معاناتنا اليوم سببها تراكمات حوادث وصراعات مذهبية.. برأي الخرافي

زاوية الكتاب

كتب 868 مشاهدات 0


القبس

دمار الأمم بخلط الأديان بالسياسة

خليفة مساعد الخرافي

 

ورثنا ارثاً الله يعيننا عليه وهو صراع المذاهب، وما نعاني منه اليوم هو تراكمات حوادث مؤلمة من قتل وبأساليب وحشية بشعة بسبب صراعات مذهبية من جهلنا وسذاجتنا، نظن اننا بعداوتنا لبعضنا البعض نقوي اتباع مذهبنا ونضعف اتباع المذهب الاخر بإهانتهم وتحقيرهم دون ان نعطي الحق لخالق السماوات والارض، فهو جل وعلا من يحكم بيننا في الآخرة.

فالزيدية إحدى فرق الطائفة الجعفرية ترى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً، ولم يقل أحد علماء الطائفة الزيدية بتكفير أحد من الصحابة، «وكذلك صرّح «مشكوراً» الزعيم الديني العراقي سيد مقتدى الصدر باحترام الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم»، وإن بدأ شباب الزيدية من الحوثيين بالتعصب المذهبي بسبب الاحتقان الطائفي الحاصل في اليمن بسبب الصراعات الاقليمية الدائرة.

للاسف، من ينادي بالتسامح والتآزر بين اتباع المذهبين وعدم إشاعة خطاب الكراهية الممقوت الممجوج تتم محاربته من اغلب سادات وشيوخ دين طائفته، فهم من يؤجج الكراهية والبغضاء، ويعينهم حكام واتباعهم فهم لا يسودون الا بسياسة «فرق تسد»، حتى ولو أحرقوا الاوطان، فهم اول من سيهرب ونكتوي نحن بنيران الفتن، فحسبنا الله وهو نعم الوكيل، داعين الله في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ان ينجينا من فتن طائفية تُعَد لنا انجرف معها شباب سذج مندفعون للشر.

***

«القرامطة»

بعد وفاة الإمام جعفر الصادق الإمام السادس للشيعة حدث انشقاق في الصف الشيعي، فهناك من اعتبر إسماعيل بن جعفر هو الإمام وعرفوا في ما بعد بالاسماعيلية، وهناك من اعتبر موسى بن جعفر الامام السابع وهم يمثلون الأغلبية الساحقة للشيعة اليوم ويسمون بالاثني عشرية لتمييزهم عن الإسماعيلية.

المتأمل في خطط القرامطة يجد أنها تدل على دهاء وخبث وحنكة وذكاء في الأمور السياسية والاجتماعية، ومعرفة بنفسيات الناس وبظروفهم وبيئاتهم؛ فقد كانوا يختارون بعناية الزمان والمكان والأشخاص لنشر دعوتهم، لهذا حكم القرامطة كثيرا من البلدان: البحرين، والأحساء، والقطيف، واليمن، وعمان، وبلاد الشام، وجنوب العراق، وحاولوا احتلال مصر، ولكن محاولتهم باءت بالفشل.

لم يكتب في تاريخ المسلمين يوم أسود مثل ذلك اليوم الذي دخل فيه الظالم الجائر أبو طاهر القرمطي مكة المكرمة، على رأس جيش قيل إن عديده 900 جندي، فلم يرعَ حرمة المكان وقدسيته ولا خصوصية الزمان، فدخل في يوم عظيم ومهيب من أيام الله تعالى، «يوم التروية» في الثامن من ذي الحجة من عام 317هـ، فاستباح المسجد الحرام، ودماء ضيوف الرحمن، فقتل وسلب ونهب أموال أهل مكة والحجيج، وزاد في غيّه أن سرق الحجر الاسود الذي ظل عندهم لفترة 22 عاماً، وأعاده زعيم القرامطة سنبر بن الحسن القرمطي إلى مكة في يوم النحر «عيد الأضحى» الموافق يوم الثلاثاء من سنة 339هـ. الجدير بالذكر، أن الحجر الأسود قد تكسر لكثرة الحوادث التي مر بها، فقد كان قطر الحجر الأسود نحو 30 سم، اما الآن فلم يتبق منه سوى ثماني حصوات صغيرة جدا في حجم التمرات، ويحيط بها إطار من الفضة، و ليس كل ما داخل الطوق الفضي من الحجر الأسود، وإنما هناك 8 قطع صغيرة في وسط المعجون، وهذه القطع هي المقصودة بالتقبيل والاستلام.

وذكر ابن خلدون في تاريخه: أن الأصغر أبا الحسن الثعلبي زعيم بني ثعلب في الاحساء قد تحالف مع بني مكرم رؤساء عمان لطرد القرامطة، فاستولى بنو مكرم على عمان والأصغر على الاحساء وخطب فيها للخليفة العباسي.

***

«الوهابية»

تهديد بعض أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب للكويت

الوهابية هي حركة دينية إصلاحية إسلامية سنية من أتباع مذهب الشيخ أحمد بن حنبل، قامت في شرق الجزيرة العربية بأكملها، وخرجت من الدرعية بهدف:

1 - نشر عقيدة التوحيد السليمة.

2 - نبذ البدع والخرافات التي انتشرت في جزيرة العرب بسبب الجهل.

تضافرت القوة الروحية للشيخ محمد بن عبدالوهاب مع قوة سيف ابن سعود وطموحه لتضيف قوة أكبر وزخماً للحركة، وتبعث فيها الحيوية والاندفاع لتحقيق أهدافها ونشر تعاليمها، واتسم اسلوبها وممارساتها بطابع القسوة المفرطة، ولذلك اصطدم اتباع حركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بمعظم جيرانهم، فكل من لم يكن وهابيا اتهم، وما يراه أئمة الشيعة من التوسل الى الاضرحة وتقديم النذور لها من اساسيات عقيدتهم يجده اتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب انها نوع من الانحراف عن صحيح الاسلام، وإن كان بعض علماء السنة من المعتدلين والمتصوفة وأشهر من ينتمي إلى الطريقة الصوفية فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله ود. احمد عمر هاشم رئيس جامعة الازهر الأسبق وشيخ الازهر د. أحمد الطيب النجار وفي الكويت العم سيد يوسف الرفاعي، ندعو الله له بالشفاء العاجل في هذا الشهر الكريم، يحبذون زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة والسلام عليه.

زيارة الاضرحة للتبرك والتوسل والتشفع من أجل الكرامات والمعجزات هي خلاف سيظل قائماً الى يوم القيامة، وهي ثقافات وعادات رسّختها مذاهب وأديان، فآمن بها معظم اخواننا الشيعة وبعض من إخواننا السنة، ومعظم إخواننا من اتباع الديانة المسيحية.

في 20 أبريل 1802، هجم 12 ألفاً من اتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب على ضريح الإمام الحسين في كربلاء، وقتلوا أربعة آلاف من رجال كربلاء ولم يقربوا الاطفال والنساء، ونقل أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب الى الدرعية ما استولوا عليه من غنائم ثمينة موجودة في الضريح، هدايا ملوك وأمراء وغيرهم حملها أكثر من أربعة آلاف جمل. هجمة اتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب على كربلاء وهدم الضريح زادت كراهية اتباع المذهب الجعفري لاتباع المذهب السني، وولَّدت جرحاً لن يندمل ما زالوا يذكرونه في ادبياتهم ويتناقلونه، وقبلها ما فعله القرامطة والصفويون الشيعة ضد اتباع المذهب السني في الجزيرة العربية من بشاعة في القتل والسلب والنهب، فسلوكيات وممارسات القرامطة والصفوية والحركة الوهابية صنعت شرخاً عميقاً غائراً في نفوس وضمائر وكتب اتباع الشيعة واتباع السنة، فولّدت ثارات وأحقاداً. هناك مفكرون عقلاء من علماء المذهبين امثال المرحوم د. علي شريعتي الجعفري المذهب، ويعتبر واحداً من القلائل الذين استطاعوا التجرد بعيداً عن هوى المذاهب والتمذهب. وسعى بكل ما أوتي من قوة إلى لملمة الصفوف تجاه الوحدة، فانتقد ما أسماه «التشيع الصفوي» و«التسنن الأموي»، ودعا الى التقارب بين «التشيع العلوي» و«التسنن المحمدي».

في عام 1977 قتله «الساڤاك» في لندن، وكان عمره 43 عاماً. ولو عاش لسجن في «سجون» جمهورية الملالي.

والمرحوم د. علي الوردي الجعفري المذهب توفي في عام 1995 عن ثمانين عاماً في بغداد، حصل على الدكتوراه عام 1950م، من جامعة تكساس الاميركية. كان متأثراً بمنهج ابن خلدون في علم الاجتماع، ودعا د. علي الوردي إلى نبذ الخلاف الطائفي بين الشيعة والسنة، وطالب بالنظر إلى موضوع الخلاف بين الإمام علي ومعاوية على أنه خلاف تاريخي تجاوزه الزمن، ويجب على المسلمين عوضا عن ذلك استلهام المواقف والآراء من هؤلاء القادة التاريخيين.

كما أن هناك علماء اخياراً عقلاء حكماء من اهل السنة يجمعون ولا يفرقون.

***

لقد أتعبنا المتعصبون من الطائفتين، اذكر والدي رحمه الله كان ينصحني بأن عيسى له دينه، وموسى له دينه، ويعني رحمهُ الله أن من يحاسب اتباع الأديان هو الله جل وعلا وليس نحن، فلنتركهم لحالهم، وندعو الله ان يهدينا وإياهم لما فيه خير وصلاح.

***

ادعو الله ان يجعل في مجلس الأمة الجديد «المنتخب بأكثر من نصف الناخبين، وهي نسبة جيدة ومقبولة عالميا» الخير والنماء والاصلاح لوطننا المغلوب على أمره، وليس لنا الا الدعاء في العشر الاواخر بأن يصلح الله جل وعلا أحوالنا.

***

رحم الله العم شيخان الفارسي، لقد كان طيباً متواضعاً كريماً محسناً بجسد روح اهل الكويت بِقِيَمه واخلاقهِ وطباعهِ، ندعو الله ان يغفر له ويسكنه فسيح جناته، ويلهم اهله الصبر والسلوان.

***

ندعو الله بالرحمة والمغفرة لسليمان عبدالرزاق المطوع، فقد أحبه كل من تعامل معه منذ أن كان مربياً فاضلاً وناظراً لمدرسة الشويخ، فقد جمع من الصفات الكريمة والطباع الجميلة الكثير.. وندعو لأهله ومحبيه بالصبر والسلوان.

***

مقالتنا اللاحقة ستصادف في عطلة عيد الفطر المبارك، سنتوقف عن تكملة أهم الحوادث التي مرت على منطقتنا، ونستمتع بأيام العيد السعيد بسامريات وطرب الزمن الجميل وسويلفات خفيفة، فلكل مقام مقال.

الله يتقبل طاعتنا جميعاً ويحفظ كويتنا من شرور الفتن، ويديم علينا الامن والأمان والخير والعدل والحرية.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك