الفرق بين الحقوقي والسياسي.. بقلم وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب أغسطس 24, 2013, 12:25 ص 1631 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / بين الحقوقي والسياسي
وليد الرجيب
هناك فرق معروف بين من يعمل في مجالات حقوق الإنسان، سواء في منظمات دولية أو مؤسسة مجتمع مدني بإحدى الدول أو منظمات أهلية، وبين من يعمل بالسياسة والفكر أي يتبنى أيديولوجية وله موقف فكري أو فلسفي من قضية أو حدث ما.
فيشترط عادة لمن يريد أن يعمل في منظمة حقوقية ألا يعمل بالسياسة أو ينتمي لحزب سياسي، أو أن يدخل فكره أو أيديولوجيته في موقفه أو تقييمه من قضية حقوق إنسان خشية انحيازه، أو أن يؤثر انحيازه الفكري على تقييمه الحقوقي، بينما السياسي أو المؤدلج الذي يحمل موقفاً سياسياً فإنه يستند على تحليل سياسي أيديولوجي يركز على الموقف والحدث في مكان وزمان معينين دون أن يفقد إنسانيته بالطبع.
أحيانا بل غالباً تتداخل المهمتان بشكل عضوي، فمن يحمل أي فكر يعتبره نبيلاً ويتخذه منهجاً حياتياً يجب وبالضرورة أن يكون الإنسان والشعوب وحقوقها الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي المحور الأساسي لموقفه الفكري والسياسي، إذ لا يوجد حزب لا يمثل مصالح طبقة أو فئة اجتماعية.
وكذلك الإنسان الحقوقي الذي قد يدين انتهاكات حقوق الإنسان مثل الاعتقال السياسي أو تقييد الحريات أو التعذيب الجسدي والنفسي والقتل والتمييز العنصري وقمع التظاهر السلمي والاضرابات العمالية استنادا إلى المواثيق الدولية أو الدستورية والقانونية التي تنص عليها الدساتير الوطنية، بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي في دولة ما، سواء كانت ملكية أو جمهورية رأسمالية أو اشتراكية، فمهمته هي التركيز على انتهاك حقوق الإنسان بناء على تقارير أو مشاهدات، لكنه ربما يتحيز سياسياً خالطاً بين دوره الحقوقي ودوره السياسي.
أحياناً يفقد الحقوقي بوصلته التي يجب أن تتميز بالحياد والموضوعية لينحاز لطرف سياسي بناء على ما يؤمن به من أيديولوجية، وأحياناً يفقد السياسي بوصلته في التحليل السياسي النظري المجرد ويدخل في ربكة وتناقض ويحكّم عاطفته حتى وإن كانت التقارير غير موضوعية أو كاذبة أو بسبب ضغط الرأي العام، وخاصة السياسي غير المحنك فكرياً أو المتمرس سياسياً، لكن نريد أن نؤكد مرة أخرى أن ذلك لا يعني أن يتخلى السياسي عن إنسانيته لأنها تمثل جوهر فكره أو عمله أو نضاله السياسي.
فالعاطفة والدعاية المضللة أو ضغط الرأي العام أو مراعاة خواطر فئة قد تُفقد الإنسان موضوعيته، إضافة إلى أنها في كثير من الأحيان تؤدي إلى التعصب العرقي أو المذهبي أو الديني أو الطائفي أو القبلي أو الفئوي، فموقف بعض الشعوب العربية المؤيد لغزو صدام حسين للكويت كان مبنياً على بقايا التعصب القومي أو الدعاية والادعاء الزائفين هذا ناهيك عن المصالح المختلفة.
إن أكثر دولة تدعو للدفاع عن حقوق الإنسان هي الولايات المتحدة الأميركية، ولكنها أكثر دولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل سافر ووحشي، فالنظام البرجوازي هو من دشّن موضوع حقوق الإنسان كنتيجة للثورة الفرنسية ومبادئها القائمة على الحرية والإخاء والمساواة وحقوق الإنسان، لكنها في سيرها التاريخي تخلت عن الإخاء والمساواة وحقوق الإنسان لأنها تتعارض مع تطورها الموضوعي، فمثلاً هي تقمع الاضرابات العمالية بعنف لأنها تتعارض مع مصالحها الاقتصادية رغم ادعائها بالدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان.
فالعاطفة والتعصب أياً كان يجعل الإنسان يقرأ ويرى بعين واحدة، وتشغل ذهنه رؤية واحدة أو جانب واحد ويسمع بأذن واحدة، فمجرد الخلاف السياسي ينسحب على قضايا أكبر واتهامات أكثر جوراً وربما عداءً شخصياً، لكن الأمر بالتأكيد لا ينطبق على من يملك أداة أو منهجاً علمياً في التحليل ما يؤهله لقراءة الواقع العياني الملموس.
تعليقات