عالَم 'نحن واخواننا'!.. بقلم جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 571 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  زنديق فاقتلوه

جعفر رجب

 

العالِم في العالَم المتحضر هو:
ذلك الذي يضع نظريات فيزيائية جديدة تغير من نظرة العلماء والباحثين للكون وتفتح آفاقاً جديدة للتطور العلمي والبشري.
ذلك الذي يكتشف علاجاً جديداً للأمراض المنتشرة، ويساهم في التخفيف من آلام الناس.
ذلك الذي يخترع أشياء جديدة، يساهم فيها برفع قدرة الإنسان في تعامله مع الطبيعة، وينمي بانجازه من الحريات وحقوق الأفراد.
والعالِم في عالَم «نحن واخواننا» هو: ذلك الذي يلبس ملابس مميزة عن بقية الناس ليرفع من قدره بين العامة، ويقول كلاماً مسجعاً حفظه من كتب مغبرة.
ذلك الذي يحفظ قصصاً من التراث يعيدها في كل مجلس، ولديه بعض الطرائف عن الأشعب، وبخلاء الجاحظ، والأعرابي الساذج الذي يدخل على الوالي.
ذلك الذي لديه القدرة على التحدث لمدة ثلاث ساعات متواصلة مع الناس، دون أن يفهم الناس ماذا يقول لأن هدفه أن يقول ما لا يفهمون.
ذلك الذي يوزع النصائح على الكبار والصغار والشباب والفتيات- خصوصا الفتيات- حول الأخلاق والحب والزهد في الدنيا ثم يركب إحدى سياراته الفارهة.
ذلك الذي يملأ مكتبه بالكتب ويضع العشرات منها على مكتبه- يعني مثقف- ويكتفي بقراءة الملخصات عن أي شيء وفي كل شيء من أي مصدر.
ذلك الذي يأتي له شاب من الجيل الواحد والعشرين ويسأله، ويرد عليه بأنه قال فلان في القرن العاشر كذا وكذا، يتجر الكلمات والأحرف والجمل.
في عالم «نحن واخواننا» أبسط وأسهل المهن هي مهنة «العالم» فهي لا تحتاج إلى قدرات خاصة وخارقة، ولا إلى مهارات مميزة، بل كل ما يحتاج إليه «ستايل» عالم ولسان لبق، وحفظ ألفاظ الدراويش، ومجموعة من المريدين الأغبياء، يمارس عليهم التجهيل بجهالاته، انه أشبه «بالعالم» الكبير في- العصر العباسي- الذي دخل عليه بعض أتباعه، وسألوه عن قضية رأيه في قضية «خلق القرآن» التي شغلت الناس قرونا، فكان رده... إذا سمعتم من قال هذا فهو زنديق فاقتلوه... وانتهى النقاش العلمي على ذلك.
اكتب هذا على خلفية مقالة أول من أمس، حول جلال الدين الرومي، عندما ناقشت «عالما» وقال لي بأن «جلال الدين الرومي» زنديق، كافر، حلولي، شهودي، ينشر الفحشاء والخمر والمنكر في أشعاره، ثم رفس الحوار ببعض تشبيهات «مولانا» التي يستخدم المرأة كرمز للشهوات ويستخدم الحيوانات كرموز للغرائز-ولا اعرف سر تألق هؤلاء العلماء في الحديث الجنسي الغرائبي- المهم وبعد أن انتهى سألته:
- ياشيخ هل تعرف الفارسية لتقرأ أشعاره؟ أم قراتها مترجمة بالعربية؟
أجاب بحدة «لا أقرأ مثل هذه التفاهات، بل قرأت عمن كتب عنه، وهو ثقة»... قلت «بارك الله فيك ذكرتني بعالم آخر ألف موسوعته المشهورة عن الصهيونية وهو لم يدرس حرفاً واحداً عن العبرية... يا شيخ هناك من يحمل الأسفار على ظهره وهناك من يحملها على أرفف مكتبته».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك