العمل البرلماني بنظر فوزية أبل تراجع إلى حد الشلل

زاوية الكتاب

كتب 790 مشاهدات 0


القبس

العمل النيابي: تصريحات إعلامية!

فوزية أبل

 

• المراقب للأداء البرلماني يتضح له اقتصار معظم النواب على تسويق مقترحاتهم إعلامياً، متخطين الأمانة العامة، فتتعطل اللجان ويتراجع العمل البرلماني إلى حد الشلل.

تميزت السنوات الأولى من عمر المجالس التشريعية بأداء برلماني واضح تراعى فيه الأصول الوطنية وأطرها الدستورية والأخلاقية، صحيح قد تكون هناك بعض المواقف النيابية والسياسية التي لا نتفق معها، ولكن لم تشهد تلك الفترة تكسباً سياسياً فاضحاً أو استخدام الوسائل الرقابية للابتزاز أو لتصفية الحسابات الشخصية، فقد ابتعدت تلك الممارسة عن كل ما يفرق المجتمع. ونجح رواد العمل النيابي على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم الاجتماعية والفكرية والسياسية أن يجبروا المواطن الكويتي على الالتفات إلى أدائهم وطرحهم السياسي مقارنة بالكثافة الإعلامية، كما هو حاصل في هذه الأيام، لا سيما على صعيد سرعة تناقل الخبر، وحضور الجلسات ونقلها، فضلاً عن الندوات واللقاءات في الفضائيات، ووسائل التواصل، والوسائل الأخرى المستجدة حالياً.

وقد مارس هؤلاء الأوائل دورهم النيابي بوطنية عالية، وقد ظهر ذلك واضحاً في تبنيهم قضايا عامة غيّرت شكل الحياة الكويتية، وطوعوا الأدوات الدستورية لخدمة تلك القضايا بهدف تأسيس وبناء دولة عصرية متطورة تتسم بالرفاهية وسيادة القانون وفق أسس إدارية يرتكز عليها الجهاز الحكومي لسنوات طويلة.

والملاحظ في أداء أغلب النواب في السنوات الأخيرة أننا قد نرى تقليص العمل النيابي ليصل إلى حد التصريحات الإعلامية فقط، والاكتفاء بمخاطبة الإعلام دون التوجه رسمياً إلى الأمانة العامة، فالعديد من النواب يعلن عن توجيه أسئلة إلى بعض الوزراء واقتراحات بقانون أو برغبة دون أن يودعها في الأمانة العامة للمجلس وفقاً للإجراءات المتبعة، أي الاهتمام بالشكل العام دون المضمون الدستوري. وبذلك يكون قد نجح في إيصال رسالته إلى قواعده الانتخابية دون رقابة عليه أو لجنة للقيم تقيّم أداءه وخطابه السياسي، إضافة إلى عدم الالتفات إلى تقارير اللجان فيما يتعلق بالاقتراحات برغبة وعدم عرضها على المجلس وفقاً للائحة الداخلية التي تنص على ذلك، فضلاً عن عدم تجاوب الوزراء مع تلك المقترحات كونها مقترحات إعلامية ليس أكثر. فإن كان النائب جاداً، فعليه أن يحول الاقتراحات برغبة إلى مشاريع قوانين تكون ملزمة للحكومة بعد أن يصوّت عليها المجلس بالموافقة، وتأخذ وقتها في اللجنة المختصة قبل عرضها على المجلس للتصويت.

واستكمالاً لذلك النهج، فقد ضربت أعمال اللجان النيابية في مقتل، وأصبحت رئاسة اللجان وقيادتها مكانة اجتماعية ليس أكثر، والصراع بين أعضاء اللجنة الواحدة، وبذلك تعطلت أغلب المقترحات والمشاريع بقوانين عدا الشعبية منها، والتي تعطي للنائب رصيداً في دائرته الانتخابية كقوانين الزيادات والكوادر الوظيفية، والمعاشات الاستثنائية وغيرها.

وفي المقابل، لم تثمر أغلب لجان التحقيق بل جميعها، والتي تشكلت في السنوات القليلة الماضية، عن الهدف الذي أنشئت من أجله، وسمعنا من بعض المراقبين استبدال جملة لجان التحقيق البرلمانية إلى لجان التحقيق الانتقامية، بهدف الانتقام من بعض الأشخاص عن طريق استدعائهم إلى المجلس.

إلى جانب قلة الخبرة والقراءة السياسية والتأهيل الفكري، وأيضاً غياب الخبرة في العمل السياسي والمدني، لدى كثير من نواب مجلس الأمة، فإن كل ذلك انعكس سلباً على الأداء والعمل النيابي بشكل عام.

وعن الأداة الرقابية الأقوى، وهي الاستجواب، فقد انحرفت تلك الأداة عن الطريق الذي حدد مسارها الدستور، كونه سؤالاً مغلّظاً يوجه إلى الوزراء أو رئيسهم، فقد رأينا في التجارب الأولى سحب عدد من النواب استجواباتهم بعد التوصل إلى حلول للقضايا محل الاختلاف أو بعد تعهد الوزير بالوصول إلى حلول، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح التعسف عنواناً لتلك الأداة، ولم يعد يهتم النائب بالقضية محل الخلاف، ورأينا، أيضاً، الإعلان عن استجوابات دون وجود محاور لها أساساً، وأصبح صعود المنصة هدفاً سياسياً في مرمى الخصم وغاية وليست وسيلة دستورية.

والسؤال الذي يفرض نفسه، إلى أين تتجه مؤسستنا التشريعية في ظل ذلك التراجع في الأداء والعمل النيابي؟!

فهل سنرى نواباً قادرين على إعادة الهيبة والمكانة إلى قاعة عبدالله السالم، بعدما تلوثت بالفساد والمال السياسي، وانحرف الأداء في اللجان والطرح والخطاب؟!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك