ما يحدث في العالم العربي لا يعبر عن الديموقراطية.. برأي فاطمة الشايجي
زاوية الكتابكتب أغسطس 16, 2013, 12:28 ص 875 مشاهدات 0
الأنباء
يسألون عن / منهج المرونة
د. فاطمة الشايجي
يظهر الواقع العربي أننا لانزال نعيش التنظير الديموقراطي وتفصلنا أميال كثيرة عن التطبيق، وهذا ما يؤكده كثير من المفكرين والباحثين والسياسيين بقولهم إن الديموقراطية من حيث إنها مفهوم شيء، وممارسة العالم العربي لها شيء آخر وان ما يحدث لا يعبر عن الديموقراطية، وأؤكد أنهم على حق، ولكن لا يمنع أنهم كانوا السبب في الممارسة الخاطئة للديموقراطية لأسباب منها، أولا: عدم وعي المختصين أن الديموقراطية أسلوب حياة، وليست فقط نظاما سياسيا الأمر الذي جعلهم يركزون على توجيه العقول بكيفية مخاطبة السلطة، وليس بكيفية تنظيم حياتهم كأفراد.
ثانيا: اقتصر مجهودهم على تلقين مفهوم الديموقراطية لمختلف النظريات واعتبارها مادة علمية فقط دون أن يكون هناك أي ممارسة فعلية لها.
ثالثا: انعزال النخبة المتدمقرطة عن الشعب، وكأن الديموقراطية حكر عليهم رغم إيمانهم بأن الحرية حق من حقوق الإنسان ولن تتحقق إلا بالديموقراطية.
رابعا: التركيز على أن غاية الديموقراطية هي الحرية مما جعل هناك صراعا بين الحرية والسلطة، ولم يشيروا إلى أن غاية الديموقراطية التنمية، والحرية أحد مقوماتها والدليل على ذلك كثرة الكتابات والبحوث التي كتبت عن الحرية ولم يأخذ كل من العدل والمساواة نفس النصيب والجهد في البحث.
خامسا: عندما زرع المختصون أن غاية الديموقراطية هي الحرية أصبحت الثورة هي المنهج الأقرب للتغيير، وتم اتخاذ مفهوم الثورة تعبيرا عن الحرية ومن خلالها سنحصل على الديموقراطية كنظام سياسي يمكن أن يحقق الحرية والمساواة والعدل. ولكن الثورة قد تجعل الأفراد يتفقون على الظلم، ولكنها لن تجعلهم يتفقون أبدا على الحق، وذلك لأن كلا منا له رؤية لهذا الحق ولدينا الحرية في التعبير عنه.
لذلك نضع بين أيديكم منهجا سهل التطبيق لمن يريد أن يمارس الديموقراطية ممارسة صحيحة، ولمن يريد أن يرتقي بنفسه وبالمجتمع الذي يقطنه، ولمن يريد أن يشارك بالحوار الوطني. وكبداية نحن لن نخلق أعجوبة ولن نخترع ما هو جديد. نحن فقط نحتاج إلى وعي بما تنطوي عليه الديموقراطية من مفاهيم كما ينبغي لها، وقد أشرنا إلى ذلك في المقالات السابقة، فبمجرد وعينا أن الديموقراطية تعني التعددية وغايتها التنمية، وما الحرية والمساواة والعدل إلا حاجات أصيلة في الطبيعة البشرية، وتحقيقها على أرض الواقع يحتاج إلى وعينا بأن الديموقراطية تنظم لنا التعامل، وتحدد لنا كيفية التفاعل مع الآخر في حدود التنمية، وأنها تؤمن أن التغيير أمر حتمي وطبيعي، سيتولد لدينا شعور داخلي هو احترام الآخر وسنجد أنفسنا نطبق منهج المرونة بشكل تلقائي.
المرونة منهج قائم على قوانين أساسية تتولد لدينا فقط عندما نعي ماهية الديموقراطية، فالقانون الأول الذي يقوم عليه المنهج هو نبذ التعصب، فالتعصب ما هو إلا شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر على باطل مما يؤدي به إلى احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه، لذلك عندما نعي مفهوم الحرية الذي طرحناه مسبقا سنجد أنفسنا نحترم أنفسنا والآخر، وستخف حدة التعصب ويبدأ الحوار بشكل موضوعي وراق.
أما القانون الثاني الذي يفرضه علينا منهج المرونة فهو التوسط ونبذ التطرف، فنحن عندما نعي مفهوم التعددية سينعكس هذا على رؤيتنا للمجتمع الذي نعيش فيه، وسنتعامل مع المجتمع بطريقة تحفظ وجود وحق كل فئة بالمجتمع، وسيكون الرابط المشترك بين التعدديات العيش بأمن وأمان في الوطن الذي يجمعها وسنمارس ثقافة عدم إقصاء الآخر.
تلقائيا سيظهر لنا القانون الثالث وهو التنظيم، حيث سيظهر التساؤل: كيف يمكن التنظيم بين أطياف المجتمع؟ فنحن إذا كنا نؤمن بان من حق الجميع العمل، والحرية، والكرامة، وهي ما يطلق عليها المساواة الاجتماعية فسنجد أنفسنا نعمل بشكل منظم، ونجدول فيه الأولويات بما يتناسب مع ثروات المجتمع وحاجاته وتطلعات الفرد نفسه.
لا يوجد تنظيم دون تعاون وهو القانون الرابع للمرونة، فالتعاون هو القانون الأساسي الذي يمكن من خلاله ممارسة الديموقراطية، انسحاب طرف أو انعزال طرف لا يساعد على العمل بل يسهل مهمة الانقلاب على المجتمع وممارسة منهج التشكيك بالآخر. إن المرونة هي التكيف مع الظروف دون أن يفقد الإنسان مبادئه أو يتنازل عن حقوقه أو مطالباته، كل ما في الأمر أنه منهج يحقق ما يمكن تحقيقه نسبة إلى معطيات الواقع بطريقة تنظيمية، وتعاونية، وعقلية، وأخلاقية.
ملحوظة: المرونة يجب أن تكون بين أطياف المجتمع وليس بين فئة من المجتمع والحكومة، فهذا يسمى تواطؤا ونفاقا ويخدم مصالح خاصة.. نكتب هذه المفاهيم للشعب، فهذا واجبي أمامهم، وحق للكويت.
تعليقات