مجتمعنا متكرش بالنفاق والرياء.. هذا ما يراه جعفر رجب
زاوية الكتابكتب يناير 16, 2014, 12:41 ص 680 مشاهدات 0
الراي
تحت الحزام / صورني وأنا متواضع
جعفر رجب
مفهوم ان يقوم السياسي سواء كان زعيما او وزيرا او نائبا بتمثيل دور محب الطبقات الكادحة، فيصور وهو يحمل مكنسة وينظف الشارع معهم، او يحمل منجلا مع الفلاحين، او يجلس ويصور مع البسطاء... من اجل ان يرفع نسبة شعبيته... ومن طبع السياسي ان يكون نصابا، يخترع الاكاذيب ويروّج لنفسه دور البطولة الوهمية!
ومفهوم ان يقوم نجوم التمثيل والغناء ايضا بهذه الادوار بين الحين والاخر، ويصورون في مخيم لاجئين في السودان وسورية وافغانستان، فالفنان المتهم دائما بالانحلال الاخلاقي لابد ان يغير صورته من خلال بعض الصور الانسانية... وكلما اقترب موعد فيلمه يزيد من نشاطه الانساني!
ومفهوم ان يقوم كهنة الفضائيات حفظهم الله، وجعلهم هداة لهذه الامة، بالتصوير مع من يكنس في الحرم - كونه متواضعا-، او يقبل عامل نظافة «وصوروني وانا ما ادري» او يغرد عن العمال والمساكين والفقراء وهو لم يدفع لهم فلسا في حياته، وسيارته التي يقودها تساوي ثمن قرية كاملة، والساعة التي بيده تشبع قرية كاملة لمدة قرن كامل... ومن طبع تجار الدين ان يلبسوا رداء الزاهدين ويزايدوا على المساكين!
غير المفهوم هي موجة «صورني وانا ما ادري» التي اصابت الشعب الخليجي الشقيق، فخلال اسبوع هلت عليّ صور ولقطات منوعة عن مواطن يعطي عامل نظافة بشته ليقيه البرد، وآخر يجلس مع العمال ويأكل معهم، وثالث يجلس في سيارته «الكشف» عاملا فقيرا ويشتري له وجبة همبرغر مع ابتسامة عريضة... والكل سائر على درب الرياء والنفاق الاجتماعي، والعمل الانستغرامي الخيري.
الغريب انه ذات المجتمع الذي صفق للامن وهو يضرب الافريقيين كونهم غرباء وسحرة ومشعوذين وقتلة، وهو ذاته الذي يعتبر كل بنغالي لصا، وهو ذاته الذي يمارس العنصرية في التعامل مع الوافدين بأشكالهم وألوانهم كافة، ويسن قوانين التمييز تحت بند العادات والتقاليد والاعراف والقيم الاجتماعية... المجتمع الذي زايد على الجميع في بلدانهم على الديموقراطية والثورة، حاليا يعيش موضة التواضع والانسانية مع الوافدين الفقراء من خلال تصويرهم بأوضاع بائسة مع ابتسامة عريضة من المواطن المحسن!
مجتمع متكرش بالنفاق والرياء، يبررون حماقتهم بغطاء نشر الخير والاحسان، وتشجيع الناس عليه، وكأن الخير هو ان توقف عامل النظافة وتعطيه خبزة ثم تصوره وتفضحه في «الانستغرام»، او تصور معهم صورة جماعية وكأنك تمنن عليهم احسانك بالتصوير معهم... ولكنهم معذورون، فهم جيل تربى على يد رجال ملتحين يحبون الكاميرا اكثر من حبهم الآخرة!
استغفر الله على اتهاماتي وبهتاني، لأحسن النية، كل ما في الامر ان الشعب تعب وهو يصور الأكل، والاطباق الغريبة، واكواب ستارباكس... فقرر من باب التغيير تصوير عمال النظافة!
تعليقات