حسن العيسى يرى أن تونس هي نبراس الربيع العربي

زاوية الكتاب

كتب 928 مشاهدات 0


الجريدة

تعالوا إلى كلمة سواء

حسن العيسى

 

بصرف النظر عن مآل دعوى حل جمعية الإصلاح الاجتماعي، التي أقامها أحد المحامين بحجة ممارسة الجمعية للعمل السياسي -وهي لا تتفرد بتلك الممارسة- فالقدر المتيقن الذي يفترض الاتفاق عليه، هو رفض كل عمل ينطوي على استبعاد الآخر المختلف معنا، والقول بغير ذلك لا يعني غير الاستبداد، وفرض الرأي الواحد، ونفي للحرية والديمقراطية، ولا معنى أن يتحجج البعض بمقولة لا حرية لأعداء الحرية، وهي بالمناسبة مقولة روسبير، أحد رواد الثورة الفرنسية في بداياتها، وزعيم من زعماء سنوات الإرهاب، تحت مظلة مثل هذا الشعار يمكن ممارسة شتى أشكال القمع بحجة بناء الحريات والديمقراطية، وهذا ما يحدث اليوم في مصر بعد الانقلاب الأخير، وقيام العسكر هناك بقمع الإخوان ومن يناصرهم، ووصم الجميع بتهم الإرهاب، والنتيجة المؤكدة خلق الإرهاب على أرض الواقع، وهذا ما يحدث الآن في مصر.
ليس سراً أن جمعية الإصلاح الاجتماعي هي الإطار الرسمي 'غير المعلن' لحزب الإخوان المسلمين في الكويت، ولم يكن موقف الجمعية مبدئياً لقضية الحريات والديمقراطية حين حلت السلطة 'نادي الاستقلال' القومي - اليساري بعد حل برلمان 76، وفضلت الجمعية حينها مهادنة السلطة والسير في ركابها، لكن ذلك لا يعني أن نبقى أسرى التاريخ، ونبحث عن أسباب للثأر من مواقف قديمة، أو التشفي مما حدث في زمن مضى. تلك مسألة مبدئية، ولا يصح الحياد فيها، فالزمن يتبدل، ويمضي معه التاريخ للأمام والمواقف تتغير تبعاً له.
في المقابل، من غير المقبول أن تصدر تصريحات متشنجة منسوبة للجمعية ومن يناصرها كرد فعل على الدعوى القضائية لحل الجمعية، تصم الآخرين دون تمييز بالعلمانية والليبرالية، وكأنها جرائم لا تغتفر، فمن غير المفهوم أن تؤيد حركة الإخوان إقرار الدستور التونسي، الذي يؤكد مدنية الدولة، بما يعني رفض الدولة الدينية المتسلطة من جهة أو الهيمنة العسكرية من الجهة الأخرى، بينما نجد في ردود الفعل على الدعوى القضائية مما لا يتوافق مع الرأي التقدمي لبعض أنصار حدس المناصر للدستور التونسي، فليكن مثل هذا الدستور نموذجاً يقتدى به سواء للإخوان أو لغيرهم، مثل ذلك الدستور الرائع يبقى القدر الثابت والأصيل نحو عالم التقدم والديمقراطية في دنيا التعاسة العربية، لنتفق عليه، ولنتوافق على مضامينه، فحزب النهضة بتونس ضرب مثالاً رائعاً في مفهوم التسامح والتنازل عن هيمنة الأكثرية، لتسير السفينة التونسية نحو الأمام، ولتظل تونس نبراساً للربيع العربي بعد انتكاسات محزنة في معظم أقطار هذه الأمة، لنتفق على ذلك ولننته.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك