بهبهاني:الصرعاوي والبراك يبيعون رقي

زاوية الكتاب

كتب 497 مشاهدات 0


الهيجان السياسي كتب:جابر سيد خلف البهبهاني في الستينيات من القرن الماضي حيث لم تكن توجد الوسائل الترفيهية والاماكن الترويحية لمثل سننا كما هو موجود هذه الايام للنشء والشباب، كانت احدى تسلياتي هو الذهاب مع الوالد حفظه الله الى سوق الخضار في الشويخ (الشبرة) لشراء الخضار والفواكه والتي كان فيها البطيخ (الرقي) في الصيف عنصرا اساسيا في قائمة المشتريات. وفي الشبرة الكل يصيح وينادي بأعلى صوته بصيحات سجعية للترويج لبضاعته وكلما علا الصوت وحسن سجع الصيحة زادت مبيعات صاحب الصوت. وفي مرة دخلنا الشبرة وجدناها تقريباً خالية من الناس وقد تركت كل البسطات تهش الذباب عن بضاعتها (تكش الذبان) وتجمهرت عند بسطة لبيع الرقي، لماذا؟ لأن صاحبي هذه البسطة رزقهما الله سبحانه بحنجرة نحاسية مكنتهما من التغلب على كل الاصوات فلفتت نظر كل من يدخل الشبرة، اضافة الى ذلك لطافة الصيحة فقد كان الاول يعلن عن البضاعة والآخر يرد عليه بسعرها »هاي الرقي.. تلاتين.. عالسكين.. هيو هين.. تلاتين«، وطبعاً بفضل الصوت العالي تمكنا من بيع الرقي في الوقت الذي لم تتمكن بقية البسطات من بيع حتى ربع هذه الكمية. والمتابع لجلسات مجلسنا الموقر يجد أنه اصبح الطابع العام فيها شبيهاً بالشبرة فتكاد لا تخلو جلسة من الصراخ ومن تشابك بالالفاظ، والدليل على ذلك مطرقة رئيس المجلس قد انكسرت اربع مرات وذلك لاستخدامها المتكرر بشدة ليضع حداً للهرج والمرج عندما يسيطرن على الجلسة، وكذلك عدد مرات اضطرار الرئيس لرفع الجلسة عندما تفقد المطرقة مفعولها في اعادة النظام الى الجلسة. ولا استبعد في لو اعدت احصائية في عدد المطارق المكسورة والجلسات المرفوعة في مدة لا تزيد عن فصل تشريعي واحد ان يتصدرالمجلس الحالي قائمة المجالس السابقة، وذلك لا لأنه اقوى المجالس بل لأنه الاكثر فوضى والاشد استعراضاً والاقل انضباطاً بلائحة المجلس في جلساته. وجلسة استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح كانت المثل الصارخ للفوضى والاستعراض وعدم الانضباط، فعلى سبيل المثال لا الحصر لم يكن من الذوق السليم عرض الصور الفاضحة في الجلسة وقد كان بالإمكان عرضها في شاشات النواب ليطلعوا عليها وان كان اصلا لي تحفظ على عرضها. وكذلك لم يكن هناك مبرر لكل هذا الانفعال الذي ابداه النائب البراك عندما همّ الوزير لمقاطعته معترضاً على عرض الصور وقد كان هذا خطأ من الوزير، نعم كان مبرراً لو تغافل او تناسى الرئيس دوره في تنبيه وتحذير الوزير من المقاطعة وحتى لو تناسى الرئيس او تغافل عن هذا كان يكفي من البراك تنبيه الرئيس على اداء دوره في ضبط الجلسة. ولكن لزوم الاثارة وزعت الادوار بين النائبين الصرعاوي والمسلم فكانا كبائعي الرقي في القصة سالفة الذكر »هي الرقي.. تلاتين«، وقد فرضت الاثارة على الحكومة في ان تمارس عادتها المفضلة في حالات الهيجان السياسي وهو الانبطاح الكامل. وحسن الظن في عالم السياسة يعد سذاجة ويعد هبلاً في حالة الهيجان السياسي الذي عشناه في الاستجواب، وحتى اذا ما قررنا ان نكون »هبل« ونحسن الظن ونقول ان انفعال البراك كان وليد اللحظة ولم يكن مصطنعاً مع سبق الاصرار والترصد، فكيف نفسر من بدأ يفلسف لهذه الفوضى والاستعراض وعدم الانضباط على انها »طريقة برلمانية ناضجة« وان »الكويت تتمتع بديموقراطية راقية« وانهم »اصحاب حس سياسي رفيع«؟ والله يخلف على برلماننا اذا كان هذا نضوجه، والله يهدي ديموقراطيتنا اذا كان هذا رُقيها بضم الراء وليس بفتحها لأنها تصبح بطيخها وان كان الرُقي والرَقي في هذه الحالة سواء، وخل اصحاب الحس السياسي يروحون يبيعون رقي فإنه ارفع واربح لهم لأني مطمئن على انهم بحناجرهم النحاسية سوف يبيعون رقي الشبرة كله.
الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك