هل 'حدس' مستقلة عن الإخوان؟!.. سؤال يطرحه ويجيب عنه خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1065 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  هل 'حدس'.. مستقلة عن الإخوان؟

خليل علي حيدر

 

تؤكد جماعة «حدس» - «الحركة الدستورية الاسلامية» في الكويت - في كل مناسبة، انها جماعة منفصلة تنظيميا عن الاخوان المسلمين والتنظيم الدولي للاخوان، بمعنى انها جماعة مستقلة ترسم سياستها بإرادة اعضائها ولا تلتزم بأي إملاءات من الاخوان في الخارج.
وقد يكون هذا صحيحا، ولا ترتبط حدس تنظيميا بالاخوان المسلمين المصريين خاصة، ولكن من المعروف ان قضية الاستقلال عن الجماعة الأم في مصر والتنظيم الدولي ليست ظاهرة جديدة ولا تعني الكثير على صعيد الواقع. ولعل اكثر جماعات الاخوان معايشة لهذا الخلاف والانفصال الاخوان المسلمون في السودان، حيث نرى تفاصيل دقيقة لهذا الصراع بين اخوان مصر والسودان في كتاب د.عبدالله النفيسي، «الحركة الاسلامية: رؤية مستقلة»، في بحث مطول للدكتور حسن الترابي، زعيم الاخوان والاسلاميين السودانيين.
وكانت الاتصالات بين القيادات المصرية والسودانية «غالبا بغير تدبير نظامي أو صيغة مرسومة». وفي المرحلة الثالثة من هذه العلاقة وقع الخلاف حيث «خرج القادة الاخوان المصريون وعرضوا على السودان وسواه الرجوع الى علاقة توحيدية تضع التنظيمات في مختلف الاقطار بل الامصار موضع الشُّعَب التابعة رأساً للقيادة بمصر». وسرعان ما «اخذ التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالقيادة المصرية يشترط البيعة والاندراج التنظيمي الكامل، ويُعبِّر عن ضيق شديد جدا بالتباين بينه وبين السودان في الافكار والمناهج الحركية، ثم عمد – حين انشقت طائفة محدودة عن اخوان السودان – الى ضم المنشقين، وبذلك تأسست القطيعة بل تطورت من بعد في الثمانين – 1980 – بالاصرار على عزل السودانيين من التنظيمات المنسقة والموحدة في مواطن الاغتراب بالبلاد العربية واوروبا». (ص78 – 81).
ونحن نرى هنا كيف يأخذ التنظيم الدولي واخوان مصر قرارهم بلا رحمة، حيث تقبلوا «المنشقين» عن التنظيم الأم، ولم يطالبوا بـ«ضرب عنق» أي منهم، والتفوا، كما الافعى، حول اخوان السودان الآخرين، جماعة الترابي، المتمردين على طاعة اخوان مصر والتنظيم الدولي.
عانت جماعة «الترابي» لبعض الوقت من العزلة، ولكنها وجدت العزاء في بناء وتوثيق العلاقات مع الاخوان والجماعات الاسلامية عن طريق النشاط الطلابي، وتنظيمات الحركة المتخصصة وبخاصة في اوروبا.
يقول د.الترابي: «كانت حرية بعض هذه التنظيمات في الامتداد الخارجي أوسع، لما لوظائفها من مغزى محدود لا يثير ريبة في التقبل أو التعامل. فالدول لا تبالي والشعوب لا تحاذر من منظمة طلابية أو نسائية أو دعوية أو خيرية أو اقتصادية تمتد وراء حدودها، أو ذات بعد عالمي، تتصل بنظيراتها أو تؤدي خدماتها أو تلتمس الدعم العالمي».
ولكن الى أي مدى طوّر د.الترابي استقلاليته عن الاخوان واساليبهم؟ لقد تحالف مع الانقلابي جعفر النميري، ثم شارك في انقلاب يونيو 1989 الاخواني – العسكري مع الجنرال عمر البشير، ولعله يتوثب اليوم لانقلاب جديد فور اعتقال البشير.
الاستقلال والانفصال عن جماعة الاخوان الأم في مصر، أو الابتعاد عن التنظيم الدولي للاخوان المسلمين لا يكفي. فالاخطر من الرباط التنظيمي الالتزام الفكري والعقائدي بأفكار وكتب ومناهج الاخوان المسلمين، والبناء الحزبي السري الغامض الذي لم يعد منسجما مع المجتمعات الديموقراطية والشفافية السياسية. هل المنتمون الى جماعة «حدس» في الكويت، أي الحركة الدستورية الاسلامية كويتيون أولاً أم اخوان أولاً؟
هل يعطون الاولوية لمصالح الكويت مثلا، أم الاولوية للتضامن مع الاخوان في كل مكان، والدفاع عنهم ظالمين مظلومين؟!
هل ينظر اعضاء «حدس» الى المصلحة العربية مثلا في تطورات الثورة المصرية، ويبحثون عن اساليب تحقيق الاستقرار فيها، أم يعطون الاولوية للتضامن مع جماعة «الاخوان المسلمين» في مصر، والتي يقول الكويتيون في «حدس» انهم منفصلون مستقلون عنها؟ لابد لحدس من ان تنتبه وكتابها ان ينضجوا!
ما الذي سيقوله الزميل الموقر مبارك الدويلة أو الشيخ د.عجيل النشمي وعموم اعضاء حدس ان غيّر اخوان مصر مثلا سياستهم، واعتذروا بعد شهر أو شهرين للشعب المصري، أو حدث انشقاق واسع في الجماعة؟
لماذا لا تقف «حدس» وكتابها وانصار حدس على الحياد بين الحكومة المصرية والاخوان، أو يحاولوا ان يكونوا وسيط فهم وتصالح، بدلا من المطالبة بضرب عنق السيسي وربما غيره ممن سيترشح للرئاسة أو لعضوية البرلمان؟ وهل هناك من يصدق حقا امكانية عودة د.محمد مرسي لرئاسة مصر، وعودة عقارب ساعة التاريخ، وربما اعتقال الفريق السيسي أو ضرب عنقه، دون ان تدخل مصر والشرق العربي كله في حرب اهلية وموجات عنف واغتيالات وفوضى سياسية مريعة؟
ان «حدس» المنفصلة عن اخوان مصر والمستقلة عن جماعتهم لابد ان تنتقل من الانفصال التنظيمي الى الاستقلال الفكري عن هذه الجماعة، وألا يحاول الكاتب الحدسي أو النائب البرلماني أو غيره ان يدعي الانفصال عن تنظيم الاخوان ويبقى مدافعا عنهم وعن مواقفهم وسياساتهم لمجرد انهم من الاخوان، فكما يقال دائما، لا يمكن ان تأكل كعكتك وان تحتفظ بها في الوقت نفسه.
انظروا مثلا كيف اختلفت نظرة اخوان العراق عن نظرة اخوان مصر في التعاون مع التدخل الامريكي واسقاط النظام السياسي في العراق سنة 2003، حيث غضب اخوان مصر من هذه العملية، بينما رحب بها اخوان العراق وشاركوا في العملية السياسية، وسط غضب جماعات الاخوان في الاردن وغيرها.
وانظروا كيف تفاهم الاخوان السوريون بعمق كبير مع الرئيس صدام حسين ونظامه رغم ان نظامي سورية والعراق يتبعان نفس منظومة الافكار القومية والثورية. وقد تخلى اخوان سورية عن عناصر اساسية في فكرهم للتحالف مع صدام ونسيان جرائمه بحق كل العراقيين.
استقلالية حدس قضية أعقد بكثير من مجرد شعار انتخابي أو تصريح اعلامي.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك