عن تكفير'داعش'!.. يكتب جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 2682 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  داعش تاج راسكم

جعفر رجب

 

«التاريخ يكتبه المنتصرون» هكذا يقال وهو حق، كما ان الحاضر ايضا يكتبه المنتصرون اعلاميا وماديا، وفي وضعنا الحالي، الغرب المنتصر دائما كان يكتب التاريخ على هواه... واصحاب المال والاعلام في العالم العربي يريدون كتابة الحاضر والتاريخ وفق هواهم ومصالحهم.
العباسيون مثلا كتبوا التاريخ على هواهم... ففي تاريخنا القديم تعتبر ثورة الزنج والزط والخرمية وغيرها الكثير، والتي كانت غالبها بسبب الفقر والطغيان والاستحواذ والعنصرية...ما هي إلا فتنة يقوم بها لصوص وفسقة وزنادقة، هدفهم تدمير الخلافة وسلب الناس ولابد طبعا من اضافة بعض القصص والروايات الغريبة عنهم لتبرير تصفيتهم وقتلهم كما كانوا يفعلون، تحت ظل من الاخبار والفتاوى الداعمة لقتل وتصفية اي حركة معارضة! 
في التاريخ الحديث ايضا الحالة نفسها، الغرب كتب التاريخ، ولهذا اعتبروا مثلا قبائل الزولو في جنوب افريقيا من آكلي لحوم البشر، وقبائل الهنود الحمر من قاطعي فروات الرأس، وثورة المهدية في السودان قبائل متوحشة، وثورة الملاكمين في الصين ضد الغرب والتبشير والافيون عبارة عن ثورة همجية هدفها وقف التطور وقتل المسيحين والاجانب المساكين الذين يسعون الى فتح المستشفيات والمدارس هناك!
وقد لا يختلف الوضع مع اختلاق الروايات مع اي زعيم لا يعجب الغرب، و«كيم جونغ ايل» الزعيم الكوري الشمالي احد اوضح الامثلة حاليا، يحاول الاعلام الغربي زرعه في عقول الناس، من انه مراهق اهوج، يقتل معارضيه لانهم يضحكون او يسكرون في وفاة والده، او لم يصفقوا جيدا عند خطابه، او يرميهم لكلاب لم تأكل لثلاثة ايام... تصور يعرف الاعلام الغربي كم يوم لم تأكل الكلاب قبل اكلها المعارضين الذين لا يعرف الغرب حتى اللحظة سبب اعدامهم وتصفيتهم... لا اكتب دفاعا عن دكتاتور، ولكن لتوضيح الصور النمطية التي يحالون رسمها غالبا على اي معارض لهم رغم سذاجتها! 
في سورية الوضع لا يختلف كثيرا، فبعد ان كان الجميع ثوارا ومجاهدين ضد النظام العميل لإسرائيل، تحول بعض الثوار الى عملاء وثوار اتقياء، واعتبرت «داعش» الان جماعة تكفيرية من قبل الجماعات التكفيرية الاخرى! ومنظمة عميلة للاستخبارات رغم ان بقية الفصائل تتعامل مباشرة وعلانية مع كل مخابرات العالم، من اميركا وصولا الى مخابرات موزمبيق! وأضحت «داعش» جماعة تقتل وتسفك الدماء لاسباب تافهة، وبقصص غريبة، رغم ان مشهد نحر واكل كبد الجندي السوري قام به مقاتل من الجيش الحر وليس مجاهد «داعشي» ...«داعش» ليست منظمة بيئية فئة تدافع عن حق الفراشات الملونة والدببة القطبية، ولكنها ليست مختلفة عن البقية، وقد تكون اكثر صدقا والتزاما لمبادئها «المتخلفة» !
قراءة التاريخ والاخبار فن وموهبة وعلم، كقراءة الشعر وتذوق الطعام، فقارئ الشعر يعرف الرديء من الجميل من اول سطر، ومتذوق الطعام يعرف الرديء من اللذيذ من اول ملعقة، وقارئ الخبر والمتابع والذي يريد ان يُكّون رأيا سياسيا، عليه ان يعرف كيف يقرأ الخبر، يعرف الخبر الكاذب من الصادق، المبالغ فيه من الحقيقي، الموجه لمصلحة ما من الموضوعي، قبل ان يتخذ موقفا، ويحلل وضعا سياسيا... وهي موهبة مفقودة لدينا بسبب تاريخ طويل من احتكار الاخبار والروايات والقصص من قبل سلاطين الحكم والاعلام.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك