هل إرهاب المسلمين والعرب يتم بالسلاح وحده؟!.. خليل حيدر متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 1187 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  إصلاح.. 'جمعية الإصلاح'

خليل علي حيدر

 

مع صدور قرار الحكومة المصرية باعتبار «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية، وجدت «جمعية الإصلاح الاجتماعي» الكويتية نفسها في وضع صعب، حيث لم ينحصر الارتياب بحقيقة أهداف «جماعة الإخوان» بالدولة المصرية، بل بات موقفاً خليجياً علنياً، وبخاصة ما تعلنه دولة الإمارات العربية المتحدة وما صدر عن المملكة العربية السعودية قبل سنوات من تصريحات ومواقف حالية.
وقد بادر رئيس «جمعية الإصلاح الاجتماعي» في الكويت، السيد «حمود حمد الرومي» بالقول إن الجمعية «ليست فرعاً من الإخوان المسلمين ولا تمثلهم»، وان «جمعية الإصلاح الاجتماعي جمعية كويتية خيرية تشرف عليها وزارة الشؤون» [الوطن، 2013/12/27].
أما السيدة خولة العتيقي، الكاتبة الإسلامية المعروفة، وعضو مكتب الأمانة العامة «للحركة الدستورية الإسلامية»، فتوقعت ألا يؤثر قرار الحكومة المصرية في «الإخوان المسلمين» في الكويت. وقالت في تصريح للصحيفة نفسها، «من الممكن أن يؤثر في الإمارات أو السعودية، لكن لا أعتقد أن يكون له أي تأثير في الكويت، فنحن معروفون وواضحون، وعمل الإخوان معروف والحكومة الكويتية تعرف كل شيء ولا يخفى عليها شيء»، واعتبرت أن القرار «يبين يأس الحكومة المصرية الانقلابية»، وقالت إن «الناس أصبحت متعاطفة مع الإخوان المسلمين»، وان «الانقلابيين يلفظون أنفاسهم الأخيرة».. في مصر!
هل الحكومة الكويتية تعرف كل شيء عن الإخوان؟ ربما!
ثم عاد رئيس الجمعية في اليوم التالي، فشدد في بيان جديد، على أن «جمعية الإصلاح جمعية نفع عام كويتية تخضع للقوانين الكويتية، وليست لها تبعية قانونية أو تنظيمية لأي تيار أو حزب داخل الكويت أو خارجها».
غير أن رئيس الجمعية تحدث عن جانب آخر من جمعية الإصلاح قد يثير الجدل حيث قال: «إن الجمعية تتبنى الفكر القائم على كتاب الله وسنة رسوله، وتتوافق مع فكر «الإخوان المسلمين» الذي نادى به الشيخ حسن البنا- رحمه الله- والذي يُعتبر في رأينا فكراً أصيلاً قائماً على الأسس والمرجعية ذاتها» [الوطن، 2013/12/28].
إن مناقشة هذه التصريحات وما ورد فيها، وبخاصة مساواة فكر الإخوان المسلمين بـ«الفكر القائم على كتاب الله وسنة رسوله»، يدخلنا في نقاش طويل ليس هذا مكانه، وبخاصة أن ما كل مسلم يوافق السيد «الرومي» على هذه «الفرضية». فقد خاض مرشد الإخوان «حسن البنا» حياة حافلة، ودخل في صراعات سياسية كثيرة، وتبنى اجتهادات ثم تخلى عنها، وقال وصرح وكتب الكثير في صحافة الإخوان وغيرها، كما أننا لا نملك سجلاً دقيقاً بكل مواقفه وأسراره وعلاقاته برجال وقوى عصره، فهل يُعد كل هذا فكراً وسلوكاً «أصيلاً»، يتطابق مع المرجعية الإسلامية؟ وهل يجيز الإسلام كل ما قال وكتب وكل مناوراته السياسية؟
نترك هذا كله للباحثين، لنتحدث عن «جمعية الإصلاح الاجتماعي» نفسها التي يُشار إليها في التصريح باعتبارها مجرد «جمعية نفع عام» هادئة تخضع للقوانين الكويتية ولوزارة الشؤون. والكل يعلم أن «جمعية الإصلاح الاجتماعي» أكبر بكثير من ذلك وأوسع نشاطاً وأعمق جذوراً من وزارة الشؤون نفسها، بل وحتى الاستقلال والدستور نفسه! بحكم أن على رأس مؤسسيها نفس التيار والجماعة التي أسست «جمعية الارشاد» مع بداية نشاط الاخوان المسلمين في الكويت قبل أكثر من ستين عاماً، وكذلك بحكم مواقف الجمعية منذ 1961 وعدد هائل من المنشورات والكتيبات وحملات التبرع والمساندة الانتخابية وغيرها!، كما يؤكد رئيسها في هذا التصريح علاقة الجمعية العضوية والفكرية بتيار الاخوان المسلمين وتراث مرشدها حسن البنا، وما بعد الاعتراف دليل! فهل كل هذا يتطابق مع قانون جمعيات النفع العام في الكويت؟
إلى جانب هذا كله، تتولى الجمعية إصدار مجلة اسبوعية هي «المجتمع»، منذ عام 1970، والمفترض أن تكون هذه المجلة مخصصة «للمقالات الاجتماعية» ومشاكل الأسرة والشباب وغيرها، لتكون رسالتها منسجمة مع أهداف الجمعية واسمها. أما الواقع فشيء آخر!
فالمعروف عن هذه المجلة الواسعة الشهرة في أوساط الإسلاميين والإخوان خاصة أنها في الواقع «مجلة الإخوان الدولية»، منذ سنين طويلة. ولا توجه إدارتها مقالاتها ومحتوياتها إلى القارئ الكويتي بل إلى متشددي الاخوان و«معتدليهم» في كل مكان. ولعل الانترنت، وفهرس المجلة الذي ظهر في الذكرى الثلاثين لصدور المجلة خير شاهد على مواضيعها السياسية والحزبية ومواقفها المثيرة للجدل.. كي لا نقول أكثر!
وتقول «المجتمع» عن نفسها بأنها «مجلة المسلمين في جميع أنحاء العالم». غير أنها في الواقع منشور عقائدي حزبي بحت، لا مجال فيه لغير فكر الإخوان المسلمين وآرائهم وكُتّابهم ومواقفهم من كل قضية، وفتاواهم وقصص اضطهاد دعاتهم.
ولم تُوفق «المجتمع» يوماً، ربما رغم محاولات رؤساء تحريرها مثل د.اسماعيل الشطي ود.محمد البصيري، في أن تكون أكثر انفتاحا وتقبلاً للرأي الآخر.
ولهذا بقيت بعيدة عن أن تكون «مجلة لكل المسلمين»، أو مفتوحة لكافة التيارات والجماعات الإسلامية، أو أن تكون ميداناً للحوار بين المفكرين الإسلاميين، أو مناقشة الأفكار الجديدة بشكل راق متعدد الرؤى مُغذ للثقافة الإسلامية نفسها. فعلى العكس، كانت «المجتمع» على الدوام بيرق الإخوان، ومجلة حزبية عقائدية ايديولوجية جافة، لا تعترف إلا بفكر ومنهج الاخوان، وربما الاخوان المصريون وحدهم، بل وربما جناح معين داخلهم! وكم شنت من هجمات على فكر د.حسن الترابي، المتمرد على التنظيم الدولي للإخوان، وعلى أفكار كل من يقترب من «ثوابت الجماعة»، التي تساويها «الجمعية» و«المجلة» بالإسلام نفسه، قرآناً وسنة! ولم يفلح أحد في إقناع هؤلاء جميعاً بأن للقرآن خمسين تفسيراً وللحديث النبوي تفاسير ومدارس واجتهادات أكثر، وأن الدنيا أعرض بكثير من.. الإخوان المسلمين!
ولا شك أن هذا التيبس الفكري والجفاف السياسي والتعصب الحزبي، قد أفقد المجلة الكثير من القراء في الكويت وربما غيرها، كما أن مجلة «الفرقان» السلفية للأسف، ماضية على الدرب نفسه، وكان لهما موقف معارض لنشر صورة أي امرأة بما في ذلك المحجبة، وبما في ذلك «المرأة الكافرة»، ولا أدري إن كانتا اليوم أكثر تسامحاً. غير أن في المجلتين، كما لا يخفى، مقالات كثيرة عن «المرأة المسلمة اليوم ومكانتها»، ومقالات عن «واجبات المرأة الداعية» وغير ذلك لمجرد الاستهلاك النسائي ورغم ضخامة عدد المسلمين والمساجد والجمعيات الإسلامية في أوروبا وأمريكا، إلا أن كلا «المجتمع» و«الفرقان»، ترددان على الدوام الحديث عن ضرورة إزالة الكنائس ومنع بنائها في الدول الخليجية والكويت خاصة، مهما كان عدد المسيحيين الآسيويين مثلاً. وتتحدث المجلتان منذ صدورهما عن «مخاطر التبشير»، رغم أن عدد المسلمين يقترب من المليارين، ورغم أن من تحول إلى المسيحية من المسلمين الخليجيين أقل حتى من أن يُعدوا على الأصابع!.
وتقف المجلتان دائماً ضد أي تطوير حقيقي حتى للثقافة الإسلامية وتحديثها لتناسب القرن الحادي والعشرين، ولتتخلص من فتاوى القرون الماضية المدمرة لحياة المسلمين في هذا العصر. ونحن نعلم أن الجمعيات الإسلامية في الكويت قد لا تخزن السلاح ولا تدعو للعنف علناً، ولكن هل إرهاب المسلمين والعرب المعاصرين.. يتم بالسلاح وحده؟

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك