الدعوة إلى حل مجلس الأمة هى دعوة اليائسين وتعنى الإخلال بالرقابة الشعبية على الأداء الحكومي والاستفراد بالسلطة
زاوية الكتابكتب يونيو 22, 2008, منتصف الليل 506 مشاهدات 0
حل البرلمان.. حل اليائسين
جاسم محمد الشمري
الدعوة إلى حل مجلس الأمة حلا غير دستوري ليست رأيا يقال، وبالتالي يغتاظ مروجوه من تكميم أيديهم عن كتابته، باعتبار أن حرية الرأي تقتضي ذلك، فالدعوة إلى إلغاء البرلمان انقلاب على النظام، وبالتالي لا ينبغي تجويز طرح مثل هذه الأفكار، ولربما كان تجريم اعتناق الأفكار النازية والشيوعية في النظم الغربية مدخلا لتحديد ما يجوز وما لا يجوز من نشر أفكار أو ترويج معتقدات تقوض البناء العام للمجتمعات.
البرلمان لا يمثل جوهر الديموقراطية، ولكنه أداة من أدواتها، والدعوة إلى تجميده أو تغييبه تقضي بتغييب هذه الأداة، الأمر الذي يخل بالرقابة الشعبية على الأداء الحكومي ويولد حالة من الاستفراد بالسلطة لا يعوض عنها إطلاق حريات النقد والمحاسبة الشعبية والإعلامية، كما يدعو إلى ذلك مروجو فكرة الحل غير الدستوري.
نعم نجزم بأن البرلمان كانت له مثالب ومساوئ، ولكن لا ينبغي معالجة الخطأ بخطيئة، ولنحدد مكامن الخلل حتى نصل إلى نقطة اتفاق يصار بعدها إلى وضع حزمة حلول للواقع السياسي المتردى الذي نعيشه.
أول مكامن الخلل يتلخص في عدم تشكيل حكومة بأغلبية برلمانية، ولا ينبغي هنا القول إن التيارات السياسية ممثلة في التشكيل الحكومي، لأن ما يحدث لا يستقيم مع مقتضيات اللعبة السياسية، إذ تتمثل التيارات في الحكومة ثم لا يلتزم نوابها بدعم التوجهات الحكومية ويعمدون إلى مناكفتها جهارا نهارا.
أما ثاني هذه المكامن فهو في غياب الرقابة الشعبية على أعمال مجلس الأمة، وهنا لا نعني محاسبة الأفراد لنوابهم، ولكن نعني قدرة الأفراد على اللجوء إلى السلطة القضائية لإلغاء أو تعديل أو تجميد تشريع لا يتفق ومقتضيات المواد الدستورية، وهو ما قيده قانون إنشاء المحكمة الدستورية الذي منع الأفراد من اللجوء إليها مباشرة، ولعل حادثة إلغاء قانون منع التجمعات بدعوى عدم دستوريته يشرح ما قد ينتج عن إفساح المجال أمام الأفراد للتقاضي فيما يرونه إخلالا أو إهدارا للمبادئ الدستورية من طرف البرلمان أو الحكومة على حد سواء، ويجعل الأفراد مساهمين بصورة أو بأخرى في التشريع لحياتهم وعدم قصر هذا الحق على النواب فقط.
وثالث مكامن الخلل يتحدد في تغيير الخارطة الانتخابية وتقليص خيارات الناخبين والابتعاد عن إفراد مناطق لقوى قبلية أو طائفية أو عالية دون غيرها ومحاولة تذويب هذه الكيانات المستحدثة، وهو أمر لا يمكن علاجه بجرة قلم وإنما بتتابع إجراءات، فحينما يكون للناخب حق الإدلاء بصوت واحد فقط تنتفي المصلحة القبلية أو الطائفية في تحديد خياراتها بمرشح واحد، ما يعني تقليص أهمية التصفيات الأولية، وحينما يتم الإلزام بحد أدنى من الأصوات الموصلة للبرلمان ينبغي على المرشح حصدها لا يكون واردا أن يلجأ المرشح إلى خاصته فقط للاستقواء بها، وإنما سيكون حريصا على فتح قنوات اتصاله بكل المجاميع الانتخابية في دائرته ويكون خطابه عاما لا خاصا.
حينما لا تكون لديك إلا شمعة واحدة في ظلام أدمس لا يكون من العقل إطفاؤها بدعوى أنها تحرق أصابعك.
تعليقات