عن ثلاثي الردح والتطبيل والطعن في الصحافة الكويتية.. يكتب علي الذايدي
زاوية الكتابكتب نوفمبر 17, 2013, 1:19 ص 927 مشاهدات 0
عالم اليوم
بلا قناع / ثلاثي بريمن
علي الذايدي
«ثلاثي بريمن» حكاية من التراث الألماني تحكي قصة ديك وكلب وحمار أصابهم الملل من حياة المزرعة والعمل بها كل يوم فقرروا الهروب والذهاب للمدينة، وفعلا نفذوا خطتهم وهربوا من الحظيرة إلى المدينة وهناك قرروا أن يشكلوا فرقة موسيقية للغناء لعلهم يصبحون نجوما يتزاحم الناس لحضور حفلاتهم، وفعلا شكلوا الفرقة وأطلقوا عليها اسم «ثلاثي بريمن».
المشكلة أنهم اختاروا الحمار ليكون مغني الفرقة ، ففشلت خطتهم ولازمهم سوء الحظ، وبعد ذلك أيقنوا أنهم لا يصلحون لحياة المدينة فعادوا للمزرعة نادمين على قرارهم بالهروب.
في الصحافة الكويتية يوجد ثلاثي من نوع آخر، ثلاثي للردح والتطبيل والتلميع والطعن في وطنية كل من يخالفهم الرأي.
هذا الثلاثي يتكون من عازف الكمان وقارع الطبل ومغني الفرقة، وهم في حقيقة الأمر يشكلون مجموعة من المساوئ المتراكمة نتيجة بعض الأخطاء التي أصابت الجسد الصحافي في طفرة تصفية الحسابات بين «المعازيب» وأيضا بين الشخصيات النافذة بالبلد ما نتج عن هذه التصفيات محاولة كل طرف إسقاط الآخر وإبراز مساوئه عن طريق بعض المرتزقة من أصحاب الأعمدة الصحافية، وهنا يأتي ثلاثي بريمن الكويتي لكي يعتاشوا على تناقضات الغير، ويتكسبوا من الفتات الذي يلقيه لهم أسيادهم .
فعندما تكون هناك تصفية حسابات بين طرفين فإن كل طرف يحتاج إلى كلب صيد على شكل بوق صحافي يكتب ما يريد بدون أي التفات لخطوط حمراء أو مصداقية أو ميثاق الشرف الصحافي، فالمطلوب هو بهتان الآخرين وذكر عيوبهم سواء أكانت المعلومات صحيحة أم لا، فالمطلوب هو الكذب والكذب، ومزيدا من الكذب على طريقة «غوبلز» وزير الإعلام النازي الذي يعتبر أول من أقر هذا المبدأ ثم سار على نهجه كل الكتاب الذي يرتضون على أنفسهم أن يصبحوا دمية يتحكم الآخرون في أقلامهم.
المشكلة أن هذا الثلاثي قد تفوق على أستاذه ، فغوبلز كان يخلط الصدق بشيء من الكذب، فعندما ذكر أن الجيش الألماني احتل بولندا كان صادقا، وعندما قال إن الألمان احتلوا باريس كان صادقا، وعندما صرح أن الإنكليز يعيشون تحت سراديب لندن خوفا من القصف النازي كان محقا، ولكن من اجل مزيد من الدعاية والتهليل للقائد الألماني هتلر كان يصدر بعض البيانات التي اختلط فيها الصدق بالكذب وهذا واجبه كوزير إعلام، ولكن عندما نقرأ أي مقالة لأحد كتاب هذه الجريدة مثلا لا نجد بها إلا الكذب والهراء، ولا نجد بها معلومة صادقة إلا اسمه.
وللأسف فإن كتاب السوء كثيرون في الجسد الصحافي الكويتي، وإن كانوا بدرجات متفاوتة من السوء، والحقيقة المرة انه نادر جدا أن نجد في صحافتنا من يمكن أن نطلق عليه وصف كاتب صحافي مبدع في صحافتنا، أو بمعنى آخر ، لم يولد بعد من نستطيع أن نطلق عليه فعلا «كاتب صحافي» فالكل له هدف من وراء عموده الصحافي، فهذا كاتب يريد أن يتداول اسمه ويعرفه الناس لأنه مقبل على انتخابات معينة، وهذا كاتب آخر يريد أن يهدد الآخرين بأنه صاحب عمود صحافي سوف يسلطه على كل من لا يتعاون معه، وهذا كاتب حصل على شهادة دكتوراه بطرق ملتوية ويريد أن تعرف الكويت كلها أنه أصبح دكتورا، فالطريقة المثلى هي أن يحصل على عمود صحافي ويكتب بعض الكلمات التي سرقها من الإنترنت على طريقة القص واللزق، ثم يذيل المقال بعبارة «الدكتور فلان الفلاني»، وكل هؤلاء الكتاب عيونهم مغلقة عن المخالفات التي يرتكبها صاحب الجريدة التي يكتبون فيها ولكنهم سليطو اللسان على أعدائه، كما قال الشاعر:
عين الرضا عن كل عيب كليلة....
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولكن يبقى في الدرك الأسفل في عالم الكتاب الصحافيين ذلك النوع الذي ينتظر أوامر سيده، فينتظر متى سينبح ومتى يتوقف عن النباح لكي يحصل على الجائزة المتمثلة بقطعة عظم يسدون بها فمه الذي لا ينطق إلا بسوء.
ولكن من باب الأمانة الصحافية، فهم مهما فعلوا يظلون رفقاءنا بالمهنة ولهم علينا حق النصيحة، ونصيحتنا لهم أن المتخاصمين اليوم سوف يصطلحون غدا، وعندها لن يكون هناك حاجة لكلاب الصيد، وكما هو معروف أن كلاب الصيد إذا أصابها الكبر أو لم يعد هناك حاجة إليها فإنها تعدم بالرصاص أو تحرق بالنار لأنها تعودت على نهش اللحم ولا يمكن أن تتوقف ما يجعلها تمثل خطرا يجب التخلص منه، وفي حالة بعض الكتاب فإن مزبلة التاريخ تنتظر اللحظة التي يتم فيها التخلص من هذه الشوائب البشرية على أحر من الجمر.
تعليقات