عن التعدي على الذات الإلهية!.. يكتب عصام الفليج
زاوية الكتابكتب أغسطس 14, 2013, 11:49 م 577 مشاهدات 0
الوطن
آن الآوان / التعدي على الذات الإلهية
د. عصام عبد اللطيف الفليج
ساءنا كما ساء العديد من الناس الجرأة التي استمرأها البعض في التعدي على الذات الالهية، فمن غير المقبول لأي كان التعدي على الذات الالهية بأي شكل كان، لأن ذلك مخالف لعقيدتنا وفكرنا وقيمنا وأخلاقنا وتربيتنا، ويجب محاسبة من قام بذلك حكما وقانونا.
ولعلي هنا أستذكر الدعوة التي نادى بها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله في الأمم المتحدة باستصدار قوانين تمنع التعدي على الذات الالهية وعلى الأنبياء وعلى الأديان، وكانت الكويت سباقة في هذا المجال، بدءا من الدستور، وامتدادا للتشريعات التي تبعتها في هذا المجال، وآخرها ما يثير الفتنة الطائفية بين المذاهب.
وان كان ليس من المستغرب ظهور من يتعدى على الذات الالهية أو الأنبياء أو الأديان بين الحين والآخر، والا لما نزلت الآيات والأحاديث المغلظة في ذلك، ولما وضعت الأحكام الشرعية والقانونية لها في مختلف دول العالم، ولكن من المستغرب ظهورها من مسلمين، وفي بلاد المسلمين، وتحديدا في جزيرة العرب!!
فماذا بعد التربية المنزلية بين أسرة مسلمة، والتربية المدرسية في مناهج مسلمة، والتربية المجتمعية في بيئة مسلمة؟! مجتمع محافظ، واعلام محافظ، وبيئة محافظة، فكيف يكون الاختراق التربوي أو الفكري؟!
إن هذا الحدث يدلل على الإنسان غير معصوم من الزلل، فكم من داعية وعالم اغتر بنفسه وعلمه ومكانته، وكم من مسلم تفرد برأيه واعتد بكلمته، فكانت نهايته الغلو أو الانحراف أو الضلال، والتاريخ المعاصر شاهد على ذلك، فالقلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء جل جلاله، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو دائما «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، فما بالنا نحن المسلمين لا ندعو بهذا الدعاء بصدق وإيمان وعزيمة؟!!
ان ظهور شخص يتعدى على الذات الالهية يحتاج الى فحوصات عديدة ومراجعات مباشرة، فقد يكون مجنونا أو مريضا نفسيا، وهذا ان لم يكن يؤاخذ شرعا، يجب ان يوقف عند حده ولو بوضع اليد عليه قانونا.
وقد يكون مغاليا أو مكابرا، وهذا يناقش بالعقل والمنطق والدين، وبشكل مباشر.
وقد يكون مرتدا، وهذا يجب ان يستتاب من أهل العلم، يناقش بالعقل والمنطق والدين، وبشكل مباشر أيضا.وقد نجحت العديد من المحاولات السابقة في رجوع المرتدين والمكابرين الى رشدهم وتوبتهم، أو علاجهم نفسيا.
وعلينا جميعا ان ندعو لهم، لا ان نشمت بهم، وأن نشكل فرقا خاصة لتدارس أسباب هذه الحالات، وان كانت نادرة، لأنها كبيرة لا ينبغي السكوت عنها، حتى لا يستمرأ الآخرون عليها.
ففضلا عن الضبط القانوني لمن ينشر التعدي على الذات الالهية في وسائل الاعلام أو التواصل الاجتماعي أو النشر الالكتروني، وتشديد العقوبة على من ينشرها، أو يشارك أو يساهم أو يدفع أو يشجع على نشرها، فلابد من البحث عن الأسباب الرئيسة لها، بدراسات ميدانية وبشكل علمي دقيق تشمل الجوانب الدينية والتربوية والاجتماعية والبيئية والاعلامية والقيمية والأسرية والقانونية والتوعوية، فما حصل لم يأت من فراغ، بقدر ما هو بناء نفسي متجدد ومتجذر.
ولوسائل الاعلام دور كبير في ذلك، ايجابا وسلبا، فعندما تنشر القيم السمحة التي تقدر الذات الالهية وتقف عند حدودها، وتمنع نشر القيم السلبية، وتمنع من يتعدى على الدين بشكل أو بآخر، باسم الحرية أو التعددية أو غير ذلك، فان مثل ذلك الفكر المنحرف سيكون مصيره الوأد في مهده.
كما ان استخدام الدين شماعة لفرض الرأي المخالف في كل موقف، سيولد ردود فعل سلبية تختزن في الخلفية الذهنية للفرد، تنتظر الفرصة السانحة لها لتنطلق بلا قيود، ومنها الردة والعياذ بالله.
وأسأل الله الثبات والهداية لجميع المسلمين.
٭٭٭
«عيوب الجسم قد يسترها متر قماش، وعيوب الفكر يكشفها أول نقاش» كلمة أعجبتني.
تعليقات