نظام الصوت الواحد لن يؤدي إلى التطوير الديموقراطي.. بنظر النيباري
زاوية الكتابكتب يوليو 30, 2013, 11:30 م 1307 مشاهدات 0
القبس
البحث عن هوية المجلس
عبد الله النيباري
بعد كل انتخابات يبحث المراقبون والمتابعون، ويتساءل عامة الناس عن هوية المجلس ولونه، بمعنى البحث عن توجهاته السياسية والمواقف من القضايا العامة. ولما لم يجدوا ما يؤثر في ذلك، أي التصنيف السياسي للمجلس، اقتصر التوصيف الذي تطرقت إليه وسائل الإعلام الخارجية على خسارة الشيعة بفوزهم بثمانية مقاعد مقارنة بـ 17 مقعداً في المجلس السابق، وفوز الليبراليين بثلاثة مقاعد مقارنة بغيابهم عن المجلس السابق.
وقد أجرت جريدة الراي الكويتية محاولة لتصنيف المجلس، جاءت نتيجتها كالتالي: تيار وطني 6 الشيعة 8 التجمع بخسارة 9 السلفي 3 بإضافة مقعد واحد، والنساء 2 بخسارة، والقبائل 26 مقابل 16 في المجلس السابق، وإذا فهم من ذلك معرفة الانتماءات القبلية والمذهبية للمرشحين الفائزين فيبقى التساؤل حول من هم التيار الوطني، كما يبقى 8 نواب غير مصنفين، لا وفق الانتماء القبلي أو المذهبي أو الجنس أو اللون السياسي.
وفي تصنيف آخر، يقسم النواب وفق ولائهم أو ارتباطهم بالشيوخ، فالشيخ الفلاني يحظى بولاء 18 نائباً، وشيخ آخر بولاء 15 نائباً، وهناك آخرون مرتبطون بذلك التاجر أو ذاك صاحب النفوذ.
نخلص من ذلك أن الولاء للشعب والاهتمام بقضاياه لا يحظيان بالأولوية أو أن مواقف النواب اتجاههما غير واضح.
الطابع العام للانتخابات الأخيرة ما زال يغلب عليه الفرز حسب الانتماء القبلي والمذهبي والأسري، ويتداخل في ذلك أثر شراء الذمم والأصوات والواسطات والخدمات.
لا يخلو المجلس من الوجوه المقبولة ذوي النوايا الطيبة ممن أشاروا في حملاتهم إلى ضرورة تعديل قانون الصوت الواحد من خلال المجلس، وطرحوا بعض المطالب الوطنية، ولكن عددهم قليل والمراهنة على نجاحهم في ذلك محدودة، ما لم يكن هنالك حركة شعبية لإسقاط نظام الصوت الواحد تشابه الحركة الشعبية لإسقاط مشروع تعديل الدستور في مجلس 1981 الذي غيبت عنه المعارضة الوطنية آنذاك.
لم يشر أحد إلى هدف تطوير الممارسة الديموقراطية، ولا الارتقاء بمستوى العمل البرلماني، وهو ما تطرقت إليه المذكرة الإيضاحية للمرسوم لتبرير حالة الضرورة.
نظام الصوت الواحد لن يؤدي إلى التطوير الديموقراطي، أو كما جاء في خطاب المغفور له الشيخ عبدالله السالم في المجلس التأسيسي «رغبة في استكمال أسباب الحكم الديموقراطي»، بل إن هذا النظام جاء لتعطيل هذه الرغبة وإعاقة مسار التطوير الديموقراطي، وبالإضافة إلى ذلك، وبعد تجربة هذا النظام في انتخابين، تبين أنه آثاره لا تقف عند إنتاج نظام برلماني معوق، بل تمتد إلى تمزيق النسيج الاجتماعي حتى داخل الانقسامات الاجتماعات والمذهبية الكبيرة.
ما زال هذا النظام لم يؤدِّ الى عودة الحياة السياسية الى حالتها الطبيعية، فالمشاركة في الانتخابات ارتفعت الى 52 في المائة، مقابل 40 في المائة في الانتخابات الماضية، لكنها اقل بفارق كبير عن الانتخابات، وفق الانظمة السابقة، التي تراوحت بين ادناها 62 في المائة واعلاها التي فاقت 70 في المائة، كما ان النتائج التي حصل عليها الفائزون ما زالت منخفضة، مما يثير التساؤل حول مدى تعبيرها عن ارادة الامة.
اذ تراوح ما حصل عليه الفائزون الاوائل في الدوائر الخمس ما بين 6.3 في المائة و2.5 في المائة من اجمالي الناخبين، وما بين 11 في المائة و5.2 في المائة من اجمالي المشاركين، اما نسبة ما حصل عليه الفائز العاشر فقد تراوحت ما بين 5 في المائة و2.7 في المائة من اجمالي الناخبين، وما بين 5 في المائة و1.3 في المائة من اجمالي المشاركين، وهي نسب متدنية بمقارنتها مع نتائج الانظمة الانتخابية السابقة.
رغم الوفرة المالية والانفاق العام السخي فان المشاكل التي يواجهها المجتمع الكويتي تكبر وتتسع وتتضخم وتزداد تعقيدا، والنهج الذي تسير عليه السلطة لن يؤدي الى معالجة ناجعة لهذه المشاكل. فنهج شراء الولاء على حساب بناء دولة القانون والحكم الرشيد لا يؤدي الا الى تفاقم ما نحن فيه من معاناة.
واذا اردنا ان نسترشد بآراء وملاحظات المراقبين من الخارج فإني اختار ما أنهى به الاستاذ جورج سمعان مقاله عن انتخابات الكويت، وقد كان من بين المدعوين من وزارة الاعلام، وأقتبس منها ما يلي: «كانت الكويت في العقود الماضية السابقة على الغزو العراقي نموذجا يتطلع اليه باقي اهل دول الخليج، ان لناحية التجربة الديموقراطية، او لناحية الحيوية الثقافية والاقتصادية، وحتى السياسة الخارجية، لكن النموذج بدأ بالتراجع، امام الكويت فرصة نادرة لاستكمال المصالحة التي بدأها سمو امير البلاد. لانها وحدها تعمق الاندماج المطلوب لمجتمع اصاب التصدع معظم مكوناته القبلية والحضرية، وهز التعامل المطلوب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لتسيير عجلة الحكم والمؤسسات، وعمق الفساد المستشري. وامام المعارضة التي لا تزال على قرار المقاطعة ان تلحق بالركب.. كيلت لها اتهامات ليس اقلها انها بالغت في «الترف» مسؤوليتها ان تعود الى قواعد اللعبة الديموقراطية، وحصر الصراع بساحة البرلمان. ومسؤولية الحكم ايضا في الاصغاء اليها لا صم الآذان عن هواجسها ومطالبها، وان بالغ بعضها في رفع الصوت».
أعتقد اننا يمكن ان نأخذها كنصيحة مراقب جديرة بالاعتبار.
تعليقات