رواية 'الخروج'!.. بقلم خليل حيدر
زاوية الكتابكتب سبتمبر 29, 2013, 12:15 ص 807 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / رواية 'الخروج'
خليل علي حيدر
في أعقاب نكسة عام 1967 بأشهر قليلة، كتب الباحث الاردني سليمان موسى (2006-1919)، محاولا تعميق الوعي بما جرى، فقال: «ليست النكسة التي اصيب بها العرب في شهر حزيران - يونيو الماضي من صنع رجل واحد او عدد معين من الرجال، كما قد يتبادر الى اذهان بعض الناس، ولا يجوز ان تلقى مسؤولية ما حدث على كاهل شخص واحد او عدد معين من الاشخاص. ففي العصر الذي نعيش فيه، قلت فعالية الفرد اذا عمل بمفرده، اكثر بكثير مما كانت عليه في العصور السالفة، لان المدنية واساليبها التكنولوجية اصبحت اليوم عملا جماعيا مشتركا، يقوم بالدرجة الاولى على تعاون مجموعات كبيرة من الاشخاص. وما اشبه الامة في ايامنا هذه بالآلة ذات الاجهزة المعقدة، لا تعمل بالكفاءة التامة والفعالية المطلوبة الا اذا كانت جميع اجهزتها، صغيرها وكبيرها صالحة للحركة المتنافسة المتآلفة مع بعضها البعض». (العربي، العدد 108، نوفمبر 1967 ص28).
كان مقال الكاتب بعنوان «مسؤوليات المثقفين العرب.. بعد النكسة». ولم يمنعه هول الحدث وحال العرب يوم ذاك من ان يشير الى جوانب النجاح في المنشورات الاسرائيلية، فكتب يقول: «ان الذي يطلع على ما ينتجه الكتّاب الصهيونيون من مؤلفات في اللغات العالمية المختلفة، ويقارن في ذلك بما ينتجه الكتاب العرب، يدرك البون الشاسع بيننا وبينهم ومدى تقصير كتابنا ومثقفينا في اداء واجبهم». ويشير الكاتب موسى الى رواية «الخروج» Exodus الشهيرة، التي كتبها الروائي الامريكي اليهودي «ليون يوريس» uris (2003-1924)، والتي امضى عامين من البحث قبل كتابتها وأجرى آلاف المقابلات، وموضوعها تأسيس دولة اسرائيل عام 1948، وتاريخ فلسطين منذ اواخر القرن التاسع عشر، بالطبع كما يرى احداثه اليهود وبخاصة من يتبنى منهم الصهيونية. وقد صدر الكتاب عام 1958 وسرعان ما اشتهر العمل الادبي في الولايات المتحدة حتى نافست الرواية في سعة انتشارها رواية «ذهب مع الريح»، وتم انتاجها كفيلم سينمائي عام 1960، ثم ترجمت الرواية الى لغات كثيرة.
ويقول الباحث سليمان موسى ان الرواية «تتضمن قدرا كبيرا من الاكاذيب والتزويرات». ولكنها، كما يضيف، «اخذت مكانها كعمل ادبي، وغزت اذهان آلاف القراء، ولم يتوقف كثيرون منهم ليتساءلوا عما فيها من حقائق. ولم تكن هذه الرواية عملا هينا مريحا، بل كان وراءها - كما يقول كاتبها - خمسون الف ميل من الاسفار، وسنتان من العمل الشاق، ومقابلات مع مئات الاشخاص وقراءة مئات الكتب». واضاف الكاتب موسى: «انني لا اعرف كاتبا عربيا انتج بلغة اجنبية عملا بهذا المستوى او قريبا منه».
ويستشهد الباحث الاردني بكتاب آخر عن اسرائيل اسمه «الطرق المتقاطعة الى اسرائيل» Cross Roads To Lsrael، الذي نشره عام 1965 «كريستوفر سايكس»، نجل السير مارك سايكس، المعروف جيدا عند العرب بانه احد اثنين اشتركا في وضع الاتفاقية المشهورة، «اتفاقية سايكس - بيكو»، التي وضعت اسس اقتسام اقطار الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا عام 1916.
ويضيف موسى ان المؤلف في تصنيفه كتابه القيم قد اعتمد على مصادر وكتب كثيرة كلها غربية، باستثناء مصدرين اثنين لمؤلفين من بلاد العرب، هما كتاب «اليقظة العربية» لجورج انطونيوس The Arab Awakening وكتاب «نضال العرب في سبيل الاستقلال» تأليف الدكتور زين نورالدين زين The Struggle For Arab Independence.
ويتساءل الكاتب موسى: اي عذر نستطيع ان نلتمس للكتَّاب وحملة الاقلام العرب؟ اين حملة الالقاب العلمية والباحثين والمؤلفين؟ ولا يرى الاستاذ موسى المشكلة في التأليف وحده بل وكذلك في الترجمة وما يحيط بها من ارتجال وتخبط لانزال نجده الى اليوم في الكثير من الكتب المترجمة: «لابد من القول ان القليل من الكتب المترجمة الي اللغة العربية جدير بالثقة التامة. ويشترك في وصولنا الى هذه النتيجة المؤسفة المترجمون والناشرون على السواء. ذلك ان المترجم لا يتقيد بأمانة النقل العلمية، ولا يكلف نفسه عناء البحث عن حقيقة أسماء المصطلحات والاعلام. فبير السبع تصبح «بير شيبا» واريحا «جريشو»، وعودة ابوتايه «عودة ابوطي».
استغرق الحديث عن التأليف والترجمة معظم مقال سليمان موسى، ولم يفصِّل كثيرا الفكرة المبتكرة التي بدأ بها حديثه حول اسباب النكسة واهمية عمل المؤسسات والجهد الجماعي والمسؤولية المشتركة في اي تحرك سياسي، اقتصادي، عسكري، وغيره.. ولاتزال ملاحظته سارية المفعول الى يومنا هذا.
تعليقات