هزة وسط وطنية! بقلم أحمد الحميدي

زاوية الكتاب

كتب 2404 مشاهدات 0

 أحمد الحميدي

لم أفكر إطلاقاً في أن أكون ضمن مداخلةٍ هاتفيه في برنامج إذاعي يبث مشاعر وطنية زائفه لأنقل التهاني لوطني.
ولم ألتفت للصحف الرمادية التي تعشق الوطن في يوم، وتلعنه في سائر الأيام.

'هز وسطك' لعيون وطنك!
فكل مانعرفة عن يومنا الوطني هو الرقص!
يبدأ هذا اليوم برقصه ذات طابع رسمي لأصحاب البشوت كبروتوكولاً لإنطلاق مراسيم الرقص الوطنية، ثم تُفتح الساحات لإستقبال المواطنين ليثروا هذه الساحة برقصاتهم الإبداعية.
رقصة العرضة صباحاً ، و جمبلوجمبليلي ليلاً، حسب التوقيت المحلي لرقصاتنا الوطنية.
مشهد مؤلم أن تشح مسامهم الجلدية عن إفراز العرق لوطنهم طوال العام، وللرقص تنهمر أجسادهم اللزجة بأسم الوطن.
عذراً على الوصف والموصوف..
سأبدأ من جديد..

سأبتعد عن الشوارع الرئيسية المكتظة بلحوم البشر وفجوات الحفر.
سأترك الشوارع الراقصة على أنين الوطن المنكوب وأهازيج اللامبالاة.

سأبحث عن قهوة رخيصة، في زقاق ضيق، هجره النفاق، وقبع فيه عبق الماضي ورحيق الذكريات.
سأجلس في هذا الممر الضيق برفقة الشكوى والأمل، يسامر بعضنا الآخر.

فقد علمني حُب وطني أني أقبع داخل قلبه، لذا اخترت أن أبقى أناجي الحرمان، لأنه حتماً سيستشعر شكواي.

سأحتفل به وأشكوه على طريقتي الخاصة..

في هذه الليلة الموحشة يختلط التفاؤل عندي بالتشاؤم، من مثلي يؤمن بخلود الوطن؟
سؤال المنعطف الحاد كحد السيف النازل على رقابنا كفيل أن يقلب هذه الليلة رأساً على عقب ، لذا سأتنازل عن سماع الإجابه.

حاصرني سؤالٌ آخر، تثاقلت قدماي الهرب منه...
ايهما أهم..؟
تاجٌ على رأسي أم حذاءٌ يقي قدمي من الأذى!
نحن لم نُخّلق لنمشي على رؤوسنا ، بئساً لأصحاب التيجان الحُفاة.

عذراً.. فقد غبت عنكم للحظات كي أنظم لوطني هذه الكلمات.
أحبك ياوطني القاطن بضفاف النفط المشؤوم، أشكوك عذابي ونسيانك.. فهل تسمع صوتي؟ أم أنك مثلي محروم؟
اعترف بفشل عواطفي تجاهك..
خمسون خريفاً وأنت تعيش الخوف ذاته..
بعد أن أصبح القهر حلاً ، والقمع سنه من سننك ، فلا نستغرب الصمت المقهور والصرخة الإنهزامية.

عندما يزرعون في قلوبنا الرهبة والخوف ويجتثون منها زهور المحبة ، بما أدندن وكيف أرقص؟
لا الرقص ينسيني ولا الفرح يعنيني.

فليسكت الكلام ، لأنني مللت سريالية الأوضاع وكآبة الأحوال.

كما للرضا حالات، فإن للشكوى حالات، وتختلف الشكوى من إنسان لآخر ومن حالة إلى أخرى، بيد أنها تشترك في التعبير عن ما يجهش في النفس من ألآم وأحزان تقل أمواجها وترتفع حسب مؤشر البلوى ومعيار الإبتلاء.

دعوا جراح الوطن لنا وابقوا كما أنتم مع عقلاء المهزله ، أرقصوا - هذا شأنكم - لن يستطيع أحداً منعكم، ولكن لاتحاولوا اقناعنا أن حُب الوطن مرتبط بـ 'هز وسط' أحدكم!

 

الآن - رأي : أحمد الحميدي

تعليقات

اكتب تعليقك