عمل المرأة السعودية بات من أهم مستلزمات الرفاهية والاستقرار.. برأي خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1631 مشاهدات 0


الوطن

أفكار وأضواء  /  البحث عن وظائف نسائية.. في السعودية

خليل علي حيدر

 

كان عام 2012 من أهم سنوات التحول الاجتماعي في حياة المرأة السعودية، واتساع ميادين العمل الوظيفي خارج المنزل أمامها. وإلى جانب دخول آلاف الفتيات تدريجياً مجال بيع المستلزمات النسائية مع بداية العام، وسط صعوبات وتحفظات كثيرة، وضمن خطة «تأنيث المحال النسائية» في الأسواق السعودية، بات المجتمع يتقبل أكثر فأكثر ويشعر بأن عمل المرأة وما يرافق ذلك من زيادة في دخل الأسرة وتحسن المكانة الاجتماعية للمرأة، بات من أهم مستلزمات رفاهية واستقرار الشريحة السعودية خاصة، والتي تعتمد عليها كل دولة حديثة. ولم يعد ثمة مفر من تحديث المجتمع، وإتاحة فرص تحقيق الذات لعشرات الآلاف من رجال ونساء المملكة الذين بعثوا للدراسة في الخارج، أو الذين حصلوا على شهاداتهم من مختلف المعاهد والجامعات ومجالات التدريب بأنواعها. إن المرأة، كما تقول الكاتبة السعودية أمل عبدالعزيز الهزاني، «شريكة في تنمية المجتمع بمفهومه الواسع، فهي شريك رئيس لزوجها في بناء الأسرة، والحياة اليوم لم تعد كما كانت بالأمس، فالتعليم النوعي- الجيد- مكلف، والإنفاق على الصحة والسكن والمعيشة مكلف أيضاً، والحياة الكريمة تتطلب عوناً من الشريكين، ودور الزوجة دور حيوي نراه في أحوال الأسر السعودية التي يتقاسم فيها الزوجان تكاليف الحياة». [الشرق الأوسط، 2012/10/8].
وتحاور الكاتبة معارضي عمل المرأة ودخولها مجالات البيع والشراء، فتقول إن المرأة كانت موجودة في هذا المجال منذ سنين طويلة! فمنذ عقود من الزمن، «والمرأة السعودية تنشر بضاعتها على الرصيف أمام الناس، تبيع وتجادل بكامل حريتها، ومقابل عينيها محل تجاري يبيع فيه عامل أجنبي يستمتع بالتكييف والاضاءة والهدوء». وتضيف الكاتبة: «إن أحداً لم يستنكر كيف للأم أو الأخت أو الزوجة أن تعمل في هذه الطقوس المناخية القاسية في اجواء غير صحية، بلا حماية ولا نظام، ولكن أصوات الاحتجاجات كانت عالية عندما سمحت الدولة بعمل السعوديات في محال السوبر ماركت، حيث تتوافر الأنظمة، والتراخيص التجارية التي تفرض المسؤولية.. قصة السعوديات مع التعليم، نراها تتكرر بحذافيرها مع العمل».
«لقد تأخرت مدارس البنات في مناطق شاسعة من المملكة أكثر من عشر سنوات، وتعطل دخول السعوديات لسوق العمل 40 عاماً، فهل سنختار أن تتجمد قدرات وطنية نوعية مؤهلة من خارج المملكة وداخلها في ثلاجة الجدل الاجتماعي أعواماً مقبلة؟» [2012/10/10].
إن تكاليف البطالة مرهقة جداً للميزانية السعودية، فالدولة تنفق شهريا ما يقارب 1200 مليون ريال كحد أدنى للعاطلين عن العمل من الجنسين، بناء على المكرمة الملكية. وقد قدمت وزارة العمل السعودية لسوق العمل 54 ألف وظيفة للمرأة خلال الأشهر العشرة الماضية، وهي نسبة «تدل على جهد كبير، لكنها غير كافية أمام مليون طلب وظيفة».
إن عمل المرأة في السعودية، يقول عصام خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، «بات حديث المجالس وشغل الناس الشاغل، وأصبح ساحة مناظرة بين مؤيد ومعارض، وجدلا قائما بين بعض فئات المجتمع». وتقول د.عائشة نتو، عضو مجلس إدارة غرفة جدة، إن للمرأة دوراً بارزاً في التنمية الاقتصادية، غير أن معوقات عمل المرأة كثيرة ومتشعبة. فلا بد أن تتغير ساعات العمل في المحال، وأن يكون الدوام فترة واحدة مثل القطاع البنكي.
ومن أهم العقبات كذلك عائق المواصلات، فلابد من توفير المواصلات العامة المنتظمة إذ إن «عودة الفتاة بتاكسي في وقت متأخر أمر يرفضه المجتمع، لكنه أمر واقع في ظل منع قيادة المرأة للسيارات»، والعائق الآخر، أضافت د.نتو، قلة الرواتب وبالذات في القطاع الخاص.
وأضافت أن الرواتب المرتفعة والمناسبة تعد سبباً من أسباب نجاح الموظف في عمله فـ«نجد السعوديين ناجحين في البنوك وشركة أرامكو والشركات الكبيرة التي وفرت لهم رواتب وبيئة عمل ناجحة، فلماذا لا نهيئ بيئة العمل للفتيات».
ورفضت السيدة «ندى الناشف»، المسؤولة في منظمة العمل الدولية، «التمييز في العمل بين الرجل والمرأة، وطالبت القطاع الخاص والحكومة بمساواة الأجور بين الرجل والمرأة». وتضيف أن من أهم استحقاقات المرأة السعودية في العمل توفير وسائل النقل والمواصلات العامة، «نظراً لظروف السعودية الخاصة التي تمنع قيادة المرأة للسيارة». وقالت إن المرأة العربية عموماً، «أقل نسبة مشاركة في القوى العاملة في العالم» [الشرق الأوسط، 2012/7/21].
ومن الدمام كتبت «إيمان الخطاف» لصحيفة الشرق الأوسط، إن اللقاء النسوي الذي أقامته «غرفة الشرقية» في يناير 2012، تحول إلى نقاش مفتوح عن «بطالة المبتعثين» مع حث المسؤولين على سرعة إيجاد فرص عمل لهم، وذلك بعد أن تحدثت مجموعة من الطالبات العائدات من الخارج عن معاناتهن في البحث عن فرص وظيفية، واصطفافهن في طوابير انتظار العمل مع نظيراتهن الخريجات من الجامعات المحلية.
وفاجأت عميدة المعهد العالي التقني للبنات بالمنطقة الشرقية د.ناهد الموسى الحضور قائلة: أثناء عملي فوجئت «بأن الكثير من الجامعيات تخلين عن شهادة البكالوريوس واستبدلنها بدبلوم ما بعد الثانوي والدورات الوظيفية القصيرة لإيجاد وظيفة، بدلاً من انتظار فرص قطاع التعليم وغيرها»، وهنا تساءلت د.آمال الفايز، مديرة إدارة الدراسات العليا في كلية الآداب، لماذا إذن نرسل طلبتنا للحصول على أعلى الشهادات، وكيف نوائم بين الظاهرتين؟ وأبدت مسؤولة قسم التوظيف في غرفة الشرقية «حنان الوابل» ملاحظة قيمة بخصوص هذه النقطة بالقول «لماذا ننتظر دائماً الوظائف؟ نحن في غرفة الشرقية كثيراً ما ننصح الشباب والفتيات بأن يصنعوا أعمالهم بأنفسهم عن طريق المشاريع الخاصة».
وبينت «الوابل» أن الحصول على الوظيفة ليس سهلاً، «فالمنطقة الشرقية أكثر منطقة يحمل أفرادها الشهادات العليا، لكنها الأقل من حيث حجم الطلب الوظيفي. الشركات لدينا تعتمد على المعارف الشخصية في التوظيف، وهذا ما لمسته بنفسي.
ومن ناحية أخرى، فعندما نتحدث عن مدينة صناعية مثل الجبيل الصناعية، فهي لا تضم ولا امرأة عاملة، فممنوع دخول الفتيات للمدن الصناعية، لا كمستثمرات ولا كطالبات عمل». وقالت خريجة مبتعثة متحسرة: «كنت أعمل بوظيفة ممتازة وبراتب يتجاوز 8 آلاف ريال، لكن خسرت وظيفتي لأجل الابتعاث، وحين عدت لم أجد وظيفة ولو بنصف راتبي السابق. طرقت أبواب كل القطاعات الحكومية والخاصة ولم أجد من يوظفني».
وقارنت د.الموسى بين تكاليف الابتعاث ومردوده، وتناولت مصاريف برنامج الابتعاث السعودي فقالت: «تكلفة الرواتب الشهرية 42 مليار ريال، تكلفة رسوم الجامعات نحو 18 مليار ريال، وبذلك تكون التكلفة الإجمالية للابتعاث أكثر من 60 مليار ريال»، وكانت وزارة التعليم العالي السعودي قد أوضحت أن أعداد المبتعثين لخارج المملكة ارتفع إلى 70 ألف مبتعث مقابل 14 ألفا فقط قبل 4 سنوات، كما أفادت الوزارة أنها ستزيد عدد المبتعثين في الخمس سنوات المقبلة ليصل عددهم إلى 140 ألف طالبة وطالب. [2012/1/5].
ومن الصعوبات الاجتماعية التي تعاني منها الموظفة السعودية «موافقة ولي الأمر» على توظيفها. وقد انتقد د.خالد باحاذق الاستشاري الاجتماعي والنفسي، اشتراط الجهات الحكومية والخاصة موافقة ولي الأمر لقبول توظيف المرأة. وقال د.باحاذق إن «هناك الكثير من النساء فقدن عملهن سواء في البنوك أو حتى الجامعات على خلفية سحب ملفاتهن الوظيفية من قبل أزواجهن نتيجة حدوث خلافات عائلية، وهو ما يدفع ببعض الرجال إلى التوجه لمقر عمل زوجته و المطالبة بذلك من منطلق رفضه لعملها» [2012/10/14].
وفي محاولة لجذب السعوديات للعمل في مجال عاملات النظافة، وتجنب نظرة المجتمع لمثل هذه المهن، عمدت إحدى الجهات إلى تغيير المسمى الوظيفي من «عاملة نظافة» إلى «صديقة بيئة»، حيث تم توقيع عقود وظيفية تحت هذا المسمى، مبررة ذلك «بمراعاة شعور الفتيات اللاتي قابلن هذه الخطوة بحفاوة وإقبال كبير»، كما أوضحت المديرة في مركز «عطاء الخير» في الخبر، حيث تم الاتفاق مع جامعة الأمير محمد بن فهد على توظيف 30 فتاة تحت مسمى «صديقة بيئة».
وتابعت بالقول: «تم تبني وتوظيف 30 فتاة، وهذا الأسبوع قابلنا الفتيات وكن متحمسات جداً للعمل لأن راتبهن سيكون 3000 ريال أي 800 دولار». [الشرق الأوسط 2012/11/28]. وأعلنت الجهات المسؤولة إمكانية الاستعانة بالمرأة السعودية في الدفاع المدني بينما تم رفض قبولها كمضيفة للطيران، «لأنها وظيفة تسمح بالاختلاط مع الأجانب داخل الطائرات»، مع إمكانية توظيفها في مجالات إدارية أخرى [القبس، 2012/12/12].
وكانت وزارة الخارجية السعودية، كما كتبت هدى الصالح في 8 فبراير 2012 في الشرق الأوسط، قد «بدأت بتعيين سعوديات في وظائف دبلوماسية في مختلف التخصصات الأكاديمية، وذلك بمختلف إدارات الوزارة. ووفقاً لما ذكره أحد المسؤولين السعوديين، فإن الامتيازات الدبلوماسية لا تفرق بين الرجل والمرأة». وأضاف «أسامة النقلي»، المتحدث الرسمي للوزارة، أن القسم النسائي بوزارة الخارجية وللأسف الشديد بدأ متأخراً عن بقية الدولة. وأضاف أن عدد الموظفات يقارب المائة موظفة في مختلف الأقسام والإدارات، «منوهاً بوجود مكاتب مستقلة خاصة بالنساء على غرار بقية أجهزة الدولة، تتمتع بالخصوصية، لتمكينهن من اداء الأعمال المناطة بهن وفق تعاليم الدين الإسلامي، إلا أن الانفصال في المكان لا ينطبق بالتأكيد على طبيعة العمل الذي يشترك فيه الجميع حسب الاختصاص».
وفي المجال السياحي، أعلن نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، 2012/11/19، «عن وجود ما لا يقل عن 500 ألف وظيفة نسائية في قطاع السياحة» ففي مجال الفنادق مثلاً فرص كثيرة، إلا أن التوظيف النسائي في هذا المجال «بحاجة إلى تشجيع من قبل القطاع الخاص»، وأشار إلى وجود أعمال متعلقة بمجال الفندقة تضمن خصوصية المرأة فضلا عن قيام الهيئة بتهيئة تلك البيئة المناسبة للتوظيف النسائي». وقال إن خطط السعودة في القطاع السياحي «ستساهم بشكل كبير في توفير الفرص الوظيفية للذكور والإناث على حد سواء». وأضاف: «يحوي القطاع السياحي أيضا فرصا كبيرة للاستثمار النسائي في ظل الترخيص حاليا لعدد من المستثمرات، إضافة إلى بدء ظهور الفنادق النسائية التي كان أولها فندق نسائي بالكامل في الرياض، فضلا عن شركات سياحية نسائية توفر الخصوصية الكاملة للنساء».

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك