البكاء على الأطلال لن ينفع الكويت!.. بنظر فاطمة البكر
زاوية الكتابكتب أكتوبر 25, 2013, 12:40 ص 678 مشاهدات 0
القبس
وهج الأفكار / الذاكرة الحية.. والإرادة القوية
فاطمة عثمان البكر
• الخروج من عنق الزجاجة لن يكون إلا بالإرادة القوية والخطوات الجادة والعمل، فعلينا بالتقدم إلى الأمام، وكفى كلاماً عن الماضي فقط.
الذاكرة.. والذاكرة الحيّة تلك الهبة الإلهية الكبرى التي وهبها الله للإنسان وميزه بها عن سائر الكائنات الأخرى، وأصعب وأقسى ما يمكن ان يصاب به الإنسان هو «فقدان الذاكرة»، فالذاكرة هي المخزون والخزان، الذي يحتفظ به الإنسان، وهي التي تقوده إلى الحاضر والمستقبل، هي العالم الذي يحتفظ به لنفسه وللآخرين، هي التي تحتفظ به له من الماضي بكل ما يحفل به من ذكريات، من فشل أو نجاح، من إخفاقاته دروسٌ، ومن نجاحاته بارقة أمل للحاضر، ومن ثم ترسم له حدود المستقبل انكسارات.. أفراحاً.. أتراحاً، بعضها يطفو على سطح تلك الذاكرة، وبعضها ينام في حنايا النسيان.
وكما هي للأفراد هناك ذاكرة للأمم والشعوب، هناك انتصارات وانكسارات، صعود وهبوط، مسيرة حافلة بأحداثها، بتعاقبها جيلاً بعد جيل، ومن زمن إلى زمن، ومن تاريخ إلى تاريخ، حصيلة ضخمة من المواقف والمواقع والأحداث، تراكمات فوق تراكمات.. والذاكرة الحية لتلك الأحداث هي ما يُطلق عليها «الدروس المستفادة»، والشعوب الحية صاحبة الذاكرة الحية هي التي تستفيد من تلك الدروس وترسم حدود المستقبل، هي التي تبحث في ذاكرتها عن موطن اخفاقاتها وانكساراتها ومواطن ضعفها وقوتها، فتتلافى الأخطاء وتتحدى المعوقات، وتجتاز المحن بإرادة قوية.. شعوب وأمم نهضت وتعدت الصعاب واجتازت الكوارث والمحن والنكبات، وغدت ممن يشار إليها بالبنان.. استفادت من تاريخها واستغلت إمكاناتها، ومهدت للحاضر والمستقبل، لم تقف على حافة تاريخ مضى وانقضى، وبقيت تدور وتدور حول «المجد التاريخي التليد» أو انكسار وكبوة وغفوة حاضرها، بل نهضت وانتفضت وتجاوزت، يدفعها الإيمان والأمل والعمل بصدق وإخلاص.
الوقوف والبكاء على الأطلال، الشكوى والبلوى، الاستعراض الشامل والكامل والوافي لكل السلبيات التي تحيط بنا، التغني بالماضي الجميل والزمن الجميل.. لن تجدي نفعاً إذا ما كانت هناك الإرادة القوية والخطوات الجادة والعمل من أجل الخروج من عنق الزجاجة، فلكل مرحلة كانت لها ظروفها، وما علينا إلا التقدم إلى الأمام والأخذ بأسباب تقدمنا في تلك الفترة من تاريخنا، فنحن نعيش في ظروف مختلفة من هذا التاريخ، فترة زمنية استثنائية، فكفانا سفسطائية والدوران في حلقة مفروغة مفرغة، فاليوم ليس هو الأمس، وغدٌ لن يكون مثل اليوم، وتبقى الذاكرة الحية تحتفظ بالذكريات الجميلة!
تعليقات