبيل) الذي تختفي داخله (خبايا) الاتفاقية الامنية التي تحبها.. بعد كل هذا، من حقي أنا أن أسألك: هل قرأت حقاً الاتفاقية الأمنية.. مثلما اتهمت الغير ممن رأوها كارثية بأنهم إما لم يقرأوها.. أو انهم لا يفهمون؟!.
وليد جاسم الجاسم
تعليقات