عبدالمحسن حماده ضد إجازة السبت لأنها اعتداء على الشخصية العربية

زاوية الكتاب

كتب 542 مشاهدات 0


تغيير الإجازة إلى السبت اعتداء على الشخصية العربية كتب:د.عبدالمحسن حمادة من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام لو تقدم مسؤول غربي باقتراح في مجتمعه يطالب فيه بتغيير يوم الاجازة الاسبوعية الى يوم الجمعة للتقارب مع العرب والمسلمين، لأعتبر هذا الاقتراح اهانة للامة ولأصبح صاحب الاقتراح اضحوكة في مجتمعه. ولكن الشعوب العربية عودتها انظمتها على التنازل عن شخصيتها وكرامتها حتى اصبح سحق الهوية والشخصية العربية والاسلامية من الامور السهلة. من المؤكد ان تغيير الاجازة الاسبوعية من يوم الخميس الى يوم السبت هو نوع من التشبه بالغرب في اجازاته. ومن خلال قراءتنا للتاريخ الثقافي والتربوي العربي والاسلامي سنجد ان الكتاتيب التي كانت تهتم بتعليم الصغار، كانت تعمل منذ تأسيسها في العصر الاموي والعباسي والخلافة العثمانية، طوال ايام الاسبوع من الصباح الى المساء ما عدا عصر الخميس ويوم الجمعة. وكذلك كان الحال المعمول به في مؤسسات الدولة. اذ كانت ايام الاسبوع بالنسبة للمجتمع العربي والاسلامي تبدأ يوم السبت. وفي حديث لابن عمر (رضي الله عنه) غير متأكد من صحته يقول فيه ان الله قد بدأ الخلق يوم السبت وانهاه يوم الجمعة. فهناك تصور في المجتمع العربي والاسلامي منذ تأسيسه ان ايام الاسبوع تبدأ يوم السبت. وكانت دولة الكويت تعتبر نفسها منذ تأسيسها جزءا من الامة العربية والاسلامية. لذا كانت المدارس الاهلية قبل افتتاح المدارس الحكومية تعمل طوال ايام الاسبوع من الصباح الى المساء ما عدا عصر الخميس ويوم الجمعة. ولما افتتحت المدارس الحكومية سارت بنفس الاتجاه، وكذلك الحال كان في مؤسسات الدولة. ولما قررت الدولة الغاء دوام بعد الظهر واطالت الدوام في الصباح جعلت دوام يوم الخميس نصف دوام. ان يوم الاجازة محبب لنفس الانسان، فهو يوم للراحة ولقاء الاهل والاصحاب والقيام برحلات البر والبحر وممارسة الهوايات المحببة للانسان. لذلك اصبح الانسان في مجتمعنا العربي والاسلامي يحب يوم الخميس والجمعة، اصبح جزءا من شخصيتنا وتركيبتنا النفسية. ان تغييره اعتداء على شخصية الانسان العربي وهويته. لا يستطيع احد ان يطالب الغرب بتغيير ايام اجازاته، لأنه سيعتبر ذلك اهانة لشخصيته. ولكن لماذا اصبحت اهانة الشخصية العربية عندنا من الامور السهلة؟ قد يكون من اهم اسباب ذلك، تعرض المنطقة العربية والاسلامية للاحتلال الغربي في فترات متعددة من تاريخها. فهذا الاحتلال يترك بصماته السلبية على الشخصية. فقبل الاسلام كانت اراضي مصر والشام وفلسطين ودول شمال افريقية محتلة من قبل الجيش الروماني ولما جاء الاسلام طهر تلك الاراضي من جنود الاحتلال. ثم اعاد الغرب محاولاته اثناء الحروب الصليبية. وفي العصر الحديث بدأ الغرب الناهض علميا وعسكريا واقتصاديا الزحف على المنطقة وهي في اقصى فترات تخلفها الثقافي والحضاري. وقد تأكد للغرب اهمية المنطقة استراتيجيا واقتصاديا، وان شعوبها ضعيفة لا تستطيع الدفاع عنها. فبدأوا بالتخطيط للسيطرة عليها ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها. والاحتلال الغربي الحديث لا يكتفي بالاحتلال العسكري بل اراد احتلال المنطقة عسكريا وثقافيا واجتماعيا من خلال السيطرة على التعليم والاعلام وتعيين حكام عملاء يستجيبون لمطالبهم واملاءاتهم. كان هدف الاحتلال السيطرة على الارض العربية وعلى عقل الانسان العربي وسلوكه لقتل الشخصية العربية الممانعة التي تدافع عن الارض والكرامة العربية واستبدالها بشخصية ضعيفة تنبهر بثقافة المحتل وقيمه التي يريد فرضها وتحتقر قيمها ومعتقداتها. وبعد ان تمكنت حركات التحرير العربية من تحرير الاراضي العربية، جاء المحتل الامريكي للسيطرة على المنطقة والهيمنة على شعوبها. وصنع ادواته ومدارسه وعبيده الذين ينشرون ثقافة الاستسلام للعدو الجديد ويروجون لاضاليله وتلميع جرائمه. وقد بررت الحكومة الاخذ بهذا الاقتراح اعتقادا منها ان الاخذ به سيؤدي الى تحقيق فوائد اقتصادية. وهي مبررات ضعيفة وسطحية. فالاصلاح الاقتصادي لا يتحقق بهذه السهولة أي بتغيير الاجازة من الخميس الى السبت، بل يتطلب الدخول في طريق وعر وطويل قد لا تعرفه الحكومة أو تتجنب الدخول فيه. انه يتطلب محاربة الفساد والمفسدين وتحقيق اصلاحات سياسية جذرية واصلاح التعليم واسلوب العمل وخلق مواطن يعرف حقوقه وواجباته ويعطي الدولة اكثر مما يأخذ منها. كما ادعت الحكومة انها اخذت بهذا الاقتراح مراعاة لمصالح رجال الاعمال والمال. ونعتقد ان رجال المال والاعمال تمثل شريحة مهمة من شرائح المجتمع حتى لو كانت شريحة صغيرة. فإن مصالحها تهم المجتمع بأسره. ولكننا نعتقد ايضا ان الغالبية العظمى من هذه الفئة حريصة على التمسك بدينها وثوابتها، ولن ترضى ان تحقر ثوابتها لخدمة مصالحها، بل انها تؤمن بأن الله لن يبارك في اموالها وتجارتها اذا ضحوا بثوابت امتهم جريا وراء مصالحهم. لا سيما ان لديهم وسائل الاتصالات الحديثة التي تمكنهم من الاتصال بالعالم في أي وقت يشاءون. علما بأنه لا يوجد من اعترض على تغيير الاجازة الاسبوعية الى السبت بالنسبة للبنوك والشركات. من هنا نعتقد ان مبررات الحكومة في تغيير الاجازة ضعيفة وواهية. وانها اخطأت في اتخاذ مثل هذا القرار دون الرجوع الى المجلس. لأن هذا القرار لا يخص الحكومة وحدها، بل يمس الشعب الكويتي بأسره لاتصاله بقيمه وثوابته. لذا نشكر اعضاء المجلس الذين اوصوا الحكومة باعادة النظر في هذا القرار، واصرارهم على انهم سيصدرون قانونا يلغي هذا القرار. اذا لم تأخذ الحكومة بتوصيتهم. اننا لا ندعي ان هذا الامر حرام أو حلال، وانما نرى انه يتعارض مع ثوابتنا وقيمنا الموروثة. التي نستمدها من تاريخنا والتي كونت الشخصية العربية المسلمة التي يجب ان نعتز بها. وفق الله كل من يدافع عن ثوابت هذه الامة، ونرجو لهم الثبات على موقفهم. انهم صمام الامان لمستقبل هذه الامة في هذا الزمن الرديء.
الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك