بعضها خلاف بين شيخ لا يحب شيخا آخر
زاوية الكتابليس من مصلحتنا بالخليج تعميق خلافات دولنا وعلى المثقف أن يعي ذلك
كتب سبتمبر 23, 2013, 9:29 ص 4603 مشاهدات 0
منطقتنا مقبلة على الدخول في نفق الحروب الطائفية والتمزقات السياسية التي ستحولها إلى دويلات طوائف فاشلة مقسمة ومتناحرة، وستعمل قوى خارجية على ديمومة تلك الحالة واستمرارها. هذه قراءة معظم المتابعين والمهتمين بالشأن العربي، وتتجسد حروب الطوائف بأبشع صورها وأكثرها دموية بالعراق وسوريا اليوم، حيث التفجيرات العشوائية للمساجد والحسينيات وكنائس وأماكن عبادة أخرى، والتي لا يمكن أن تكون بفعل فاعل طائفي إرهابي وحسب، فالمؤكد أن وراء بعضها أجهزة استخباراتية دولية يهمها دخول هذه الدول في دوامة دامية لا تبقي ولا تذر، ولعب النظام السوري الدور 'الرائد' في تفجير الوضع طائفيا إخافة للطوائف والأقليات من إرهاب الجماعات الدينية المتطرفة ليوصل ما مفاده: إرهابي أو الإرهاب الديني وهما أمران داميان بامتياز وأحلاهما مر.
وسط هذه الرياح العاتية، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي برفاه واستقرار وأمن نسبي، وهي صورة لها أسباب عديدة لا يسمح مجال هذا المقال بتوضيحها كاملة، ولكن وسط هذا الهدوء والاستقرار النسبي، توجد خلافات بين دول المجلس، بعضها كامن وبعضها معلن بلا غطاء: فليس سرا أن مواقف دول المجلس تختلف من العلاقة مع إيران أو تركيا أو موقفها من ثورة يونيو بمصر أو الثورة السورية أوالموقف من حكومة المالكي بالعراق، أو حتى الموقف من الوضع السياسي الفلسطيني، حيث حماس تحكم غزة والسلطة الوطنية الفلسطينية تحكم الضفة الغربية. هذا بالنسبة للخلافات حول القضايا الإقليمية، ناهيك عن الخلافات البينية بين دول المجلس نفسه، والتي لن يحلها الزمن بشكل تلقائي بتجاهلها ولا مناص من ظهورها للعلن ومناقشتها وحلها تحت ميزان محكمة عدل خليجية تحل الخلافات بين الدول الخليجية كلما طرأت.
وسط هذه الخلافات الخليجية، تبرز ظاهرة الانحياز الإعلامي وانحياز بعض المثقفين لهذا الطرف أو ذاك، والدفاع عن مواقف البعض والهجوم والسخرية من مواقف الطرف الآخر، وهي ظاهرة تستشري على صفحات الجرائد ووسائل الإعلام المرئي والمسموع والرقمي الحديث والإعلام الفردي والتواصل الاجتماعي، يشاركون جميعا بشكل أو بآخر بتأجيج الخلافات الخليجية، ويعمقون أحيانا مشاكل بسيطة لا تستحق الالتفات إليها، ويضخمون أحيانا أخرى حدثا صغيرا أو تصريحا تافها لمسئول تافه –وما أكثرهم بيننا.
ويشكل هذه الظاهرة ثلاثة أنواع من المثقفين والإعلاميين والكتاب وناشطي شبكات التواصل الاجتماعي: مرتزقة يبحثون عن لقمة العيش من مداد القلم، وكتبة يقال لهم اكتبوا فيكتبون ويمكن تسميتهم بفداوية القلم، وفريق ثالث مخلص يعبر عن رأيه بهذه الخلافات ظنا منه أنه يساعد بذلك في حلها، ولا يدري أنه يشارك في تعميقها ومن ثم في تمزيق المنطقة وتباعد مواقف دولها.
لا أعتقد بأن الخلافات الخليجية مستعصية على الحل، ولا أظن أن تباين المواقف حول القضايا الإقليمية مضر بالضرورة، فقد حدثني قبل أيام مسئول خليجي رفيع المستوى بأن الخلافات أحيانا حول بعض القضايا تعطي دول الخليج نافذة على الموقف حيث لا يجب غلق النوافذ في التعامل مع الأزمات السياسية، وشدد المسئول على أن التفاوت الخليجي من أزمات المنطقة لصالح الخليج وتوزيع الأدوار مهم رغم أنه غير مخطط له، لكن يمكن اللجوء لدولة صاحبة موقف أقرب لأزمة ما لمساعدة الدول الأخرى بحال وصولها لطريق مسدود بتعاملها مع الأزمة.
خلافاتنا بدول الخليج بعضها شخصي لأن هذا 'الشيخ' ما يحب ذاك أو 'ما يشتهيه'، أو لأن بطانة ذاك المسئول لها مصالح تتعارض مع مصالح مسئول خليجي آخر، فتنشب حرب تكسير عظام صامتة بين المسئولَين اللذين يظهران على شاشة التلفزيون يقبلان بعضهما، وحربهما مستمرة بحيث يفتكان ببعضهما عبر وسائل الإعلام تلميحا أو تصريحا.
ليس من مصلحة الخليج تعميق خلافاته، فخلافات اليوم يتم تناسيها حال الخطر الداهم مثلما جرى بأزمة الكويت عام 1990، حيث وضع الجميع خلافاتهم جانبا وتنادوا لنصرة الحق الكويتي، لكن هل علينا انتظار أزمة شبيهة - لا قدر الله- للعمل على تلافي خلافاتنا؟ يبدو أن هذا ما سيجري، ولكن على كل خليجي مخلص- كل من موقعه- ألا يعمل على تأجيج الخلافات وتكبيرها فقديما قيل: 'هوّنها وتهون، وكبّرها تكبر'.
تعليقات