عزيز الظفيري يكتب عن الاخوان،
زاوية الكتابالإسلاميون بين سندان الإخوان ومطرقة دولة الإسلام في العراق والشام!
كتب نوفمبر 7, 2013, 3:08 م 1095 مشاهدات 0
للناظر المتأمل في مسيرة الحركات الإسلامية يرى البون الشاسع بين مناهج عدة ارتضاها أصحابها وصورها منظروها للوصول لغاية مشتركة وهي كيفية إنشاء دولة تتقارب في مناهجها وقوانينها وأدبياتها مع دولة الإسلام البكر .
تمتلئ مجتمعاتنا الإسلامية بتلك التوجهات والحركات منها ما هو رسمي ويمثل مؤسسات ذات غطاء شرعي وقانوني ومنها من ليس كذلك . من هذه الحركات من رضي بقواعد اللعبة الديمقراطية وبناء السلَم لسياسي الوطني على أساس الديمقراطية , ومنها من لا يهتم بها , بل بلغ ببعض التوجهات الإسلامية تكفير من عمل تحت ظلال الديمقراطية ومن ارتضاها .
يرى بعض هذه الحركات أعلى هرم في السلطة أنه ولي أمر شرعي وبعضها بلغ به الأمرأن جعله الحاكم بأمر الله , ومنهم من يرى أنه حاكم مسلم ولا يطلق عليه ولي أمر للمسلمين لعدم تحقق شروط الولاية بزعمهم من حكم بشرع الله وإقامة حدود الدين والموالاة والمعاداة على أساس العقيدة وإقامة ذروة سنام الإسلام , الدفع وقت الدفع والطلب وقت الطلب لنشر الدين والعمل على هيمنة شرع الله .تعدت بعض الحركات الإسلامية إلى طريق أكثر غلوا في تكفير حكام المسلمين بل وكثير من المسلمين لارتضائهم بزعمهم منهجا آخر غير منهج الله مستندين إلى (أفحكم الجاهلية يبغون) وكذلك ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وفي آية (الفاسقون) وفي آية أخرى (الظالمون) .
لست في صدد تبيان أي هذه التوجهات هو الأقرب للحق فهذا له مقام آخر نبسط فيه الأدلة ونوضح فيه المسألة بتفاصيلها لكن أريد أن أقارن بين منهجين من خلال نظرة أصحابها و أدبياتهم حتى نستطيع فهم الواقع من غير تشويه ولا تزييف .
عند مقارنة منهج الإخوان المسلمين مع منهج دولة الإسلام في العراق والشام (وأخص هذين المنهجين بالذكر كونهما المنهجين الساعيين للوصول للحكم ) نرى اختلافا كبيرا واتفاقا في بعض الأمور . من الأمور التي يسعى لها الفريقان هي كما أسلفت إقامة أمة تحكم بالاسلام يستطيع المسلم التنقل بين ربوعها آمنا على دينه وأهله وماله وعرضه ونفسه .
ارتضى الإخوان المسلمون قواعد اللعبة الديمقراطية سبيلا للوصول للحكم وبناء مجتمع مسلم يحتضن أفراده وينمي مهاراتهم ويرعى الموهوبين والمثقفين ويذيب الفوارق المجتمعية بين الطبقات المختلفة ويتقبل الأقليات بل ويشركها في تياراته السياسية ويحترم شؤونها الدينية والمجتمعية ويحفظ لهم حقوق المواطنة .كذلك يرى الإخوان أن حقوق الإنسان مصانة وأنه له كامل الحرية في توجهاته وأن الغلبة السياسية في نهاية المطاف يحددها الرضى المجتمعي المتمثل بإفرازات صندوق الإنتخاب وهو ما يرسم خريطة البلد السياسية .
على الطرف الآخر والأكثر يمينية هو ما يعرف الآن بدولة الإسلام في العراق والشام وهي امتداد واقعي لفكر تنظيم القاعدة وإفراز طبيعي لما تعيشه الأمة من تسلط أعدائها ووهن شبابها .
تدافع الكثير من الشباب المسلم وتوافدوا على هذه الدولة الفتية والناشئة كما يقول أصحابها من بغداد شرقا حتى الموصل و حلب شمالا ,امتدادا حتى تخوم شرق البحر المتوسط عند جبال اللاذقية وجنوبا حتى درعا . في هذه الدولة!! انصهرت العرقيات وزالت الفروقات وأصبحت ملاذا للجهاديين والمضطهدين في بلادهم,منهم العراقي والشامي والنجدي والحجازي والخليجي واليمني والليبي والمصري والتونسي والفارسي والأفغاني والشيشاني والتركي والفرنسي والإنجليزي وغيرهم من عرقيات , كلهم توحدوا كما يقولون لإقامة دولة الإسلام بالسيف والدعوة وكسر الأعداء بالقوة والجهاد !!
يرى منتسبوا هذه الدولة !! أن الحكم يجب أن يكون بالشورى وأن يتولى حكمها الأصلح وهو من يطلقون عليه لفظ 'أمير المؤمنين'!! , لا مكان لصندوق الإنتخاب عندهم ولا وجود للديمقراطية الكافرة!! كما يقولون في فهمهم لإدارة الدولة وشؤون الحياة .
الأقليات في رأيهم يجب أن تخضع لحكم الدولة ولا مكان لهم في خارطة الدولة السياسية , في المقابل للأقليات الحماية حال دفعهم الجزية! ليأمنوا على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وأراضيهم ومكوناتهم المجتمعية .لا تعترف دولة الإسلام في العراق والشام بالدساتير الوضعية ولا بالمجتمع الدولي المحكوم كما يقولون من قبل الدول العظمى ومجلس الأمن .
من هنا أريد التنويه على أن تكوين الدول قديما و حديثا يمر بأربع مراحل تتضمن وجود الفكرة لتكوين دولة ثم جلب المؤيدين والمتحمسين ثم إنشاء قوة قادرة على حماية هذه الفكرة الوليدة وإذا سلمها الله من تصاريف الزمان تأتي المرحلة الرابعة في إعلانها حتى تصبح أمرا واقعيا مسلما به جبرا لا اختيارا , ولا أدل على ذلك من نشوء دولة الإسلام الأولى والتي بدأت بلفظ (إقرأ) عندما ألقاها جبريل عليه السلام على مسمع النبي الأكرم ثم عظمت هذه الدولة حتى ساس المسلمون الأوائل طول الدنيا وعرضها على الرغم من وجود إمبراطوريات عاتية وذات قوة طاغية وضاربة أطنابها في رحم التاريخ مثل الفرس والروم , بل تلاشت هذه القوى العظمى وأصبحت شذر مذر وأضحت حكايات من التاريخ . من هذا الفهم للتسلسل الهرمي والتدرج في مراحل تكوين الدولة نرى على سبيل المثال التجربة الإخوانية في مصر افتقرت للعنصر الثالث في تكوين الدولة , ألا وهو القوة المادية لقادرة على الدفاع عن شرعيتهم في الحكم ولذلك ما لبثت أن تلاطمت بهم أمواج الدولة العميقة وكما قال المثل العربي الشهير 'من استعجل الشيء قبل أوانه , عوقب بحرمانه'
من هنا أستطيع القول أنه يجب ألا يستهان بفكرة وتأييد كثير من الجهاديين وقوة دولة الإسلام في العراق والشام وهل خرجت دولة في التاريخ من العدم!! , كذلك مما يزيد إقبال كثير من الشباب المسلم على هذه الدولة! أغلاق أبواب الرزق والمعيشة في أوجههم ورمي كثير منهم في السجون واستبعاد كثير منهم وعدم استقطابهم وتوظيفهم في الحياة السياسية بل ورمي من تجرأ منهم ودخل بعبع السياسة ودهاليزها السجون وظلمات المجهول كما فعل بالإخوان في مصر .
أرى أنه من الحكمة والأولى والأصلح لدولنا وحكوماتنا وقادتنا وساستنا وشعوبنا قبول الإسلاميين في المعترك السياسي بل والاقرار بما يفرزه صندوق الإنتخاب وبهذا يمكن احتواء الإسلاميين ويمكن توظيفهم في بناء الدولة على الطريقة النمطية الحديثة , وأرى كذلك وجوب المسارعة في إيجاد صيغة سياسية لحل القضية المصرية الراهنة بين الإخوان المسلمين وهم (الأكثر اعتدال من بين الحركات الإسلامية )والعسكر في مصر بطريقة مرضية لجميع الأطراف , وإلا فالبديل لكثير من الشباب الإسلامي المضطهد سيكون ذلك المارد الإسلامي العرمرم والذي يزداد قوة يوما بعد يوم والذي ينظِر لأصحابه ومنتسبيه أنه من أراد حكما ديمقراطيا عبثيا فلينظر لمصر وما حل بحاكميها الجدد من رميهم في السجون والتضييق عليهم في دينهم ودنياهم , ومن أراد حكم الله !! فليأت إلينا ولينتهج منهجنا على اختلافنا معهم ووقتها نقول 'ولات حين مندم '
د.عزيز الظفيري
تعليقات