ما حدث في مصر أسقط الأقنعة.. بنظر عبد العزيز الكندري

زاوية الكتاب

كتب 911 مشاهدات 0


الراي

ربيع الكلمات  /  مصر.. أسقطت كل الأقنعة!

عبد العزيز الكندري

 

ما أشبه الليلة بالبارحة... في السابق كنا نسمع عن المجازر المروعة في مختلف الأماكن والبقاع في بداية التسعينات كانت «حرب البوسنة والهرسك»، وشاهدنا بشاعة القتل للرجال والنساء وبشكل ممنهج، والمجازر الأخرى التي كانت تحدث أمام شاشات العالم إلى أن جاء الإعصار المسمى بالربيع العربي والذي اقتلع جذور كل شيء بسبب القهر والضغط على الشعوب العربية واهانتها لسنوات طوال، وبرزت الأطراف الدولية المختلفة وهي تقف مع أحد الاطراف وتسانده وفق المصالح الخاصة بها.
جاء الربيع العربي وكانت البداية في تونس ثم انتقل إلى دول أخرى مثل ليبيا واليمن ومصر والآن بسورية حيث أخذ الربيع العربي بمقاومة أقوى دولة مخابراتية على الإطلاق، ولكن المشترك في كل هذه البلدان هو القتل وارتكاب المجازر بحجة محاربة الارهاب، أي ارهاب؟... إنه ارهاب المواطن العادي الذي يبحث عن لقمة عيش كريمة له ولأبنائه..
ولم يقف الأمر عند هذا الحد حتى أتت الثورة المضادة على الثورة المصرية فشاهدنا أنياب الدولة العميقة تخرج من جديد، ولكن بأمر لم يكن أحد يستطيع أن يتصوره بسبب حجم المجازر التي ترتكب بحق العزل الذين يواجهون آلة القمع بالصدور العارية، ولم يحدث في أي ثورة من ثورات الربيع العربي القتل بهذا الحجم والكمية والبشاعة والشراسة كما هو حاصل الآن في الردة الثورية المصرية... قتلى بالآلاف، محاصرة المساجد، حرق الجثث... حتى تصاريح الدفن تمنع عنهم.
نحن الآن على ما يبدو أمام لحظة فارقة في تاريخ الربيع العربي، خاصة من الذين يقفون بجانب جنرالات مصر في قمع الشعب المصري الأعزل، وأما الدول الأجنبية فغالبية هذه الدول تدين هذه المجازر التي ترتكب على يد «الانقلابيين»، وهذا موقف أكثر انسانية من كثير من التيارات الليبرالية ومدعي الدولة المدنية الداعمة للعسكر، وأعتقد بأنه لولا قرب فشل الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي والمنتخب مرسي لم يكن لهذا الأمر أن يحدث، ولكن سرعان ما سيزول وسيسقط الانقلاب الأرعن. 
ولكن بعد سقوط الانقلاب هل من الممكن أن تتحول هذه الأجهزة الأمنية التي قمعت المتظاهرين بكل وحشية في يوم وليلة إلى أجهزة وطنية تلتف حول الشعب وتأخذ الصور التذكارية معها أم سيكون هناك جرح غائر وشك من الطرفين بالآخر، إن جرائم الأجهزة الأمنية والمجازر التي أحدثتها لم تكن في تاريخ مصر كلها، ولا ألوم من يشك في عدم عودتها لاستخدام العنف من جديد.
أخطر ما في المشهد المصري اليوم هو أن تأثير تداعيات الانقلاب العسكري والدعم العربي له سيتعدى مصر ليشمل كافة البلدان العربية وخاصة التي أدخلت يدها ورمت قفازها الديبلوماسي، وسيكون هناك عدم ثقة بين الأطراف المختلفة، وسيكفر الناس بالديموقراطية لأنهم أدركوا أن معناها الحقيقي عدم وصول الاسلاميين، وجماعة «الإخوان المسلمين» في ورطة كبيرة بسبب أنها نجحت في اقناع كثير من التيارات المتشددة للمشاركة بالعملية الديموقراطية، وعندما شاركت انقلب الجيش عليها! 
ماحدث في مصر أسقط الأقنعة، نعم تستطيع أن تعدد أخطاء الاخوان الكثيرة... وتستطيع أن تقف ضدهم وهذا حق أصيل أما أن تبرر ما يحدث لهم من قتل وتطالب بسحقهم وعجنهم فهذا في قمة اللؤم والنذالة، وتحالف الشرعية أبهر العالم بسلمية التظاهرات التي أحرجت وورطت العسكر. 
أما لو طالت الأزمة المصرية أكثر وحمل البعض السلاح فنحن أمام نفق مظلم سيغرق الجميع والحل هو أن تتم استعادة المسار الديموقراطي وإيقاف تغلغل الدولة العميقة وإذا لم يحدث ذلك فمن الصعوبة أن نتعرف على القاتل والمقتول.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك