الوقت بات مناسباً لتنقيح الدستور الكويتي.. هكذا يعتقد حسن كرم

زاوية الكتاب

كتب 789 مشاهدات 0


الوطن

لعل الوقت مناسب لتنقيح الدستور

حسن علي كرم

 

من يتمعن بقراءة متأنية ومتعمقة للمادة (174) من دستور الكويت (دستور 62) وهو الدستور الحالي لا ريب في انه سيكتشف مدى انسداد الطريق لأي فكرة أو محاولة جادة وصادقة لعمل تنقيح او تعديل على مواد الدستور وكتبوا التوطئة والمقدمة والمذكرة التفسيرية لمواده قد تجاهلوا – لأمر ما – كتابة تفسير للمادة (174) والمواد التالية وهي المواد الداخلة في الباب الخامس والخاصة بالأحكام العامة والاحكام المؤقتة.
ورغم ان الحكومة قد سعت من جانبها إلى تعديل الدستور بعد الحل غير الدستوري لمجلس (75) فشكلت من اجل ذلك (لجنة الخمسين) فانيطت بها مهمة التنقيح، ثم كانت المحاولة الثانية بعد الحل غير الدستوري لمجلس (85) وتشكيل ما سمي بـ (المجلس الوطني) الا ان الغزو العراقي الغاشم في الثاني من اغسطس 1990 قد افشل كل المحاولات الحكومية اليائسة وسُد باب التنقيح مذاك، بل لعلي ازعم لم تجرؤ الحكومة على أي محاولة ثالثة، ويبدو انها قد صرفت النظر تاركة ذلك للظروف، سيما ان تخوف الحكومة من التعديل راجع لضغوط قيادات الاسلام السياسي التي تسعى من جانبه ها إلى تعديل نص المادة (2) لجهة اسلمة الدولة والمجتمع تشريعي. ما يعني ادخال الكويت في صندوق مظلم يتناوب على حراسته أهل اللحى!!
والواقع ورغم كل المحاولات الجادة وغير الجادة لجهة التنقيح ان كانت من جانب الحكومة او من الاسلاميين. الا ان التنقيح لم يتم ولن يتم في غياب رؤية حقيقية لماهية التنقيح خاصة اذا ادركنا انه دستور جامد في ناحية وفضفاض من ناحية اخرى – حسب وصف رئيس مجلس الامة الاسبق المرحوم احمد زيد السرحان.
ولعل الكثيرين قد لا يفطنون إلى انه كان يتعين تعديل الدستور بعد «خمس سنوات على العمل به» وهو ما يعني عندما صيغ الدستور. أنه صيغ لفترة عابرة او مؤقتة. وهو ما يعني ايضاً – اذا جاز التعبير – ان دستورنا الحالي هو دستور موقف كان يتعين اعادة صياغته او تنقيح مواده بعد الخمس السنوات الاولى من العمل به والواقع ان المشرعين الاولين الذين وضعوا شرط الخمس سنوات لم يضعوه اعتباطاً او جزافاً وانما من قبيل الادراك ان الكويت دولة وليدة. والتجربة الديموقراطية غير مسبوقة وغير مفهومة في مجتمع تربى على نمط عائلي ونظام رعوي، فالمواطن في مجتمعاتنا العربية وبخاصة الخليحية ينظر اليه على اساس رعية اي تابعية وليس مواطناً يتمتع بكامل حقوق المواطنة. ولعلي ازعم ان احد اسباب منغصات الديموقراطية الكويتية هو تخالط الفهم بين المواطنة والرعية وبين الشيخة الحاكمية والشيخة المنظمة بالدستور والقوانين.
عندما صدر الدستور في نوفمبر 1962 كان سكان الكويت من الكويتيين اقل من المائتي الف مواطن.. فيما يتجاوز الكوتيتون حالياً المليون زائداً المائتي الف(!!) اي تضاعف الكويتيون في خلال الخمسين سنة الماضية ست مرات من عددهم عند صدور الدستور، وعلى الرغم من ذلك التغيير الهائل في عدد الكويتيين لكن ظلت الامور كما لو كنا نقف في مكاننا ونغني مع الفنان الراحل عوض دوخي اغنيته المشهورة «الفجر نور يا سلام الفجر نور..» بينما العالم يتطور من حولنا..!!
فإلى متى نظل جامدين في مكاننا لا نجرؤ على ان نخطو الخطوة التالية وهي خطوة لعلها تأخرت خمسين عاما، فهل يبقى دستورنا جامداً وديمقراطيتنا على طمام المرحوم ام ان ضرورات العصر تقتضي مراجعة الدستور وتنقيحه من الشوائب والزوائد وما يعيق المسيرة ويكور صفو المجتمع..؟!!
من هنا اعتقد بأن الفترة الراهنة، هي من انسب الفترات لتعديل الدستور وتنقيح مواده بل لعلي اعتقد بأن البلاد بحاجة الى دستور جديد يواكب التطور ويفصل التشابك بين السلطات ويضمن الاستقرار السياسي آخذا بنظام المجلسين والحكومة غير البرلمانية. واما فيما يخص تعديل المادة (2) واسلمة الدولة والنظام الاجتماعي، فلقد فات ذلك على الاسلاميين بعد تراجع نفوذهم وتزعزع مواقفهم ولعلي من دعاة الغاء هذه المادة كليا من الدستور على اساس فصل الدين عن الدولة، فالدين منظومة عبادية تعوز بين المرء وخالقه لا شأن للدولة بها ان كن مسلما او غير ذلك.. باعتبار ان الحساب في الاخرة فردي وعلى اعتبار ان حرية العقيدة مكفولة.
وخلاصة القول.. ان الدستور الكويتي جامد ومعطّل للتطور وقد بات الوقت مناسباً لمراجعته وتنقيحه من الشوائب والزوائد.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك