تعليقا على مشروع القانون بتجريم الدعوة لحله، ناجي سعود الزيد يكتب عن سجن مجلس «الأمة» المركزي، ويرى هذا المجلس «محلول» قبل ان يولد.. سواء دستوريا او غير ذلك
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2008, منتصف الليل 520 مشاهدات 0
سجن مجلس «الأمة» المركزي
أنصح الحكومة ببناء مائة سجن جديد وتوسعة مبنى السجن المركزي، لكي يستوعب الآلاف المؤلفة المتوقع ان تسجن، لانها ترى الحل لمشاكل الكويت بحل غير دستوري لمجلس الامة..!
فالمشروع بقانون المقترح بسجن كل من «دعا أو حبذ أو حض عن طريق القول او الكتابة أو النشر أو أي وسيلة اخرى من .. وسائل التعبير عن الفكر» لحل غير دستوري لمجلس الامة خمس سنوات وغرامة 5000 دينار، هو القشة التي قصمت ظهر البعير ووضحت مدى الفهم السلبي والخاطئ لبعض اعضاء مجلس الامة لمعنى الديموقراطية.. يعني حتى لو كنت تتكلم مع الربع في الديوانية وقلت «والله ياليتهم يحلونه حلا غير دستوري ويفكونا»، فستجد نفسك مسجونا لمدة خمس سنوات وفوقهم بوسة بخمسة آلاف دينار!!
الديموقراطية ببساطة، هي حق ابداء الرأي في اي موضوع مهما كان شاذا او مناقضا للتوجه العام.. علما بان المطالبة بحل غير دستوري لمجلس الامة لم تولد اليوم، بل هي مطالبة مستمرة منذ ان حاد البعض من اعضاء مجلس الامة عن طريق الصواب، وها هم يتمادون في ذلك، مما يشجع على تبني الحل غير الدستوري وازدياد شعبيته.. ومن تبنى رأي الحل غير الدستوري يجني ثمار رأيه، فهو محق كل الحق ان كان نواب الشعب الذين وصلوا بألف طريقة وطريقة الى قبة البرلمان يطالبون بسجنه خمس سنوات، لانه ابدى رأيه!!
لن يكون هناك حل غير دستوري، فسمو الامير كان صريحا في انه متمسك بالثوابت الديموقراطية، وهذا يكفي ولكن تمادي بعض النواب لكي يحتفظوا بكراسيهم ومكاسبهم وتحويل الديموقراطية الى مهزلة لن يمنع المطالبة بحل غير دستوري، وخصوصا عندما يكون من بين المشرعين من هو متهم بالفوز من خلال انتخابات فرعية ومن هو متهم بشراء اصوات!
هناك حدود لما يستطيع المواطنون تحمله من سوء تصرفات بعض اعضاء المجلس، وهناك حدود لمدى قوة تحملهم للضغوط التي يواجهونها وتحد من حرياتهم وتقييد سلوكياتهم.. فهذا يريد سجنهم، والآخر يقول «من انتم؟» لتقولوا رأيكم ونسي ان يقول لنا من هو ومن اوصله إلى البرلمان؟! مجلس الامة ورقة اساسية في العملية الديموقراطية، لكن اذا حاد هذا المجلس عن الاسلوب الديموقراطي في بقية المجالات واستمر قمعه لحرية التعبير وتهميش آراء من اوصلوهم، فإن ذهابه افضل.. وعلى الاقل ستبقى الاوراق الاساسية الاخرى للديموقراطية مباحة ومن ضمنها حرية التعبير، فهذا ما جبلت عليه الكويت.
هذا المجلس «محلول» قبل ان يولد.. سواء تم الحل دستوريا او غير ذلك، فهو لا يمثل ولا يشكل اي ديموقراطية حقيقية، والامور اصبحت واضحة جدا بعد هذا الاقتراح بقانون الذي يريد ان يكمم الافواه، بل انه يسعى إلى هدم الكثير من الاسس والمبادئ التي بنيت الكويت على اساسها، فلم تبن الكويت على اكتاف فرعيات ورشاوى و«تريش» غير مشروع من خلال عضوية مجلس الامة، ولم تبن الكويت على واسطات نواب لتعيين من يرونه مواليا لهم في مناصب وترقية من يريدون بالواسطة وابتعاث من يريدون للعلاج في الخارج في اجازة ممتعة بمعية الاهل في اوروبا واميركا، بعيدا عن الغبار.
اجازة هذا القانون البائس ستؤدي الى سجن الآلاف من المؤمنين بالديموقراطية الحقيقية، وليست الزائفة، كما اسلفنا، التي تعيشها الاغلبية من نواب المجلس ويترعرعون بها ويزدهرون.
اتمنى ان ينشر هذا المقال قبل الموافقة على هذا القانون الاسطورة، حتى لا اكون اول المشرفين في السجن المخصص لضحايا مجلس «الامة» لانني دعوت الى اعطاء الفرصة لمن يريد حلاً غير دستوري ان يبدي رأيه بحرية!!
د. ناجي سعود الزيد
تعليقات