السلام قيمة بشرية كُبرى لم يصل إليها البشر بعد.. هكذا يعتقد وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب يناير 1, 2014, 12:39 ص 590 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / عام جديد ولكن
وليد الرجيب
ندشّن اليوم عاماً جديداً لا نعرف إلى أي دروب سيأخذنا، هل إلى دروب تؤدي للسعادة؟ أم دروب تقود خطانا إلى المجهول والألم والتعاسة؟ هل سنعيد ونكرر أخطاءنا ولا نتعلم من تجاربنا في العام 2013 وما قبله من أعوام عشناها؟ أم سنظل كما نحن أشرار نحب إيلام الآخرين ونتمتع في إيذائهم، أم سنعمل على ترميم قصورنا الذاتي وتدريب أنفسنا وإعادة تدريبها لإسعاد الآخرين؟ وإسعاد أنفسنا أولاً، هل نستطيع بكل صدق وشفافية أن نزيل الشر من دواخلنا ونتعلم الحديث بلغة واحدة وقيمة واحدة، لغة المحبة وقيمة السلام؟
عام مضى ونحن البشر على ما نحن فيه، باقون على إرثنا الذي لم يتغير مع مرور السنين والعقود والقرون والألفيات، ما قيمة العام الجديد إن كنا لم نضف شيئاً سوى مزيد من الزمن وتراكم أكثر للأيام التي تأتي وتذهب؟ سوى خطوط وآثار الزمن والدمار على أجسادنا وأرواحنا، سوى تعاريج وتجاعيد أكثر على وجوهنا.
عام يأتي اسمه جديد ورقمه جديد، ولا جديد فيه سوى الخط الوهمي بين يوم وآخر وسنة وأخرى وعقد وآخر، لكنه خط جدّي لزمن يضاف إلى أعمارنا، والمفترض أن يضيف إلى تجاربنا وإلى معارفنا ووعينا، ولكن هل نتعلم ونتعظ؟ هل نعتذر لأنفسنا لأننا لم نر أو نعش إلا لأنفسنا؟ لم نر أحق منا في الرأي والحصافة والموقف، وحدنا العارفون بكل شيء كالراوي الذي يتكلم ويفكر ويقرر نيابة عن غيره، وكل الشخوص دمى لا رأي لها تتحرك بدون حرية بل برغبة الراوي الذي يشبع ذاته بإدارة اللعبة والرواية ومصائر الشخوص، ويحكم على نوايا الآخرين مسبقاً.
مع بدء كل عام نعد أنفسنا بأننا سنكون بشراً أفضل، وسنتغير إلى بشر أجمل في العام الجديد، لكن المشاعر والبناء الشخصي والنفسي هو هو في كل الأعوام، وإلا لماذا ظلت البشرية تراوح في بداءتها؟ منذ بكارة التاريخ وحتى العصور التي نعتبرها متقدمة، ولكنها بعيدة تماماً عن التقدم، فنحن لا نرى من التقدم سوى القشور والتقنيات والمظاهر، لكننا نظل نعيش في نفس دائرة الشر والأنانية والذاتية التي تتضخم كل عام، نعيش غرائز حيوانية ومنطق البقاء للأقوى، منطق الاستحواذ على الخيرات وعلى الإرادات في رغبة لا تنتهي من السيطرة.
ألا توجد إيجابيات وانتصارات ذاتية أو على مستوى البشرية؟ بلى توجد ولكننا نخطو خطوة للأمام وخطوتين للوراء، حتى يدركنا العمر بسنينه وعقوده وقرونه، التخلف يكمن بالروح أما ما على السطح فهو تجليات لعدم تحكّمنا باللياقة وبالغضب والأنانية والجشع وحب الاستحواذ والتحكم والسيطرة والكراهية، فمهما أظهرنا من ابتسامة ولباقة وحكمة لا يمكننا إخفاء نزعة الشر والكراهية والكذب والفجور التي تسكن أرواحنا، وهذا ما يفسر لماذا نحن بعيدون كل البعد عن التحضر والإنسانية.
نعيش حالات متكررة من الندم، لكنها لا تبدو علينا ونستنكف إظهارها، ضعفاء في دواخلنا ولكننا نخشى إظهار هذا الضعف، نحن غير محصنين من الألم، ومع ذلك نستمتع في إيلام الآخرين، ونكتشف مع مرور السنين مدى حماقاتنا التي ارتكبناها، ومع ذلك نظل نكابر ولا نعترف بها ولا نتعلم منها وكأنها قدر كان يجب أن يحدث رغماً عن إرادتنا.
ماذا نريد من العام الجديد والعام الذي سيليه إن كنا سنعيش لنشهده؟ أنا على يقين أننا لا نعرف ونترك الأمر للزمن كي يمنحنا أو يحل العالق من خطايانا، لكن الزمن وحده لا يحل شيئاً ولا يقدم إجابات شافية، ولذا فمعظمنا يقرر أن يعيش ويتلقى ما يُقدم له يوماً بيوم، حتى يغادر هذه الدنيا، وهو لم يعرف ماذا كانت رسالته في هذه الدنيا، عاش ومات دون أن يصل إلى الحكمة القصوى إن كانت هناك حكمة من العيش هكذا.
عام سعيد أتمناه لنفسي ولكم، كما نكرر في بداية كل عام، ونحن ما زلنا نبحث عن الحب والسلام، بعيداً عن شرورنا الصغيرة والكبيرة، سواء جرح الآخرين بكلمة وسلوك، أوقتلهم وتفجيرهم، فالسلام هو القيمة البشرية الكبرى التي لما يصل إليها البشر بعد.
تعليقات