الهجمة على صناعة السيارات بقلم فواز الفواز

الاقتصاد الآن

1075 مشاهدات 0

من الارشيف

استمعت إلى حماس وزير التجارة عن صناعة السيارات، واحترست من المنطق الاقتصادي الذي أصبح واقعا تحت إغراء عنوان كبير اسمه الصناعة، يقوده بيروقراطيون بعيدون عن مزاولة الأعمال التجارية الناجحة. هناك فرق بين التهيئة للصناعة من قبل الأجهزة الحكومية وبين أن تقود الحكومة تبني صناعات معينة واتخاذها دليلا على نجاح التوجهات الصناعية من خلال سيطرتها على الدعم والتسهيلات.

لا بد لموظف الحكومة أن يعرف أن الشركات العالمية تقبل التصنيع في المملكة بمدى استفادتها من الدعم المالي والتسهيلات النظامية والاقتصادية. هذه الشركات في الغالب لا تستثمر بل تستفيد، فمثلا، وبعيدا عن السيارات، رأينا كيف شركة مثل داو كيميكال ''شريك أرامكو في صدارة'' أقنعت الحكومة باقتراض ملياري دولار، على الرغم من الميزة النسبية والتجربة في هذه الصناعة، فكيف بصناعة السيارات الأكثر صعوبة على أكثر من مستوى.

صناعة السيارات صعبة لأسباب اقتصادية تنبع من طبيعتها، فهي تعتمد استثماريا على رأسمال كبير capital intensive في بنيتها وتحديثها المتواصل، ومن ناحية البيع تعتمد على المستهلك المتقلب في الذوق والقدرة الشرائية وحساسة لحجم المبيعات. هذه الخصائص تجعل تدخُّل الحكومة في اقتصادياتها أمرا صعبا، إذ لا يمكن للجهاز البيروقراطي معرفة التفاصيل، التي هو في الآخر مسؤول عنها بسبب دور الدعم والتسهيلات. هناك مقارنة سطحية مع كوريا التي لديها قطاع خاص متماسك وطاقات بشرية معتبرة مع جهاز حكومي أكثر فاعلية، وهناك مقارنة مع تايلاند التي أخذت باستراتيجية أخرى ناجحة.

''تركيا تأخذ بهذه، من المبكر الحكم'' أصبحت بها مركزا إقليميا لتصنيع كل ما يدخل في صناعة السيارات ''للشركات العالمية المعروفة'' دون أن تكون منتجا نهائيا في الغالب. هناك وضعية وخطط لكل بلد في نسق مع التطورات الذاتية من بشرية وفنية وترابط مع الصناعات الأخرى. صناعة البلاستيك والحديد في المملكة لا تكفي ولكنها قد تكون إحدى فقرات الترس في عجلة التصنيع. لدى المملكة، كما تدل أرقام سوق استيراد السيارات، سوق كبيرة، وهذا قد يكون مغريا لسياسة الاستبدال التي غالبا تفشل، خاصة أن نمو الاستهلاك يعتمد على نمو الميزانية وليس لامتداد طبيعي في الطلب ''النابع من نمو اقتصادي حقيقي مبني على الإنتاجية''. لا نريد التثبيط والإحباط، ولكن علينا تلمس النموذج المناسب لنا بعيدا عن الضغط الطبيعي على الأجهزة البيروقراطية لإظهار منتج كيفما اتفق.

علينا الوعي بأن التصنيع عالميا تغير، فالصناعة النهائية ليست مهمة بقدر الصناعات المرادفة والتحويلية فكل سيارة مصنعة في أكثر من خمس دول أو أكثر. خيار التصنيع جيد حينما يراهن على الميزة والقدرات النسبية وحجم السوق والرغبة العميقة التي تقودها ربحية اقتصادية وليست محاسبية. تتفاوت نسب المحتوى الصناعي حسب الصناعة والظروف الموضوعية ولذلك على المخطط مسؤولية مضاعفة. صناعة البتروكيماويات في الاتجاه الصحيح وحتى المستوى الثالث ممكن في ظروفنا، ولكن الغوص للصناعات التحويلية والنهائية المعقدة دون تغيير جذري في هيكل القدرات البشرية وتفعيل سياسة طاقة في نظري خطأ استراتيجي. لعل تجربة تايلاند هي الأنسب لتدرجها الطبيعي ودور القطاع الخاص. جذب صناعات ثقيلة مدعومة يحمل مخاطر مهما كانت العناوين التي تدغدغ المشاعر الوطنية.

الآن - العربية

تعليقات

اكتب تعليقك