بلاد العُرْب أوطاني

زاوية الكتاب

كتب 10224 مشاهدات 0


منذ طفولتنا ومنذ أولى سنوات المدرسة وقبل أن نتعلم أي شيئ من الحياة وقبل أن نتعلم حتى كتابة الحروف الأبجدية والأرقام كنا نحفظ و نردد في ما بيننا كلمات  طبعت في أذهاننا منذ الصغر
( بلاد العُرْب أوطاني ... وكل العُرْب إخواني ) ..
اليوم وفي ذكرى خروجي لهذه الحياة وقد أكملت 22 عام لا أعلم لماذا وأنا أسترجع ذكريات 22 عام من عمري تذكرت هذه الكلمات بالذات فقد كنت أحفظها منذ الصغر ..
لا نعلم لماذا كنا نرددها آنذاك و لا نعلم تكملتها ولا نعلم حتى من هو صاحبها لكننا كنا نحفظ مطلعها فقط ولا نمل من تردديها وبين كل دقيقة وأخرى نعود لننشدها معًا ..
( بلاد العُرْب أوطاني ... وكل العُرْب إخواني ) ..
هي جزء من قصيدة الشاعر والصحفي السوري الثائر ضد الإنتداب الفرنسي آنذاك محمد فخري البارودي
والذي دعا من خلالها إلى وحدة الصف العربي ضد كل أشكال العبودية والإستعمار والظلم وأننا أمة واحدة
بلغة واحدة وديانة واحدة ودماء عربية واحدة ’ ربما لم يعلم فخري البارودي عندما كتب هذه القصيدة قبل عشرات السنين أنه سيأتي زمن لن تكون بلاد العرب كلها أوطاني .. ولن يكون كل العرب إخواني وأن كل شخص منا سيعيش وحيدًا ويموت وحيدًا وأن الكراسي ستفرقنا والمصالح ستفرقنا والبترول سيفرقنا وسنتشتت وسيُمزّق جسد عروبتنا وأن المرأة العربية ستصرخ وتصرخ وتصرخ ولن تجد من ينصرها ...
نعم يا أستاذ محمد أو كما عُرفت بـ فخري البارودي لسنا جسدًا واحدًا ..
هذه فلسطين منذ أكثر من 60 عام وهي تصرخ وحيدة
وهذه سوريا تغتصب يوميّا بيد جزارٍ لا يرحم ..
وهذه لبنان بلا هوية و بين كل فترة وأخرى حرب أهلية
والعراق من دمار إلى دمار والسجون أصبحت لا تكفي المساجين وبلا تهم
والصومال لا تجد فتات خبزة ..
والسودان ممزقة
وجيبوتي منسية ..
ومصر العروبة يقتل المصري آخاه المصري بلا سبب
ودول الخليج كلٌ يبحث عن مصالحه الشخصية
والأمثلة كثيرة ولا تحصى ..
وجامعة الدول العربية مجرد مسرحية لا تفلح في أي شيئ ولا يصدر منها أي قرارات ذات أهمية
والكثير الكثير يا فخري البارودي ..
كم أنا حزين جدًا وأنا أكتب هذا المقال وأعترف بأننا مشتتون ولا نشعر ببعضنا ونخوّن بعضنا ونشتم بعضنا يوميّا
لك أن تتخيل يا أستاذ فخري البارودي شيخًا سوريًا طاعنًا في السن يقف على جثث أولاده
ويردد وعيناه تغص بالدموع في ظل هذا الصمت العربي الكبير
( بلاد العُرْب أوطاني ... وكل العُرْب إخواني .. )
هي رسالة عتب ومواساة وعزاء لنفسه ...

.......


نص قصيدة فخري البارودي لعلها تعيد إحياء الضمائر قليلًا :

بلادُ العُربِ أوطاني
منَ الشّـامِ لبغدان
ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ
إلى مِصـرَ فتطوانِ

فـلا حـدٌّ يباعدُنا
ولا ديـنٌ يفـرّقنا
لسان الضَّادِ يجمعُنا
بغـسَّانٍ وعـدنانِ

لنا مدنيّةُ سَـلفَـتْ
سنُحييها وإنْ دُثرَت
ولو في وجهنا وقفتْ
دهاةُ الإنسِ و الجان
ِ
فهبوا يا بني قومي
إلى العـلياءِ بالعلمِ
و غنوا يا بني أمّي
بلادُ العُربِ أوطاني ...

الآن - رأي / عبدالله محمدالشمري

تعليقات

اكتب تعليقك