الشباب أكثر المتضررين من القوانين البالية.. بنظر عبد العزيز التويجري

زاوية الكتاب

كتب 638 مشاهدات 0


القبس

براءات اختراع.. خاصة بشبابنا

عبد العزيز التويجري

 

أوقف شرطي مرور في إحدى الدول العربية طبيبا بحجة أنه خالف أنظمة المرور، وبعد أن حرر له المخالفة سأله عن مهنته فأجابه بأنه طبيب.. ثم طلب منه الشرطي ان يمضي على محضر المخالفة، وهو يسأله ببلاهة: «هل توقّع أم تبصم يا دكتور؟!» فاستهجن الطبيب ذلك قائلا: كيف تسألني هذا وأنا طبيب؟! فرد الشرطي: لا علاقة لي بكونك طبيباً أو غير طبيب، فالقانون يحتّم عليّ أن أسأل اي مواطن يرتكب مخالفة هذا السؤال!

في مشهد بيروقراطي متخلّف آخر، اكتشفت أجهزة الرقابة والتفتيش في أحد البلدان العربية فقدان مبلغ بسيط من خزينة أحد الموظفين المشهود لهم بالنزاهة، فاحتار المفتشون في أمرهم، خصوصا أن المبلغ بسيط جدا، ولا يغري بالـ«بوق»، وحين سألوا الموظف عن سر ذلك قال لهم إنه يوجد لديه قرار منذ ايام الحكم العثماني (الذي خرج من بلادنا منذ زمن) يقضي بتحويل مبلغ قدره عشرة قروش شهريا الى الباب العالي في الاستانة، أي في تركيا حين كانت تحكم العالم العربي، وانه حرصا منه على تطبيق القانون، فقد التزم بهذا القرار حتى بعد مرور ما يقارب مائة عام على خروج الأتراك من بلادنا، حيث لم يصدر أي قرار جديد بإلغاء القرار السابق!

هذان النموذجان من الجهل والتخلّف منتشران بكثرة في معظم بلادنا العربية، التي تحتاج معظم قوانينها الى تحديث، والمشكلة ان اكثر المتضررين من هذه القوانين البالية هم فئة الشباب، الذين يصعدون أفق الحياة ممتلئين طموحا وحيوية ونشاطا، ثم ما يلبثون أن يصطدموا بصخرات الواقع.. فخريج العلوم قد يجد وظيفة في مصلحة الري، وخريج «آداب» اللغات الأجنبية النادرة، سيكون حظه وافرا لو حظي بوظيفة ادارية في مكافحة القوارض.. ثم تذهب الى الدوائر الرسمية فتجد الموظفين الشباب مكدسين كملفات المرور القديمة، يعلوهم غبار الملل.. والمشكلة الحقيقية هنا هي عدم وجود آلية للتطوير الاداري، من شأنها ان تبتكر نمطا جديدا من العمل يقوم به هؤلاء، بل هم مجرد آلة ميكانيكية تتحرك من الساعة الثامنة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، ثم تتوقف.

وحتى لا نكون ظالمين لشبابنا، فكذلك لدينا شباب مبتكرون، تجدهم في شارع الخليج يبتكرون كل يوم أسلوبا جديدا للمغازلة والترقيم! ولدينا براءات اختراع يحتكرها شبابنا بجدارة، منها: المشي على «تاير» واحد «بالسيكل».. ومنها مهارات فردية في قذف أرقام الهواتف من نافذة السيارة الى نافذة اخرى مجاورة من دون ان تسقط الورقة على الأرض.. وافكار وافكار نتحدى بها شباب دول العالم المتقدم، والذين لا نقلّ شأنا عنهم في التفكير، فهم -مثلا- يمضون الوقت يفكرون في اختراع جديد، ونحن -كذلك- نمضي الوقت بالتفكير في كيفية شراء هذا الاختراع الجديد!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك