الكويتيون فشلوا جميعاً في بناء الوطن.. بنظر سليمان الخضاري

زاوية الكتاب

كتب 1059 مشاهدات 0


الراي

فكر وسياسة  /  التنمية الاجتماعية والهوية الوطنية الجامعة.. ما نخشى الخوض فيه!

د. سليمان الخضاري

 

في ظل النمط الاستهلاكي الذي نعيش في كنفه، والذي يلقي بظلاله على جميع مناحي الحياة تقريبا، تنزوي أسئلة ملحة تتعلق بكياننا ومصيرنا ومستقبلنا إلى منطقة مجهولة من تفكيرنا الجمعي الواعي، لتترك الساحة مفتوحة لكثير من الأسئلة والاهتمامات التي أقل ما توصف به بأنها.. هامشية... في أفضل الأحوال!
من تلك الأسئلة ما يتعلق بالتنمية الاجتماعية في دولنا وعلاقتها بتشكيل الهوية القومية الوطنية الجامعة والقادرة على صهر جميع مكونات المجتمع في قالب واحد في ما يتعلق بروح الانتماء والمشاركة في بناء الأوطان، أخذا في عين الاعتبار جملة من الحقائق المهمة عند تناول قضايا كهذا في مجتمعاتنا، أولها أن مجتمعاتنا حديثة التشكيل وفق المفهوم العصري للدولة، وأنها مجتمعات تتداخل فيها العناصر السياسية بالاجتماعية بكثافة، وأنها في كثير من الأحوال لم تتشكل، على الأقل في حدودها، وفقا لقرارها الوطني المستقل، مرورا بحقيقة مؤلمة مفادها أن جميع المجتمعات والدول هي معرضة للهزات الكبرى التي قد تقضي عليها وتعيد تشكيلها وفقا لأشكال وأنماط أخرى لا تخدم شعوبها بالضرورة!
ولنكن أكثر تحديدا ومباشرة، وخصوصا في ما يتعلق بواقعنا الكويتي المهترئ، فالمرء لا يحتاج حقيقة لسرد الأدلة العلمية المعقدة والاستشهاد بالأبحاث العلمية المحكمة للتدليل على عمق الأزمة الاجتماعية التي تعصف بهذا المجتمع منذ عقود، ويكفي لفهم أبعاد الأزمة تلك أن نجيب عن بعض الأسئلة المحرجة، بشرط أن تكون عندنا الشجاعة والجرأة لنفعل ذلك، وإليكم بعض تلك الأسئلة:
- ما نسبة من يستطيعون التسامي على معايير الانتماء الطائفي والقبلي والعائلي في ممارساتهم السياسية او الأدارية؟
- كم نسبة من يعتبرون المواطن الكويتي الآخر المختلف اجتماعيا أو مذهبيا أقرب لنفوسهم ووجدانهم من شخص آخر ينتمي لدولة أخرى لكنه يشترك معهم في المذهب أو الانتماء الاجتماعي نفسه؟
- لماذا يفضل الكثير من المواطنين الكويتيين، إن لم يكن أكثرهم، التجمع سكنيا في مناطق يغلب عليها اللون الاجتماعي أو المذهبي الذي ينتمي إليه؟
لن أذكر أمثلة أخرى أكثر إغراقا في الكوميديا السوداء من مثل ميل الكثيرين منا لأندية رياضية يغلب عليها لون مذهبي أو اجتماعي معين لا لن أثخن جراح القارئ الكريم، لكن هذه بالطبع عينة صغيرة لنوعية الأسئلة التي نعلم حقيقة إجابتها المرة، إلا أننا لا نحاول بجدية تقديم حلول تتناسب مع حجم الأزمة التي تكشف عنها إجاباتنا تلك، إذ ان هذه الإجابات تكشف المستوى المريع من الفشل الذي وصلنا إليه دولة ومجتمعا في تحقيق أدنى معايير التنمية الاجتماعية في مجتمع صغير وغني بموارده المالية ما ينعكس على ضعف الرابطة الوطنية الجامعة، وهو ما ينذر بكوارث أكبر في المستقبل!
وككل أزماتنا، فهذه الأزمة معقدة ومتشعبة، وتتداخل فيها ضياع الرؤية لدى الساسة وقادة المجتمع، وقضية التجنيس السياسي، واهتراء المنظومة التعليمية، وضعف أو هامشية المجتمع المدني وانشغاله بعناوين محددة متعلقة بالصراع السياسي مع السلطة، وغيرها.
القضية أيها السادة هي قضية وطن فشلنا جميعا في بنائه، ومالم نحاول تدارك أخطائنا تلك فسوف تستمر الروح الوطنية مجرد حالة انفعالية تتحرك فينا كلما سمعنا أغنية وطنية أو رأينا علمنا يرفرف مع انجاز رياضي أو علمي تم تحقيقه بالقدرات الذاتية وبشكل هو أقرب للصدفة لضعف احتمالية تكراره..
هل قلت العلم الوطني لدولة الكويت؟ أه تذكرت... حتى هذا أضحى في عرف بعضنا اليوم.. مجرد خرجة!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك