معدل التضخم في الكويت: هل هناك إشكالية قياس؟

الاقتصاد الآن

2038 مشاهدات 0

الجمعية الاقتصادية الكويتية

أصدرت الجمعية الاقتصادية الكويتية تقريرا حول البيانات الرسمية والتقارير حول نسبة التضخم في الكويت قالت فيه:

تندر التقارير حول نسبة التضخم في الكويت، بالرغم من أهمية هذه النسبة كأحد العوامل الاقتصادية الرئيسية. وحسب البيانات الرسمية، بلغت نسبة التضخم في الكويت 3% في العام 2012 وهو ما يقارب النسب في السعودية وقطر. إلا أن هناك شكوك حول مدى دقة نسبة التضخم المعلنة في الكويت، فالعديد من المراقبين يعتقدون أنها أقل من التضخم الفعلي. ومن هذا المنطلق، يقوم هذا التقرير بتمحيص عملية قياس التضخم في الكويت.

ويتم قياس معدل التضخم في الكويت حسب المؤشر السعري للمستهلك، والذي تضم مكوناته الاسكان (العقار)، والغذاء، والمستلزمات المنزلية، والرعاية الصحية.  وتحظى خدمات الإسكان على النصيب الأكبر من المؤشر بنسبة 27%، وتليها الغذاء بنسبة 18%. ويبلغ معدل التضخم للإسكان ما نسبته 1% حسب البيانات الرسمية، بينما يبلغ التضخم للغذاء 6%. وتستورد الكويت وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي معظم الأغذية التي تستهلكها، ولذا فإن تكلفة الأغذية ليست تحت سيطرتها، ولذلك تحاول حكوماتها التقليل من تبعات أسعار الأغذية المتقلبة من خلال تقنين الأسعار عن طريق الدعم والبطاقات التموينية، وتحديد سقف الأسعار للمخابز العامة والمطاحن. وبالرغم من تدخل الحكومة، كان معدل التضخم في قطاع الأغذية في الكويت خلال عام 2012 الأعلى بين نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي حيث وصل لنسبة 6%، تليها دولة الامارات العربية المتحدة بنسبة 5%، بينما بلغ معدل التضخم في كل من المملكة العربية السعودية وقطر 4%. ومقارنة بالسنوات السابقة، لا تستدعي نسبة التضخم البالغة %6 ضرورة استثنائية، فعلى سبيل المثال كان معدل التضخم في عام 2008 ضعف مما هو عليه الآن، وبلغ 20% في قطر وأعلنت منظمة الأغذية العالمية معدل تضخم بلغ 26%. إلا أن ما يستدعي الانتباه هو معدل التضخم بالنسبة لقطاع الإسكان في الكويت، والذي يبدو –حسب المؤشر- منخفضاً عند نسبة 1% (مقارنة بمؤشرات أخرى).

 

ويعتبر ارتفاع معدل نمو الائتمان عاملا رئيسيا في زيادة معدل التضخم من خلال قنوات السيولة المصرفية. إلا أن النمو الائتماني كان ضعيفا خلال السنوات الماضية بسبب ارتفاع معدل تجنيب المخصصات وتجنب المخاطرة من قبل الجهات المقرضة

وقد يقلل الاستقرار النسبي للدولار من خطر التضخم في الكويت أيضاً، نظراً إلى أن الدولار يعد مكون رئيسي في سلة العملات التي يرتبط بها الدينار الكويتي. كما كانت أسعار السلع في الأعوام القليلة الماضية إما مستقرة أو باتجاه منخفض مما أدى إلى انخفاض معدل التضخم. وبينما تبرر كل هذه العوامل انخفاض معدل التضخم، تظل البيانات المتعلقة بالعقار مثيرة للتساؤل.

وتشمل الخدمات الإسكانية الإيجارات، والطاقة والماء، ومن المتوقع أن تكون الإيجارات السكنية المحرك الرئيسي للمؤشر، في حين تشير بيانات الإدارة المركزية للإحصاء إلى ارتفاع متواضع - خلافاُ للمتوقع - في أسعار الإيجارات السكنية في الكويت بنسبة 1% (الجدول أعلاه)، وربما ينطوي هذا الرقم المنخفض على عدم دقة المؤشر نظراً لمحدودية اعتماده على المباني الاستثمارية )الشقق السكنية( فقط كمؤشر لمعدل التضخم في قطاع الإيجار ، وعدم تغطيته لنسبة كبيرة من الشقق المؤجرة في المنازل السكنية للكويتيين، وهو ما لا تتوفر معلومات مسجلة عنه.

ونرى أن معدل التضخم في قطاع الإيجار في الكويت يجب أن يكون عند نفس مستوياته في السعودية تقريباً (أو ربما أكثر)، والتي تواجه نفس الظروف من ناحية تحديات قلة العرض، حيث سجل مؤشر التضخم في قطاع الإسكان في السعودية زيادة بنسبة 3.3% في عام 2012 فيما ارتفع في قطر بنسبة %5 خلال نفس العام.

وقد ارتفعت أسعار العقارات السكنية مؤخرا مما شكل أيضا عامل ضغط إضافي لارتفاع قيمة الإيجارات، ويوضح الجدول أدناه قوة نمو أسعار العقارات السكنية خلال عام 2010 بالنسبة لمتوسط سعر العقارات بمساحة 400 متر مربع، حيث تتركز معظم صفقات البيع والشراء عند هذه الفئة.

متوسط سعر العقارات السكنية بمساحة 400 متر مربع

التاريخ

متوسط السعر لعقار بمساحة 400 م.م. (د.ك)

التغير السنوي

مارس 2010

136,440

 

مارس 2011

144,884

6%

مارس 2012

200,089

38%

مارس 2013

244,125

22%


 المصدر: وزارة العدل، ابحاث المركز المالي الكويتي 'المركز'

 

الخلاصة

وبناء على ما سبق يمكن استنتاج أن مؤشر معدل التضخم لا يعكس ارتفاع الإيجارات السكنية، ولذلك ستظل قراءته دون المستويات الحقيقية للتضخم. فقد ارتفع متوسط السعر للعقارات السكنية بمساحة 400 متر مربع حوالي 38% خلال عام 2012 ليصل إلى 200 ألف دينار كويتي في عام 2012، وارتفع منذ بداية عام 2013 بنسبة 22%. وأدى ازدياد الطلب إلى تأجيج الارتفاع في الأسعار، حيث لن تتمكن العائلات ذات الدخل المحدود والمتوسط من شراء أراضي أو منازل جديدة نظرا لمستوى الأسعار الحالية. ونظراً لمحدودية العرض و احتكار الدولة للأراضي، نتوقع ان يستمر الارتفاع في الأسعار على المدى القريب نتيجة للمعاملات المضاربية ومحدودية فرص الاستثمار البديلة، مما سيؤدي إلى استمرار ارتفاع الإيجارات السكنية، وبالتالي اتساع الفجوة بين مؤشر التضخم والتضخم الحقيقي إذا لم يتم احتساب أسعار الإيجارات السكنية بشكل أكثر دقة. 

الآن: المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك