انفتاح المجتمع ضرورة لتحقيق الديمقراطية البناءة.. برأي خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 1036 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  الديمقراطية البناءة لا تتحقق في مجتمع منغلق

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يدرك القراء المتمعنون في تاريخ الديمقراطية أنه يصعب تحققها بشكل مناسب في مجتمع منغلق على نفسه. فالديمقراطية البناءة تتطلب وجوداً مستمراً لإمكانية -أو احتمالية- تحقق حياة يومية إنسانية حرة تستند على المبادئ التالية: شعور عضو المجتمع بالإيجابية تجاه المجتمع الإنساني بعامة. خوض تجربة فعلية بالمساواة في المواطنة. التمتع الفعلي للفرد بحرية الرأي والتعبير وبحرية اختياراته الشخصية, وأريحية اتخاذ القرارات الفردية من دون وجود ضغوط قسرية, وفئوية أو قبلية أو طائفية تُنقص من الحرية الشخصية للأفراد. أي أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب وجود مجتمع منفتح على نفسه وعلى أعضائه وعلى العالم الخارجي, حيث يتمكن فيه أي فرد مهما كانت خلفيته الاجتماعية ممارسة حياة إنسانية متكاملة دون وقوعه تحت أي نوع الضغوطات المصطنعة. في هكذا مجتمعات مفتوحة ومتفتحة ذهنياً ومنفتحة ثقافياً وحضارياً يمكن أن تتحقق ديمقراطية بناءة وإيجابية وعادلة. 
ويصعب تخيل تحقق ديمقراطية بناءة وعادلة ما لم تترسخ في الذهن الجمعي قابلية طوعية وإيجابية لمنح عضو المجتمع حريته الشخصية كتحصيل مجز لممارساته اليومية. فالمجتمع الديمقراطي المنفتح, مرن ومُجزٍ اجتماعيا ومربح ثقافياً وحضارياً ويتقبل ممارسة كل أنواع الحريات الشخصية, ما لم تطغ هذه الحريات الشخصية على حريات الآخرين. فالفرد الذي يعيش في مجتمع منفتح يختلف تماماً عن الشخص الذي يعيش في مجتمع منغلق على نفسه. ومن يتعود منذ صغره على ممارسة حرية الرأي والتعبير وحرية الاختيار خصوصاً في اتخاذ قراراته الشخصية وفق ميوله النفسية الخاصة دون وقوعه تحت الجبر أو القهر من قبل الآخرين يبقى هو العنصر الأساسي لتأسيس ديمقراطية فاعلة وبناءة وإيجابية: يتوافق المجتمع المنفتح مع كل ما تعد به الديمقراطية في تمكينها الفرد من ربط آماله وتطلعاته المشروعة بما يمكنه تحقيقه في مجتمعه الوطني. 
السعي نحو ايجاد مجتمع ديمقراطي منفتح يقبل التطورات الاجتماعية الايجابية لا يعني ضرورة تجاهل القيم والمبادئ الأخلاقية أو المواثيق التاريخية الراسخة خصوصاً تلك التي لا يزال يتفق على مشروعيتها أغلبية أعضاء المجتمع. ولكن يشير المجتمع المنفتح إلى مساحة اجتماعية حرة وحيز نفسي إيجابي يُمَكِّن الفرد من عيش حياته بشكل متكامل. فالديمقراطية البناءة توفر فرصاً حقيقية للفرد الحر لكي يعيش حياته بشكل مُجْزٍ وقت ما تتوفر له مجالات واسعة لممارسة حريته النفسية والجسدية والروحية الكاملة, دون وقوعه ضحية للترهيب أو التشكيك في ولائه الوطني.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك