عن ظلم مهاجري العالم الثالث!.. تكتب فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 1314 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  هجرة إلى آفاق مجهولة

فاطمة عثمان البكر

 

• الظلم والتعسّف يدفعان المهاجرين من أبناء العالم الثالث إلى الهجرة إلى عالم مجهول ويكون عندهم الموت والحياة متساويين.

في قارب خشبي حمل تلك الأجساد المنهكة، وبنظرات شاخصة إلى المجهول تكومت تلك الأجساد بعضها فوق بعض، وأصبحت في تكومها وتكدسها كقطيع من الأغنام المسافرة بلا عودة إلى مصيرها المحتوم.. تلك هي الصورة المؤلمة الحزينة التي نشاهدها بين فترة وأخرى لنشهد نهايتها كفيلم تراجيدي درامي مؤلم يحز في نفوسنا ويعتصرنا الألم للنهايات المروّعة من غرق في عرض البحار والمحيطات لهؤلاء المهاجرين إلى آفاق مجهولة وسط الأنواء والليالي المظلمة وفي بحار تئن فيها الرياح.

ما الذي يدفع هؤلاء المهاجرين لهجرة أوطانهم واقتلاع جذورهم بإرادتهم إلى عالم غريب عنهم، وربما يتقاطع مع أسلوب حياتهم مختلف عنهم، وكيف تتساوى عندهم الحياة والموت معاً، ليصبحوا وجبة شهية لأسماك القرش في أعماق البحر، إنه القهر الذي تصبح معه الحياة مستحيلة، حينما يفقد الأمن والأمان والعيش الذي يوفر للإنسان أقل متطلباته، حينما يفقد الإنسان إنسانيته يتساوى عنده البقاء والرحيل على مقياس واحد، ومما يثير الانتباه أن أغلب هؤلاء المهاجرين إلى المجهول هم من أبناء العالم الثالث، بلاد حباها الله بكل الخيرات من غابات وأنهار ومعادن ثمينة، ولكن الظلم والتسلط على تلك الخيرات حرم تلك الشعوب من التمتع بتلك الثروات، وعلى سبيل الذكر استمعت يوماً إلى سائل سأل داعية العصر فضيلة الشيخ الأكبر محمد متولي شعراوي عن مدى مصداقية أن الإنسان لا يمكن أن يموت جائعاً، فكان الرد ان الله منح الإنسان وسخر له الأرض والسموات ليعمرها بالخير والحق والجمال، ولكن شذوذ الإنسان وظلم الإنسان لأخيه الإنسان هو السبب في الاستفادة من تلك الثروات بالعدل والحق والميزان! ولكن عندما يخل بكفة الميزان يكون هناك الخسران.

إنه الظلم والتعسف الذي دفع بهؤلاء إلى الهجرة بحثاً عن الأمن والأمان والعيش الكريم. إن ما تشهده أوطانهم من قتل وسلب ودمار، وأصبح الفرار من الجحيم المستعر بحثاً عن حضن آمن، عن سلم وسلام هنا، وفي محاولة الفرار يغامر بنفسه وبأبنائه فيتساوى عنده الموت والحياة، والحياة والموت سيان، وليكن على ظهر باخرة خشبية ليصل إلى الآفاق المجهولة أو ليبقى وجبة شهية في قاع البحر لأسماك القرش.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك