لن تجفل الرياض من نباح كلاب ليل بعيدة
خليجيأكتوبر 30, 2013, 12:02 ص 4126 مشاهدات 0
هل الادارة الاميركية الحالية قادرة على تنفيذ الاستدارات الاستراتيجية التي تلمح الى أنها بصدد القيام بها في القضايا الاقليمية حولنا. أم إن غياب المؤهل لقيادة عملية الاستدارة يهدم العمق في مشروعهم الاقليمي الجديد ؟ يجيب المشهد الدولي الراهن وكأنه لم يكن بحاجة لمثل هذا السؤال،فصياغة الاستراتيجية تجمع بين الفن والعلم كما يتفق معظم الاستراتيجيين، حيث يذهب هاري يارغر ' Harry Yarger'الى ان صياغة الاستراتيجية هي ساحة العبقريات النادرة حيث يتوصل القادة الموهوبون بفعل حدسهم الى حلول عظيمة لقضايا معقدة بشأن السياسة الخارجية. ولايمكن إنكار دور العبقري الحقيقي ولكن ليس هناك سوى دول قليلة في البيئة الحالية التي تتسم بالدينامية تستطيع تحمل عواقب الانتظار الى حين وصول عبقري يعول عليه. ومن مقال النائب الجمهور بالكونجرس الأمريكي جون ماكين في الــ 'واشنطن بوست' قبل أسبوع نصل الى قناعة إن الولايات المتحدة ستتحمل عواقب الانتظار الى حين وصول عبقري يعول عليه بعد الفشل الذريع للرئيس الأمريكي باراك أوباما في سياساته الشرق أوسطية،وفقدان واشنطن للمصداقية في هذه المنطقة الحيوية وعرض المصالح الأمريكية للخطر.
ولم يكن كثير من المحللين بحاجة الى الاستفاضة في شرح ان رفض الرياض لمقعدها في مجلس الامن موجها بالدرجة الاولى الى 'الفراغ' الذي سيشغله العبقري المنتظر في واشنطن. ثم أنهى الجدل رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بالقول إن الرسالة موجهة من المملكة إلى الولايات المتحدة وليس الامم المتحدة. وبعد إنجلاء دخان قنبلة الرياض شرعت واشنطن والرياض على حد سواء في تقييم الاضرار الحالية وتجهيز الاجراءات القادمة.وكان مما هال السعوديين الاصطفافات الكثيرة المؤيدة لموقفهم في الخليج والعالم العربي والإسلامي بل والساحة الدولية أيضا. لكن بعض المراقبين ومنهم د.سعد بن طفلة توقع ان تبادر واشنطن الى صف بيادقها دفاعا عن البيت الابيض المعرض للانكشاف الاخلاقي بمعاييره المرتبكة. فغرد ' أتوقع حملة غربية شعواء على السعودية خلال أسابيع، سيكون ظاهرها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وباطنها شيء آخر وأهدافها ابتزازية بحتة' . ولم يطل الامد حيث اطلقت واشنطن على الرياض 'الدينغو' و الهوند' وربما 'السلوقي' مرددة في الليل البعيد صوت واحد لم يخرج عن ملف حقوق الانسان من أوكرانيا وكندا واستراليا و رومانيا و أثيوبيا وكوستاريكا . هذه الاصوات البعيدة لم تثنى الرياض كما يبدو عن السير بسياستها في خطين متوازيين يظهران انها لم تكن من اصحاب دبلوماسية ردة الفعل غير المدروسة التي كانت توصف بها الدبلوماسية القذافية مثلا. فهي لم تحسم موقفها من المقعد الدولي رسميا، كما لم تغلق الباب امام مجموعة من الدول تحاول ثنيها عن موقفها بحكم الثقل الذي تمثلة الرياض وبصماتها فيما سيتمخض من قرارات في مجلس الامن الدولي في العامين القادمين .أما الخط الثاني فهو الاستمرار في موقفها القوي من القضية السورية التي اختزلتها واشنطن في السلاح الكيماوي. وفي استهجان تقلبات واشنطن و تقاربها مع طهران رغم تعنت الاخيرة في قضايا تمس أمن الخليج العربي .
لقد أسس الرفض السعودي -عند كتلة دول الخليج المحافظة - وعي بنفسها وبالعالم حولها وبعلاقتها بواشنطن خاصة .مما يجعل نجاحها أقرب الى التحقيق من فشلها للأسباب التالية :
-خيبة الامل في الاجراءات الاميركية ليست جديدة على الرياض التي تجيد التعامل معها، ومن ذلك لفتة الرئيس كارتر الجوفاء عام 1979م بعد سقوط الشاه حيث أرسل سربا من طائرات F-15 لدعم المملكة وليعلن والطائرت لازلت محلقة في الجو أنها غير مسلحة. وكذلك حين سحب ريغان سفنه وقواته من لبنان بعد أول انفجار يواجه جنوده 1983م .
-الهجوم على السعودية من خلال ملفات حقوق الانسان والديمقراطية ملفات ابتزاز لم يظهر عجز الرياض عن التصرف بالحكمة المطلوبة تجاهها من خلال الاصلاحات المتعاقبة .
-حيز المناورة للمملكة واسع يدعمها في ذلك أصالة المطالب التي نشرتها كمسوغات لاعتذارها عن مقعدها في مجلس الامن الدولي واعتبرتها واشنطن إهانة مفتوحة،رغم ان العكس هو الصحيح من باب ان الالفة الزائدة تجلب الاستخفاف فقد اعتبرت واشنطن منذ زمن ان الدول المحافظة مضمونة وفي جيبها .
هذا ما يظهر حتى الان وإن كانت الرياض تحتفظ بخياراتها الحقيقية لنفسها،لكن المؤكد ان المملكة لن تجفل من نباح كلاب ليل بعيدة.
تعليقات