عن حرمة المال العام!.. يكتب بسام الشطي
زاوية الكتابكتب أغسطس 7, 2013, 10:53 م 964 مشاهدات 0
عالم اليوم
خطوات الإصلاح / حرمة المال العام
د. بسام الشطي
لقد حرِص الإسلامُ على التوجيهِ الصريح والإرشادِ الجليّ حتى يكونَ المسلم حريصًا أشدَّ الحرص بتنقيةِ مكاسبِه من كلِّ كسبٍ خبيثٍ أو مالٍ محرَّم كما قال ربنا عزشأنه : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ»، ورسولُنا صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن أكَل طيِّبًا وعمِل في سنّةٍ وأمِن الناسُ بوائقَه دخَل الجنّة» أخرجه الحاكم وصحّحه ووافقه الذهبي.
أخي المسلم: المكاسبُ المحرَّمة ذاتُ عواقبَ وخيمةٍ وآثارٍ سيّئة، أخطرُها وأشدّها أنها سببٌ من أسبابِ دخول النار، ومن أسبابِ غضَب الجبّار، فرسولنا يقول لكعبِ بنِ عُجرة رضي الله عنه: «يا كعبُ، إنّه لن يربوَ لحمٌ بنت من سُحتٍ إلا كانتِ النّار أولى به» أخرجه الحاكم وصحّحه. والسّحتُ مصطلح شرعيّ يشمل كلَّ مال اكتُسِب بالحرام.
إنّ المالَ الحرامَ مِن جميع طرُقه شؤمٌ على صاحبه وضَرَر على جامعه، فرسولنا يقول: «لا يكسِب عبدٌ مالاً من حَرام فينفِق منه فيبارَك له فيه، ولا يتصدّق به فيقبَل منه، ولا يتركُه خلفَ ظهرِه إلاّ كان زادَه إلى النار» رواه أحمد والبيهقي وسنده حسن، ولهذا فمِن أسبابِ الشّقاء الشامِل وعواملِ الخذلان المستمرِّ على بلدانِ المسلمين هو جمعُ الأموال من طريقِ المكاسب المحرَّمة والوسائلِ الخبيثة، وإلاَّ فهل مُنِعت الاستجابةُ إلاَّ بسبَبِ المكاسب المحرّمة؟! وهل وقعتِ المصائب والإحَن إلاَّ بانتشارِ الخبائِث والموبقات وهل ناصر من ناصر الطاغوت إلا بسبب المال الحرام والطمع فيه؟!. روى مسلم في صحيحه : «أن النبيَّ ذكَرَ الرجلَ يطيل السّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدّ يدَيه إلى السّماء يقول: يا ربِّ يا ربّ، ومطعمُه حرام، وملبسه حرام، وغذيَ بالحرام، فأنى يستَجاب لذلك؟!». وفي الحديثِ عند الترمذيِّ بإسنادٍ صحيح: «لا تقبَل صلاةٌ بغير طهور، ولا صدقةٌ من غُلُول»، والغلول عندَ أهلِ العلم مصطلحٌ لكلِّ ما اكتُسب من طريقٍ غيرِ شرعيّ عن طريق النّهب والسّلب.
قال مالكُ بن دينار: «أصابَ الناسَ في بني إسرائيلَ قحطٌ فخرجوا مِرارًا فلم يسقَوا، فأوحى الله إلى نبيِّهم أن أخبِرهم أنّكم تخرجون إليَّ بأبدانٍ نجِسة وترفعون إليَّ أكُفًّا قد سفَكتُم بها الدماءَ وملأتم بطونَكم من الحرام، الآنَ قد اشتدَّ غضبي عليكم، ولن تزدادوا مني إلا بُعدًا».
أيّها المسلم، آكلُ الحرام منزوعُ البَركة مسلوبُ الاستقرار والطمأنينةِ، لا يقنَع بخير يأتيه، ولا يعينه كثيرٌ يجنيه، عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله خطيبًا فقال: «لا والله، ما أخشى عليكم ـ أيّها الناس ـ إلاّ ما يخرج الله لكم من زهرةِ هذه الدنيا، فمن يأخُذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخُذ مالاً بغير حقِّه فمثَلُه كمَثل الذي يأكُل ولا يشبَع» رواه البخاري ومسلم.
وأعلم أخي المسلم أنَّ المالَ العامّ في ديار المسلمين من أراضٍ وعقاراتٍ وأموالٍ ومنقولات وأجهزة وأثاث كلّها الأصلُ فيها العِصمةُ، لا يجوز الانتفاعُ بها في غيرِ محلِّها، ولا يجوز بأيِّ حالٍ الاعتداءُ على شيءٍ منها إلا بطريقٍ شرعيّ معتَبَر عند أهل العلم، واستمِع إلى تحذيرِ الشّرع وزَجرِه وردعه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنَّ رجالاً يتخوَّضون في أموالِ الله بغير حقٍّ فلهم النارُ يومَ القيامة» رواه البخاري. والمعنى أي: يتصرَّفون في أموالِ المسلمين بالباطل،. وجاء عند الترمذي « أنّ النبيَّ قال: «إنَّ هذا المالَ خضِرة حلوَة، مَن أصابَه بحقِّه بورِك له فيه، ورُبَّ متخوِّضٍ فيما شاءت نفسُه مِن مال الله ورسولِه ليس له يومَ القيامة إلاّ النار».
فعلى كل من سولت له نفسه سرقة شيء من ممتلكات الدولة بأعذار واهية وحبائل شيطانية رُدَ ما أخذت من قبل أن يفضحك الله على رؤوس الأشهاد وتستغيث برسول الله فلا يغيثك ويشتعل عليك ما أخذت ناراً عن ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَنًا قَدِ اسْتُشْهِدَ. قَالَ «كَلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِى النَّارِ بِعَبَاءَةٍ قَدْ غَلَّهَا» وعن أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ قَالَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ أو عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
تعليقات