قصة الكاتب أحمد الصراف مع الخميني
زاوية الكتابكتب يوليو 19, 2013, 10:07 م 7904 مشاهدات 0
القبس
كلام الناس / أنا والخميني
أحمد الصراف
وصلتني على التويتر صورة قديمة للسيد روح الله الخميني (1902/1989)، وهو يتوضأ استعدادا للصلاة. وذكر تحت الصورة أنها التقطت على الحدود الكويتية أثناء انتظاره موافقة سلطاتها على الدخول قادما من العراق! وقد أعادتني الصورة لأكثر من 40 عاماً إلى الوراء، عندما قمت، من دون ان ادري أو أرغب، بدور هامشي في محاولة السيد الخميني دخول الكويت، وطلب الإقامة فيها.
بدأ صراع الخميني مع نظام بلاده الملكي الفاسد مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي عهد الشاه رضا. واستمر الصراع مع الابن محمد رضا، الذي وعد شعبه بإصلاحات دستورية ومحاربة الفساد، إلا أنه لم يفعل ما يكفي لإرضاء القوى الدينية. وقد بذل الشاه جهودا كبيرة لتحجيم الخميني، ولكنه فشل، واضطر عام 1963 لسجنه لعدة أشهر، بعد أن ألقى هذا خطاباً هاجم فيه النظام وأميركا وإسرائيل، ولكن أفرج عنه تحت ضغطٍ جماهيري، ليعود الخميني ويطلب من رجال الدين ترك التقية والكشف عن مواقفهم، وعدم مهادنة النظام، فاعتقل ثانية ونفي إلى تركيا، لينتقل عام 1965 للعيش في العراق. وبقي من دون نشاط لبضع سنين، إلى أن وصل البعث وصدام للحكم، فالتقت مصالح أو عداء الاثنين للشاه، فبدأ الخميني نشاطه مرة أخرى وبزخم ودعم كبيرين. ولكن التسويات السياسية بين البلدين تاليا دفعت صدام للضغط على الخميني لوقف نشاطه السياسي، ولكن الخميني رفض، فطلب منه مغادرة العراق، فاختار الذهاب إلى الكويت، وهنا بدأت علاقتي غير المباشرة بالخميني، فقد اتصل بي قبلها بيومين محمد ابن المرحوم رئيس غلوم أشكناني، وطلب مني استخدام الخط الدولي في بيتنا للاتصال بهاتف في العراق، والسؤال عن موعد وصول السيد، وكان الجواب الذي تلقيته بأن علينا الانتظار قليلا. اتصلت ثانية، وفق طلب محمد، فأخبرونا بأن السيد غادر وفي طريقه للكويت، واستمر الاتصال بعدها كل ساعة تقريبا، وعندما تأخر وصوله اتصلت للمرة العاشرة، فكان الجواب مقلقا بأن اخباره قد انقطعت عن أهله في النجف. وبعد عشر مكالمات دولية أخرى، تبين أن السلطات في الكويت رفضت استقبال السيد الذي عاد ادراجه! وهنا فقط سألت من هو السيد؟ فقيل لي بأنه الخميني، المعارض الكبير لنظام الشاه، وأن الكويت رفضت استقباله لعدم التورط في صراع الكبار، وفرضت عليه شروطا لم يقبلها فرفض وعاد إلى العراق ليبقى فيها بضع سنين قبل أن يغادرها في اكتوبر 1978 إلى باريس، ليبدأ منها ثورة «الكاسيت» التي أطاحت في نهاية الأمر بنظام الشاه الفاسد في فبراير 1979!
لقد فكرت، بعد نجاح الثورة الإيرانية، في إرسال فاتورة بالمكالمات الدولية التي أجريتها للعراق إلى سفارة إيران في الكويت، لكي تعوضني عما دفعت! الطريف، أو المحزن، في الأمر أن السيد الخميني صرح وهو في باريس لغالبية تلفزيونات صحف أوروبا، وهو يرى نظام الشاه يتهاوى، أنه سيعود ليؤسس جمهورية إسلامية ديموقراطية، وأنه لن يتدخل في إدارتها، بل سيكتفي بالتوجيه! وأن الجميع، حتى الشيوعيين، سيكون لهم الحق في التعبير عن آرائهم! وأن الصحافة ستكون «حرة»! وسيكون لكل فرد حق التعبير عن آرائه وعقائده، وأنه لن يفرض آراءه على الشعب. ورجال الدين لن يحكموا، فوظيفتهم شيء آخر! وأنه يؤمن بان الضغط والقمع لن يكونا سببا للتنمية والتطور!
والآن، ألا تذكرنا تلك الوعود بوعود الإخوان، ومحمد مرسي، ومحمد بديع، قبل تسلمهم الحكم؟ لا أدري لماذا يصر بعضهم على تكرار الأجزاء السخيفة من التاريخ، وببلادة، المرة تلو الأخرى!
تعليقات