لن ينجح الحراك الكويتي.. لماذا؟ وما البديل؟ بقلم طلال العتيبي
زاوية الكتابكتب يناير 12, 2014, 5:33 م 1822 مشاهدات 0
بعد مسيرات كرامة وطن ، جلست مع صاحبي نتحدث ، نحاول أن نجيب على السؤال الآتي: هل سينجح الحراك الكويتي ؟ ونحن نتجاذب أطراف الحديث تذكرت قصة حدثني بها د. موسى المزيدي عندما كنت طالبا عنده في جامعة الكويت ، يقول: (في بلاد ما تعاقدت شركة أثاث مع الحكومة على ان تسمح لها بتقطيع الأشجار في مكان محدد وبكمية محدده وفي وقت محدد، تم التعاقد وما أن جاء اليوم المتفق عليه حتى بدأت الشركة مع شروق الشمس وبكامل طاقمها في قطع الأشجار وتحميلها للمخازن، غير أنه وقبيّل المغرب صعد أحد أفراد طاقم العمل على رأس شجره فصرخ صرخه مدويه 'كارثة كارثة توقفوا توقفوا'!! إجتمع الكل مذهولين !! نزل الخبر عليه كالصاعقة !! لقد كانوا يقطعون الأشجار في المكان الخطأ الغير مسموح فيه !! الأمر الذي يعني خسائر وغرامات كارثية بجانب مصادرة ما تم تقطيعه) لا شك أن مثل هذه القصة وإن كانت رمزية إلا أنها ستساعدنا في فهم أزمة الحراك الكويتي وعدم جدواه ، يا عزيزي القارئ إن الجهود الجبارة إن تمت في المكان الخطأ فمعدل إنجازها سيكون 'صفر' مع الأسف!
عندما تكون دوافعنا عُرضه للإستغلال:
تحدثنا في مقال سابق 'الحراك الكويتي .. نظرة في العمق !' عن أمر مهم وهو أنه 'لا سلوك بلا دوافع' ، وأن إحتياجات المواطن ودوافعه الفطرية هي ما يفسر سلوكه ، لكن غيبة الوعي وعدم معرفة الطريق الصحيح لإستثمار الدوافع في إشباع الإحتياجات، يجعل هذه الدوافع والإحتياجات عُرضه للإستغلال من السياسيين أشخاصاً كانوا أم أحزاب. إن عدم إتضاح المشكلة وعدم إستيعاب جذورها يجعل مطالباتنا تختزل في صراعات سياسية غير مثمرة! إن فهم حاجاتنا ودوافعنا يجب أن يقابله فهم عميق بالحل الأمثل لمشاكلنا و حتى نكون بمأمن من السياسيين المتسلقين.
لقد مر زمن طويل والغضب العربي والإسلامي يختزل في قضايا ذات طابع شخصي ، صراعات شخصية وعماله أجنبية وإنقلابات عسكرية ... إلخ، ليس هذا فقط بل إن بعض المصلحين تقدموا بحلول كثيرة بينما لاتزل المشكلة تنبض بالحياة . يا عزيزي القارئ إن أنصاف الحلول ليست حلاً بل إنها تمد في عمر المشكلة لا أكثر ، إن الحلول المؤقته أشبه ما تكون بإبرة التخدير لتخفيف الآلام فقط!
من أين نبدأ؟
للدكتور عبداللطيف الصريخ تغريدة عميقة جدا! تختصر علينا مشاور طويل في التحليل ، تقول: (عندما تلصق أنفك بلوحة رسام فلن تدرك ملامحها جيداً .. حاول أن تبتعد لمسافة مناسبة لترى تفاصيلها بشكل واضح) ،. إن هذا الأمر ينطبق على الكويت والحراك الإجتماعي فيه ، عندما يغيب عنا المشهد السياسي الكويتي بشكله الكامل ، فالحل أن نتراجع قليلا لنستوعب صورته الشمولية. يا عزيزي القارئ إننا بأمس الحاجة الى الصعود لأعلى لنرى موقع الكويت من الإعراب الدولي ! ومكانتها السياسية في النظام الدولي. إن هذه الأمور هي بكل إختصار 'مربط الفرس'!
لماذا الحراك الكويتي بصورته الحالية 'غير مجدي' ؟
بدلاً من الدخول في تفاصيل الوضع الداخلي ، لنتسائل أولاً عن وضع الكويت الدولي: هل الكويت دولة مستقله ؟ بالمعنى الذي يفسر قدرتها الكامله على صد أي هجوم خارجي دون أي دعم دولي ! هل الكويت تستطيع الإكتفاء الذاتي الذي يضمن قدرتها على الصمود أمام أي ضغط خارجي؟ هل الكويت صغيرة التعداد والمساحة و التي تعيش بين ثلاث دول ذات قوة (إيران والعراق والسعودية) تمتلك مقومات البقاء إذا ما حاولة الإستقلال بشكل تام؟
لدي ثقة كبيرة بأن إجاباتكم للأسئلة السابقه تتلخص بأن الكويت غير مستقله فعليا وهي أشبه ما تكون بمستعمره وهي أيضاً غير قادرة مستقبلا على الإستقلال الفعلي خصوصاً وهي بهذه المساحة الصغيره والتعداد البسيط والإمكانيات المتواضعه. ليس هذا فقط بل إن بقاءها مرتبط إرتباط وثيق بإعتمادها على دعم دولي خارجي وكأنها ورقة مفاوضات على طاولة الدول العظمى. إن الكويت بموقعها الجغرافي وإمكانياتها لا تستطيع الإستقلال وإلا لكانت لقمة سهله في فم دول الجوار كالعراق وإيران. إن دفاعاتنا العسكرية في سنة 1990 لم تصمد أمام جيش صدام حسين ولو لساعات ، ليس جبناً بل لأن الموازين القوى متفاوته جداً.
وعلى وزن 'من المعلوم من الدين بالضرورة' فإننا نعلم علم اليقين أننا تحت رحمة الله ثم على الدعم الأمريكي الأمر الذي يعني وجود كلفة باهظة ندفعها بإستمرار على حساب الإستقرار الداخلي! ألا يتردد على أسماعنا كثيرا كلمة 'الدولة المؤقته'؟ إننا إذا ما تفحصنا الأمور عرفنا أن هذا الأمر ليس مستبعداً. إن إضطراب شؤوننا الداخليه وبإستمرار فرع من هذه المشكله الخارجية. إن النظام الدولي الذي تقوده أمريكا يفرض سياساته على الدول التابعه له وأي إخلال بهذه السياسات بمثابة إعلان حرب ! إن الأمن القومي الأمريكي خط أحمر بما فيه ضمان تدفق مصادر الطاقه 'النفط' إليها ، الأمر الذي يعني ضرورة إنتشار وبقاء قواعدها العسكرية في البلدان النفطية وصد أي مد ثقافي 'غير أمريكي الهوية' ولو بالبارجات العسكرية.
نحن نرى بأعيننا أثر التدخل الدولي في مصر وسوريا ، وبالرغم من وجود أحزاب سياسية عريقة واسعة الإنتشار في مثل هاتين الدويلتين إلا أنهم يعانون الإقصاء الدموي برعاية خارجية ، لذا فإننا عندما نحاول أن نقارن الكويت بمصر وسوريا ، سواء بحجم الكويت الصغير وأحزابها السياسية الأصغر ، سنستنتج بأن فاتورة التدخل الخارجي أكثر من أن نتحملها إذا ما أردنا إستقلالا تاما يضمن تصرفنا في ثروتنا على النحو الذي نحلم به!
لذا لنتسائل وعلى سبيل الإستيضاح: هل الحكومة المنتخبة التي يطالب بها البعض قادرة على بناء الكويت على النحو الذي سبقنا مناقشته (إستقلال تام وحرية تامه في التصرف بثرواتنا) دون أي تدخل خارجي ؟ يستحيل ذلك !! إن مثل هذه الحكومة الطموحه جداً التي نحلم بها لن تتم الا بتوافق دولي خارجي وتشكيلها بإختصار يجب أن يبقى في الفلك الأمريكي، وأن أي تجرأ للخروج عن طاعة أمريكا سيجعلها 'خبثا' تلقي بنا في وجه المدفع (بعض دول الجوار) الأمر الذي سيدفعنا للإذعان 'مرغم أخاك لا بطل' ، ولأن منطق القوة هي اللغة الوحيدة التي تتحدث بها الدول فإن أزمتنا في الكويت هي عدم إمتلاكنا القوة الكافية التي تجعلنا قادرين على فرض إرادتنا الحرة وبناء حكومتنا بالطريقة التي نراها ، يا عزيزي القارئ إن أي محاولة لإصلاح الوضع السياسي الداخلي في دولة غير مستقله خارجيا هي محاولة فاشلة و ضياع للجهود والوقت، ليس هذا تشاؤماً بل من لوازم فقه الواقع . لذا فإن إصلاح الشأن الخارجي مقدم على إي إصلاحات داخلية. لذا وبكل أسف نقول أن الحراك الكويتي الطموح يتحرك في المكان الخطأ ولن يصل لأي نتيجه أبدا وهو يغفل التدخلات الدولية القاهره. إن الحراك يجب أن يبدأ من المنطقة الصحيحه! وفيما يلي بيان ذلك.
ماهو البديل ؟
إذا كان إستقلالنا أمرٌ غير ممكن على النحو الذي شرحناه سابقاً ، فما هو الحل؟ إن الحل هو أن نكون ضمن كيان دولي لنا فيه شأن . وإذا كانت التبعية قدرنا فبدلاً من الرضوخ للكيان الأمريكي الذي نعيش تحت عذاب إملاءاته ، لماذا لا نكون ضمن إتحاد دولي نحن شركاء في سلطته ؟ إتحاد نرسم نحن شعوب المنطقه ملامحه ببنيات أفكارنا. يا عزيزي القارئ إذا كانت محاولة إصلاح منطقة من مناطق 'دولة ما' أمر غير مجدي حينما يغفل أهلها ضرورة إصلاح الدولة ككل ، فإن محاولة إصلاح الكويت بمعزل عن إصلاح خليجي شامل محاولة محكومة مسبقا بالفشل!
إن الحل الواعي وليدة التفكير خارج الصندوق البريطاني وخارج الحدود التي خلفها لنا، إن الحد الأدنى من الفكر الحي هو الذي لا يحشر أنفاسه داخل 'قوالب' شيدها المستعمر ! من ضروري جداً إعادة تشكيل خريطة شبة الجزيرة العربية بالطريقة التي تجعلنا كشعوب مستقلين سياسيا وإقتصايا ، قادرين وبكل حرية على إختيار نظامنا السياسي شكله وبناءه وهويته الإسلامية الحقيقية ، إن شبه الجزيرة العربية يجب أن تذوب في كيان واحد بعيداً عن الحدود المصطنعه ، إن الحل لا يمكن أن يكون في دولة خليجية واحده بمعزل عن الدول الآخرى ، ومن باب 'في فمي ماء' فإني أختصر القول: إن أي حراك إجتماعي وأي مشروع إصلاحي على مستوى شبة الجزيرة العربية هو المشروع الذي سيكتب له النجاة. وجميع المحاولات الآخرى المجزئه إما ستبوء بالفشل أو ستكون في أفضل حالاتها طريقاً طويلا يأكل وقتنا حتى ينتهي بنا المطاف أمام صدام حتمي مع القوى الدولية الرافضه لأي حل ذا طابع إستقلالي! إنني أقدم ملامح الحل والحد الأدنى منه وأترك تفاصيله للأحزاب السياسية !
#خذها_قاعدة:
* الأزمة أكبر من حجم الكويت ومن الحراك الذي يدور فيها.
* الحديث عن الصوت الواحد والإثنين والأربعه هو مجرد إستعباط سياسي بلون إنتخابي باهت.
* مطالبات 'أرحل يا فلان' هي في حقيقتها صراعات شخصية لا تحمل من الإصلاح ذرة.
* الحكومة المنتخبة في دولة غير مستقله 'حكومة رخوه لا عظام لها'.
* أزمة أن نعيش ما بين تقي لا يفقه و فقيه لا يتقي الله !
أخوكم/ طلال عيد العتيبي
تعليقات