مسيرة المرأة السياسية نهايتها الطلاق.. بنظر خليل حيدر
زاوية الكتابكتب أكتوبر 6, 2013, 12:42 ص 665 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / مسيرة سياسية.. نهايتها الطلاق!
خليل علي حيدر
ما حدود سلطة الزوج في منع زوجته من العمل السياسي او حتى التعبير عن توجهاتها في هذا المجال؟ وماذا لو كانت الزوجة في حزب لا يحبه الزوج على الاطلاق ويرى فيه شرا كبيرا؟
جاء في الصحف منذ ايام ان رجلا في مصر طلق زوجته لمشاهدته اياها تشارك في مسيرة للاخوان المسلمين في «الفيوم» جنوبي القاهرة اثناء مروره بالصدفة خلال انطلاق المسيرة.
وقالت صحيفة «المصري اليوم» ان الرجل عند مشاهدته زوجته استوقفها وبادرها بالقاء يمين الطلاق عليها وامرها بالذهاب الى منزل اسرتها لحين اتخاذ اجراءات الطلاق الرسمية، وقد اصر الرجل على موقفه «معللا ذلك بعدم استئذان زوجته منه الى جانب معارضته للاخوان المسلمين بشدة» (القبس، 2013/10/1).
كُتب الاسلاميين وبخاصة الاخوان عن المرأة وحقوقها كثيرة، ومن اوسعها انتشارا كتب الشيخ يوسف القرضاوي الذي يقول في كتاب «ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده»، القاهرة 1993، ان الاسلام «لم يهدر شخصية المرأة بزواجها، ولم يذبها في شخصية زوجها، كما هو الشأن في التقاليد الغربية، التي تجعل المرأة تابعة لرجلها، فلا تعرف باسمها ونسبها، اما الاسلام فقد ابقى للمرأة شخصيتها المستقلة المتميزة، كما ان شخصيتها المدنية لا تنقص بالزواج، ولا تفقد اهليتها للعقود وسائر التصرفات، وهذا امر لم تصل اليه المرأة الغربية الا حديثا» (ص341).
وهو في كتيب آخر بعنوان «مركز المرأة في الحياة الاسلامية»، الاردن 1996، يجيز للمرأة على مذهب الامام أبي حنيفة تولي القضاء في الامور غير الجنائية، وكذلك عضوية المجلس النيابي والوزارة ورئاسة المؤسسات «اذا اقتضت المصلحة»، ويرى صراحة ان جواز ذلك لا يعني وجوبه ولزومه، بل ينظر للامر في ضوء «مصلحة المرأة، ومصلحة الاسرة، ومصلحة المجتمع ومصلحة الاسلام»، بالنسبة لتولي القضاء (ص31).
وتجمع كتب الاخوان والاسلاميين على مثل هذه الاولويات والقيود في اقرار حقوق المرأة السياسية مما لا يجعل حق الزوجة في هذا المجال خالصا ومطلقا.
وفي 2011/11/24 بعد ثورة يناير بأشهر في مصر، نشرت صحيفة «اللواء الاسلامي» القضية التالية عن احد المصريين:
«زوجته عضو عامل في احد الاحزاب اليساسية تحرص دائما على حضور اجتماعاته وكل الندوات واللقاءات التي تتم فيه، وفي فترة الثورة كانت من المؤثرين فيها، وعندما تم الاعلان عن فتح باب الترشيح للانتخابات، تقدمت بأوراقها للترشح لعضوية مجلس الشعب دون الرجوع اليه، وبعد ان تمت كل الاجراءات اخبرته بما فعلته، كما لو كانت على علم انه لن يوافق على ذلك مطلقا، وبالفعل قابل ذلك بالرفض الشديد، وطالبها ان تسحب اوراق ترشحها وتكتفي بفاعليتها في الحزب، على اعتبار ان عضوية مجلس الشعب مسؤولية كبيرة قد تؤثر في اهتمامها ببيتها وابنائها، لم تستجب لطلبه وألقت بكلامه عرض الحائط واستمرت في حملتها الدعائية فتقدم بدعوى نشوز لعدم انصياعها لكلامه، الا انها هي الاخرى قوبلت بالرفض، مستندين على ان الترشح لعضوية مجلس الشعب من حقوق المرأة التي كفلها لها القانون ولا يحق للزوج منعها من ممارسة هذا الحق ورغم ان الآراء كلها اجمعت على احقية المرأة في الترشح للانتخابات، الا انها اختلفت حول احقية الزوج في منعها من ذلك وكان لكل رأيه وأدلته التي يستند اليها».
وكان تعليق المستشار «حسن منصور» نائب محكمة النقض ان المشرع المصري قد نظم حق المرأة في الترشح والانتخابات بموجب القانون 73 لعام 1956 بشأن مباشرة المرأة الحقوق السياسية، واضاف ان «الشريعة الاسلامية اعطت للمرأة هذا الحق واقره القانون لذلك فانه لم يسمح لأي شخص ايا كان ان يمنعها من مباشرة هذا الحق طالما تجد في نفسها القدرة على ذلك، حتى ولو كان هذا الشخص هو زوجها، لان الاسلام امر الزوجة ان تحافظ على حقوق زوجها، ولكن في المقابل امره ان يحافظ هو ايضا على حقوقها، ولا يمنعها من ممارسة أي حق من حقوقها. ولو تقدم الزوج بدعوى نشوز الزوجة لانها لم تنصع لاوامره في عدم ترشيح نفسها في الانتخابات، «فانه في هذه الحالة القاضي يرفض الدعوى لان المقصود بالنشوز ان تمتنع المرأة عن اتيان الزوج أي حق من حقوقه، ولكن ما يحدث في هذه الحالة ان الزوج هو الذي يحاول منعها من ممارسة حق لها بقوة القانون».
اما د.عبدالفتاح ادريس رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالازهر فقد اقر بحق المرأة المشاركة في الحياة العامة ولكنه رأى ان الرجل له ان يمنع المرأة من الترشح في الانتخابات في حالة واحدة فقط هي ان يأتي ذلك على حق من حقوقه، واكد د.ادريس ان الاعمال المنزلية التي تقوم بها المرأة ليست واجبة عليها، وليست حقا للرجل، «أي انه لا يستطيع اجبارها على القيام بها، فالرسول (ص) كان يخدم نفسه بنفسه»، ورفض د.ادريس اعتبار خروج المرأة للعمل السياسي رغم ارادة الرجل نشوزا، «لان النشوز ان تخرج المرأة من البيت بدون اذن زوجها ولا تعود له مرة اخرى، اما المرأة النائبة في مجلس الشعب او الشورى فتباشر عملها وتعود مرة اخرى فليس للرجل من دليل على نشوز زوجته».
ويقر الشيخ «فرحات المنجي» وكيل وزارة الازهر الشريف سابقا بالحقوق السياسية للمرأة، ولكنه يذكرها بان «الاشتغال بأمور السياسة شيء مستحب لها وليس واجبا عليها او مفروضا، خاصة انها ستكون دائما في محافل الرجال لمدد طويلة وهذا قد يؤدي الى اهمال زوجها في متطلباته لذا لابد من موا فقة الزوج على قيام المرأة بهذا العمل، بشرط ان تلتزم بالآداب الاسلامية، كأن لا تكون متبرجة او متزينة بما لا يليق والا تختلي بالرجل أيا كان»، واختتم كلامه بالقول «ان الامر كله متوقف على موافقة الزوج، ولو اصرت على مخالفة الزوج في هذه الامور المباحة فهي تعتبر ناشزا وتسقط حقوقها لان امتثال الزوجة لاوامر زوجها امر من الله تعالى، وهي بذلك تكون خالفت امر الله عز وجل».
أي ان المصري الذي رأى زوجته في مظاهرة للاخوان بالفيوم قد يكون له حق طلاقها، ان لم يقتنع القاضي بأن مشاركتها في مسيرة الاخوان كانت ضرورة!
تعليقات