ارقصوا وافرحوا وامرحوا!!! بقلم محمد رحيم المطيري

زاوية الكتاب

كتب 2802 مشاهدات 0

محمد رحيم المطيري

لايزال منظر العقيد القذافي عالقاً في ذهني وهو يطل على جماهيره الذين لا يتجاوز عددهم مائة بائس على أحسن تقدير بما فيهم الحرس الثوري، وقد احتشدوا تحت أسوار الساحة الخضراء، ليطلق جملته الشهيرة بوجوههم بصيغة الأمر 'افرحوا وارقصوا، غنوا وامرحوا'، لتتحول بعدها عدسة الكاميرا تلقائياً إلى ذلك الشخص العجوز وهو يتمايل ملوحاً بعصاه للأعلى في وجه الكاميرا، لا يُعرف إن كان يرقص فعلاً أم أنه تعرض لنوبة صرع شديدة نتيجة نشاط كهربائي زائد في خلايا الدماغ، لتنحرف بعدها الكاميرا قليلاً إلى ذاك الإفريقي الأسمر المتمسمر في مكانه والبادية عليه علامات الدهشة والبلاهة في آنٍ واحد وهو يرفع صورة عقيده المخبول بينما أبواب الجحيم تحيط بالمكان من كل جانب ودخان البارود يعتلي رؤوس أولئك التعساء في مشهد غريب اختلط فيه الضحك بالبكاء، مشهدٌ أقرب مايكون إلى الكوميديا السوداء منه إلى أي شيء آخر.
نحن اليوم مطالبون من قبل المسؤولين بالاحتفال-مع فارق التشبيه طبعاً- وأن نرسم على وجوهنا ابتسامة عريضة بقدوم شهر الاحتفالات،
لكن السؤال هنا نحتفل ونفرح بماذا؟!
أنفرح بمآسي البدون ومطالبهم بحقوقهم المسلوبة منذ ما يقرب من خمسين عاماً وعلى رأسها التجنيس؟
ولو أنهم طالبوا بصكوك الغفران بالعصور الوسطى لحصلوا عليها!
(صك غفران مادة أولى) مع قبلة من البابا سيركيوس ، أم نحتفل بتجار اللحوم الفاسدة الذين حولوا بطوننا إلى مكب نفايات وجعلوا منها منفى لكل كلاب وحمير العالم ،أم نحتفل على وقع صرخة المذيع يوسف بعد أن اخترقت حاجز الصوت والمفرقعات معاً وهو يقول بحماس غير مبرر ( مبروك ياكويت ، دخلتي موسوعة غينيس لأطول طابور انتظار للطلبات الإسكانية في العالم ).
أو نحنتفل بالإعتقالات العشوائية التي باتت جزءاً من حياتنا اليومية .

ثم عن أي احتفالات وفرح تتحدثون وأنا لا أرى أي مظهر للفرح سوى فرح تحمل بيديها حقائبها مغادرة البلاد والإبتسامة تعلو محياها مع تزامن العطل الرسمية في رحلة سنوية أشبه ماتكون برحلة طائر لبى نداء الطبيعة.

سنحتفل ياسادة ولكن على طريقتنا الخاصة ، سنحتفل بمحاربة الفساد بكل أشكاله، سنحتفل برفع الظلم عن إخواننا البدون الذين عانوا ماعانوا من قهر وسلب لأبسط الحقوق ،سنحتفل بإصلاحات دستورية يتفق عليها الجميع وتمتلك أدوات محاسبة حقيقية تحفظ مقدرات البلد ومصالحه في ظل وجود فوائض مالية غير مسبوقة ، واختلاسات وسرقات أيضاً غير مسبوقة .
ثم أن التعبير عن حب الوطن لايعني بالضرورة أن أرفع الأعلام بالساحات والطرقات وأعرقل حركة السير أو أن أزور معرض كويتي وأفتخر لأحظى بقطعة ( كب كيك) مكوناتها الأساسية مستوردة، أو أن أهرول إلى المولات التجارية لأستغل موسم الخصومات هناك .. حب الوطن أسمى من كل هذا بكثييير.

الآن - رأي: محمد رحيم المطيري

تعليقات

اكتب تعليقك