خليل حيدر لـ'النشمي': كيف سيكون ضرب عنق 'السيسي' مفيدا لنا؟!
زاوية الكتابكتب يناير 12, 2014, 12:38 ص 1146 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / د. النشمي وضرب عنق الفريق السيسي
خليل علي حيدر
تسبب د.عجيل النمشي استاذ الشريعة واحد رموز ما يسمى في التيار الديني الكويتي بـ«الوسطية» و«الاعتدال»، واحد ابرز الاخوان المسلمين، في صدمة سياسية ودينية، لكل المعتدلين والوسطيين من «الاسلاميين» وغيرهم في الكويت.
وذلك عندما افتى بان وزير الدفاع ومرشح الرئاسة المحتمل في مصر «الفريق عبدالفتاح السيسي»، «خارج على حاكم مسلم يحكم بشرع الله»، يقصد الرئيس الاخواني د.محمد مرسي، الذي عُزل من منصبه بعد تحرك جماهيري هائل يوم 2013/6/30 لم يتعامل معه الاخوان المصريون بالحكمة اللازمة.
ولم تقف فتوى د.عجيل النشمي عند حد اعتباره من «الخارجين»، بل وصف د.النشمي الفريق السيسي بانه «مجرم طاغية ثبت اجرامه بما لا ينكره مراقب عاقل»، وقال انه المعني في الشرع «بالباغي الخارجي الذي عناه الفقهاء في البغاة او الخوارج»، واضاف: «فهو الذي يجب ضرب عنقه».
ومضى يقارن «الفريق السيسي» بدكتاتور وسفاح حقيقي هو الرئيس الليبي السابق معمر القذافي واستعان بفقه الشيخ ابن تيمية وغير ذلك، مما نشرته «الوطن» في 6 يناير 2014، كتعقيب لـ«رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية» د.عجيل النشمي على ما قال به «الشيخ حاي الحاي» من شرعية ولاية الفريق «عبدالفتاح السيسي».
وللشيخ «عجيل النشمي» فتاوى سابقة قبل سنوات كتبنا عنها، كما اثير كذلك جدل معروف حول «رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون لا مكان هنا للخوض فيه، ومدى تمثيل هذه الرابطة لـ«علماء الشريعة في دول مجلس التعاون».
ان فتاوى د.عجيل النشمي المتشددة والموالية لجماعة «الاخوان المسلمين» على الدوام تثبت بشكل قاطع حقيقة علاقته اذا ما تعرضت جماعة الاخوان ومصالحها لأي تهديد، وكان د.النشمي، كما سبق ان كتبنا، قد ابدى اعجابه وولاءَه للجماعة منذ سنين طويلة، منذ اغسطس 1972 في ملتقى «الفكر الاسلامي» بالجزائر، واشاد بجماعة الاخوان «لعدة اسباب» منها التزام «الجماعة» واستعانتها «بالقوة لتحقيق اهدافهم، بما في ذلك «قوة الساعد والسلاح»، كما جاء في ورقته وعنوانها «الحركات الاسلامية ودورها في يقظة العالم الاسلامي»، واشاد بالاخوان كذلك، لان الجماعة تهدف الى اقامة حكومة دينية واقامة الخلافة الخ. (الوطن 1997/4/15).
وفي فبراير 1996 دافع د.النشمي عن اعطاء الزكاة للاحزاب الاسلامية، «لان هذه الاحزاب والجماعات والجمعيات الاسلامية التي تروم استئناف الحياة الاسلامية وازاحة نظم الكفر، واحلال شريعة الله مكانه، يجوز دفع الزكاة اليها»، وهكذا وصم الانظمة العربية بالكفر، في انفعال واضح ودون تدقيق، بل ان جماعات الاخوان نفسها قد لا توافقه فيما ذهب اليه وها نحن نجد اختلاف هذه الجماعات ومخاطرها واختلاف اجتهادات الاخوان المسلمين انفسهم، منذ ذلك الوقت، وتراجع حتى بعض الجماعات التكفيرية في مصر وغيرها.
وكان للدكتور النشمي موقف انفعالي آخر تنقصه البصيرة وموازنة عواقب الامور، فما ان اثير موضوع العمليات الانتحارية في ندوة «تهويد القدس» في ابريل 1997 حتى شرع د.النشمي للفلسطينيين «الاغتيال لجند العدو، ومن اعانهم من المدنيين»، كما اجاز بالطبع «ان يفجر المسلم نفسه ليقتل ارتال الجنود»، وقد عايشنا جميعا تطور فتاوى اباحة وتشجيع «العمليات الاستشهادية» ضد اسرائيل، عسكريين ومدنيين، والتي حطمت الانتفاضة الفلسطينية وضاعفت الضغوط من كل نوع على الشعب الفلسطيني، وافقدت القضية نفسها معظم التعاطف الدولي وتعاطف بعض الاسرائيليين انفسهم وبخاصة بعد تفجير الباصات ومطاعم البيتزا، بعد ان اعتبر الانتحاريون الاستشهاديون، كل مظاهر الحياة في اسرائيل هدفا لهم، مهما كان رد الفعل المتوقع من اسرائيل ومن العالم بأسره.
وانظر اليوم ماذا فعلت نبتة العمليات الاستشهادية بالعالم العربي والاسلامي من اقصاه الى ادناه، وما فعلت بسمعة الاسلام والمسلمين في كل مكان، وتثبت التجربة العربية مع التيار الاسلامي ان كل ما يقومون به من اعمال وما يستخدمون من وسائل سرعان ما ترتد على الدول العربية والاسلامية نفسها، وتستخدم ضد حكوماتها وشعوبها، هذه هي تجربة مصر مع كتائب الاخوان الجهادية ونظامهم الخاص وتجارب الاخوان في السودان وسورية ولبنان والاردن واليمن وكل مكان، فمن يجيز استخدام القوة والعنف في الصراع السياسي «عند الضرورة»، سيستخدم هذه الضرورة عند اول فرصة ومن لا يرى بأسا في استخدام «بعض القوة وبعض السلاح لإرهاب الخصم والعدو»، سيجد دائما مبررات استعمال هذه الوسيلة.
ولا جدال في ان جماعات العنف قد زادت ليوم وزايدت على الاخوان، ولكن الاخوان لم يدينوا حتى الآن استخدام العنف مبدئيا في «عقيدتهم الجهادية»، ولاتزال ادبياتهم هي هي، وشعارهم الحزبي بخناجره هي هي، واذا كانت جماعات الاخوان بعيدة في الكثير من الاحيان عن العنف فان هذا لا يعني اطلاقا رفضهم له في اماكن اخرى لا تهدد مصالحهم ومكاسبهم.
نعود ونذكر د.عجيل النشمي وكل «الاخوان»، بان فتاوى من قبيل المطالبة «بإعدام الفريق السيسي»، هي آخر ما يخدم المصالح الكويتية وحتى الاوضاع العربية، في ظل ما هو جار بالعراق وسورية والسودان وشمال افريقيا، وقد اعتاد د.النشمي للاسف في عدة مناسبات، اصدار آراء وفتاوى انفعالية لا تنسجم ابدا مع مركزه الفقهي على رأس «رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، فالذي نعرفه وواضح معلوم ان للمملكة العربية السعودية، اكبر هذه الدول مواقف مضادة للاخوان المسلمين بعد ان جرى ما جرى في غزو وتحرير الكويت ولدولة الامارات العربية المتحدة موقف اشد تجاه الاخوان المسلمين، كما ان لاستقرار مصر وعودتها الى حياتها الطبيعية اهمية قصوى لتوازن العالم العربي واستقرار المنطقة الخليجية، بل ولدولة الكويت نفسها، وسياسة الدولة العربية تجاه مصر خاصة.
فكيف سكيون ضرب عنق «الفريق السيسي» مفيدا لنا، دون حتى انتظار التصويت على الدستور والتصويت على الرئاسة؟! أليس من الحكمة اعطاء المصريين «حق تقرير» مصيرهم السياسي؟
لقد حاولت الدولة الكويتية على امتداد سنوات بناء «هيئة دينية» تعبِّر عن مصالح الكويت وتوازناتها وعلاقاتها العربية والدولية.
واسبغت على د.عجيل النشمي بالذات كل ما استطاعت من تسهيلات وامتيازات على الصعيد الحكومي والخاص، وكذلك على الصعيد الديني الرسمي والشعبي، ولكن د.النشمي كان بعكس الحكومة، يعرف بدقة اهدافه، التي كانت غالبا في واد.. ومصالح الكويت في واد آخر!
ان د.عجيل النشمي يحرص دائما على صوته كشيخ دين كويتي وخليجي معتدل، ضد العنف وضد التشدد والتعصب والمغامرات السياسية، ومع استقرار الاوضاع السياسية وتجنب «الفتن».
ولكن لا احد يعرف لم بالغ كثيرا هذه المرة في الانفعال السياسي!
تعليقات