فاطمة الشايجي تقترح صياغة قوانين جديدة لتحقيق المساواة
زاوية الكتابكتب أغسطس 1, 2013, 10:05 م 592 مشاهدات 0
الأنباء
يسألون عن / المساواة
د. فاطمة الشايجي
(قل هو يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر: 9، (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) الرعد: 16، بالطبع لا يستوون. إذا فلماذا نطالب بالمساواة مع علمنا بعدم وجودها؟ نحن نطالب بها بناء على المادة 29 من الدستور التي تشير إلى أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الدين». وهل نحن بالفعل نحقق المساواة بناء على هذه المادة؟ نعم نحن نطبق المادة، إذا فلماذا نسمع أصواتا تتعالى مطالبة بالمساواة؟ أين يقع الخلل الذي يجعل الفرد يطالب بالمساواة مستندا إلى هذه المادة؟
لقد وقع مفهوم المساواة في إشكالية كبيرة فنحن نتناقله من النظريات السياسية السابقة دون أن نعي مفهومه الحقيقي، ودون أن نعرف الظروف التي دعت تلك النظريات لصياغته بهذه الطريقة، ودون أن نقارن بين ظروفنا وظروف المجتمعات التي استقينا منها هذا المفهوم.لذا نجد هناك من يطالب بالمساواة في تقسيم الثروات على الشعب بينما هناك من يري أن هذا ظلم. وهناك من يطالب بالمساواة في الحقوق السياسية ونجد من يتصدى لهذا الأمر ويؤكد أن الممارسات الخاطئة من البعض لا يجدي معها هذا التساوي، وهناك من يطالب بالمساواة بأن يكون الجميع واحدا أمام القانون.
ونحن نرى أن المساواة تقع بين ثلاثة أضلاع هي: السلطة، والمجتمع، والفرد. وإذا لم تتفق هذه الأضلاع الثلاثة على مفهوم المساواة فلن تتحقق، فالسلطة تأخذ بالمبدأ القانوني للمساواة، أي أن الجميع متساوون أمام القانون وهو الأمر الذي يساعد على تقوية الظروف التي تمت صياغة قانون لها بناء على إمكانيات الدولة وليس على قدرات الأفراد، وبذلك يكون مفهوم المساواة ثابتا لا يتغير مما يؤهل وجود صراع مع المتغير. أما بالنسبة للمجتمع فقد تحول لديه استيعاب فكرة المساواة إلى عادة يطالب بها بناء على وعيه الذي استقاه من السياسيين والمثقفين والناشطين الذين كونوا فكرة عن المساواة بناء على اعتناقهم لنظريات فلسفية سياسية تتفق مع فكرهم أو مع أغراضهم الخاصة. ولكن المجتمع لا يعرف بالتحديد أين تقع المساواة، هل في الامتثال للقانون؟ أم في توزيع الثروات على الأفراد بالتساوي؟ أم تساوي الأفراد في حقوقهم السياسية؟ وقد يطالب بكل ذلك دفعة واحدة. أما الفرد الواعي والمتطلع فهو ينطلق من الأفكار والأهداف والرغبات التي تتكون لديه نتيجة للتغيرات السيكولوجية التي تحدث له وتفاعله مع متغيرات الحياة بكل جوانبها العلمية والعملية والاقتصادية والاجتماعية.. الخ.
الخلل يقع في الصراع القائم بين الثابت والمتغير، ولكن كيف يمكن لنا التغلب على هذا الصراع؟ يكون ذلك عن طريق تغيير القانون. إن أولئك الذين يشرعون ويصيغون القانون يضعون في اعتبارهم أن الأفراد متشابهون في جميع النواحي، ولكننا نرى أن هناك اختلافا بينهم في واقع الأمر، وهنا يظهر دور التعددية التي أفرزتها لنا الحرية التي يجب تفهّم معناها الحقيقي، فهي لا تعني أن الناس متساوون أمام القانون ولا تمييز بينهم بالجنس أو الأصل أو الدين فقط، ولكنهم مختلفون في القدرات والآراء والأفكار والحالة الاجتماعية، لذا يجب أن يكون هناك اهتمام بصياغة قوانين تقوم على فكرة الاختلاف وتضع في اعتبارها هذه الفكرة، حتى تساعد القوانين على تنمية قدرات ومواهب الناس وتنميتها، وتحفظ حق كل فئة في المجتمع.
نحن إذا نرى أنه لابد من صياغة قوانين جديدة حتى تتحقق المساواة. وهناك عدة أمور يجب الأخذ بها وهي: إلغاء فكرة إقصاء الآخر، والإيمان بحتمية التغيير، والنظر في قدرات الفرد وإمكانيات المجتمع معا، وجدولة الأولويات التي يمكن تحقيقها على أرض الواقع بالنسبة لما هو متوافر من ثروات. إننا نحتاج إلى صياغة قوانين توفر لكل فئة فرصة لنمو قدراتها حتى تتحقق المساواة وهذه هي مهمة السلطة التشريعية، والعدل هو الذي يحققها وفي المقال القادم سنعرف كيف ذلك؟
تعليقات