لم يعد في مجتمعات البيوت حكماء.. بنظر محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب يناير 3, 2014, 11:52 م 473 مشاهدات 0
القبس
ذهب أهل الحكمة!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
مازال الناس بخير وعافية وتلاحم وإيثار ومرحمة ما بقي فيهم أهل حكمة يزنون لهم أقوالهم وأعمالهم، فإذا حرموا من هؤلاء انتشر بينهم الشقاق والنزاع وحب الذات والانتصار للرأي، حتى لو كان الحق هو بالمقابل، والذي يتمتع بذلك، أي الحكمة، يفترض أن يكون من الكبار الذين خبروا الحياة وعركتهم، فهم نتاج سنين من التقلبات في الخير والشر والحق والباطل والخطأ والصواب، ومن لم يستفد من خبرة السنين ويصبها على من تحته في مجتمعه الصغير، وهو الاسرة التي تتكون من الزوجة والأولاد فتنزل الى الاحفاد، وتنتقل الى مجتمع آخر هو مجتمع القرابة والصحابة، فتؤثر فيهم تلك الخبرة أو الحكمة، فينشأ بذلك جيل يقدر ما يسمع من الكبار ويعمل به في حياته وتعامله مع الآخرين، وكما قال الأولون من الرجال: «قدم الزينة قبل الشينة»، ونظرة الى معاني هذه الكلمات بإمعان تدلك على أن من يملك الشينة، أي السيئ من القول الذي به، قد تنفصم عرى ووشائج بسببها، فحذف الشينة وقدم الزينة، وهو قادر على تقديم الأخرى الشينة، وهذه حكمة تحلى بها الأولون الحكماء من الرجال والنساء، فكانت الأجيال المتخرجة عن طريقهم في جامعة الحياة كثرا لا يعدم زمن منهم ولكنهم قليل، والحمقى أكثر كزبد البحر لا فائدة منهم في أي مجتمع من المجتمعات، وهم هذا الصنف الذي يزيد النار حطبا لتزداد اشتعالا ولمدة أطول.
ومن الحكماء الذين لا نعدمهم من يكظم غيظه في الأوقات الحرجة، وهو قادر على إفلاته واطلاق العنان له.
كثيرون هم اليوم الذين لا يستطيعون ان يملكوا أنفسهم عن اللغو واللغط واظهار ما في النفوس من غيظ مترسب في الصدور من أثر الشحن اليومي، وهو من مؤثرات البيوت، ومن دون عقلانية وإدراك للأثر السيئ في المستقبل ترى هذا الصنف، وحتى يرضي نفسه وينشر الشحن اليومي، يعطي لسانه العنان ليفلت ذلك! وكل هذه الموبقات اسباب لتدمير الاجتماع وما تبقى في الاسر من تآلف وصلة.
أكرر لم يعد في مجتمعات البيوت من الحكماء كما كان في الماضي، من إذا رفع الولد لسانه أو اشار بيده للتعبير او الغمز واللمز على الكبار، كسرت يده أو عنف وأخرس، بل تجد اليوم من يقف معه ويؤيده من دون إنكار عليه وإبطال لما أسرف به! هذه هي حقيقة كثير من البيوت التي تتمزق يوميا جراء هذه الافعال، وكثيرة هي التي لم ترجع الى سابق عهدها وودادها. والله المستعان.
***
• بو الوجهين
«بالوجه منظرة وبالقفا مقص».
تعليقات