خليل حيدر: لهذا الأسباب الإخوان لا يصلحون لحكم مصر!
زاوية الكتابكتب أغسطس 22, 2013, 12:51 ص 964 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / هل يصلح 'الإخوان'.. لحكم مصر؟!
خليل علي حيدر
من مشاكل الاخوان المسلمين الكبرى، وبصراحة شديدة، انهم لا يصلحون لحكم دولة عربية اساسية محورية مثل مصر! فأقصى ما يصلحون له، وهذا فكرهم وهذه اهدافهم، ان يحكموا دولة صغيرة قاصية، أو ربما جزيرة معزولة، وفي كل الاحوال دولة ثانوية غير ذات اهمية.
فلمصر ثقل سياسي لا تتماشى مراعاته عربيا ودوليا، مع فكر الاخوان وشعاراتهم. وفي مصر ثقافة وفنون لا يمكن ان يزدهرا في ظل نظام خانق لهما مثل نظام الاخوان المتوقع. وفي مصر مجتمع منوع متعدد يصعب فرض قيم الاخوان الاجتماعية الدينية عليه واجبار سائر قطاعاته وشرائحه على الامتثال لها. وفي مصر درجة كبيرة من الاعتماد على السياحة والانفتاح و«الدنيوية»، لابد أن تصطدم في النهاية مهما اتسع مذهب الاخوان ولانَ فقهُهُم.
ان لمصر شخصية حضارية وطنية قومية، لابد لكل ايديولوجية وعقيدة دينية ورؤية خاصة ان تخضع لها. ولو راعى «الاخوان» كل هذا التنوع الحضاري وكل تناقضات الممارسة الدينية والاجتماعية فلن يكونوا ما يبشرون به في الكتب والاشرطة والشعارات!
ثم ان الدولة العقائدية الملتزمة المتعلقة لا تصلح للقرن الحادي والعشرين، ونحن نرى اليوم نماذج متعثرة مختنقة منها في اماكن عدة. ومثل هذه الدولة اشد صعوبة واستحالة في بلد كمصر بكل هذا التكوين الحضاري المعقد والشخصية العصية على التشكيل والاجبار والقولبة وفق ما يشتهي الاخوان.
ثم ان في مصر مشاكل اقتصادية ضخمة، وانفجارا سكانيا، وفي القريب ازمة مياه معقدة مفاتيحها بيد الاحباش وجنوب السودان وربما سائر دول منابع النيل.. وكل هذا يجعل أي نظام قادم في حاجة ماسة الى مراعاة علاقاتها الدولية والضغوط الاقتصادية للمنظمات المالية العالمية، والحرص على صورة النظام في الخارج، في زمن العولمة والانفتاح وثورة المعلومات. وكل هذا لا يتماشى مع نظام اخواني «اسلامي» أو «خلافة» يريد دعاته وبناته ان يستمر خمسمائة عام، أو ربما مئات الاعوام القادمة.. الى قيام الساعة!!
انه «رايخ اسلامي» لن ينتهي الا بالدمار.
ان ايديولوجية الاخوان المسلمين قائمة على «المنازلة الحضارية»، وانزال الهزيمة الكبرى بالغرب، وتقديم نموذج حضاري مستقل على «ركام» حضارته. وواضح لكل ذي بصيرة ان الاخوان الذين ظهروا عام 1928، قبل 85 سنة، وكانت مصر وبلدان العالم الاسلامي آنذاك عاجزة عن الانتصار على الغرب، قد خسرت اليوم اكثر مثل هذا الرهان. فحتى ما يسمونه بافتخار «بالاقتصاد الاسلامي» و«المصارف والشركات الاسلامية»، ومعظمها يعتمد على المرابحة والعقار والصرافة والتجارة، انما هي بهذا الشكل أو ذاك تحت رحمة الاستقرار الاقتصادي الدولي الاوروبي – الامريكي، ومصير اليورو والدولار، واكبر اعوان الاخوان سياسيا واهم منابع قوتهم الاقتصادية اثرياء البلدان الخليجية وحكوماتها وبقايا الدعم الكبير الذي نعموا به في سنوات الحرب العربية الباردة، وانقسام العالم العربي آنذاك بين بلدان ثورية ودول محافظة. ولو شاءت هذه الدول الخليجية تقليص نفوذ الاخوان المالي، وهذا ما يجب عمله اليوم كما هو واضح، فسيجد الاخوان انفسهم في وضع صعب، هم و«اللجان الشرعية» في بنوكهم! على الاخوان في اعتقادي ان يكونوا واقعيين، وان يدركوا انهم يعتنقون رؤية فكرية قديمة عمرها اليوم يقترب من المائة عام، وان التصورات الفكرية والدينية التي اقيمت عليها الجماعة لم تعد تصلح لا لمصر ولا لكثير من الدول والشعوب الاخرى. ولا شك ان الاخوان يتابعون ما تقدم تركيا مثلا من تنازلات وما تلاقي من صعوبة رغم مجاهرة الاسلاميين هناك احترام علمانية اتاتورك ومؤسساته، ويتابعون كذلك تطورات التجربة الثورية الايرانية وصراعها مع العالم وما يدفع الشعب الايراني من ثمن مرهق لذلك.
سيبقى الدين مهما واساسيا في ثقافة وكيان المجتمع المصري وكل مجتمعات العالم الاسلامي، وربما نجحت هذه الدول في تطوير نماذج جديدة من الاحزاب الدينية الديموقراطية السلمية المسالمة والمتوافقة مع روح العصر. اما حزب الاخوان الذي نعرف جميعا ماذا يقول وماذا يريد وما عاليه وما سافله.. فلا مستقبل له، مهما كثر المستفيدون منه أو المخدوعون بشعاراته واهدافه المستحيلة.
تعليقات