التزوير في الانتخابات البرلمانية كما يراه الحساوي أصبح ظاهرة متكررة

زاوية الكتاب

كتب 649 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  وصفة سهلة لمحاربة الفساد

د. وائل الحساوي

 

يحدثنا أحد المرشحين الملتزمين دينياً بأنه قد فوجئ بحجم المصاريف المطلوبة منه لتمويل حملته الانتخابية، وغلاء أسعار كل شيء، وقد حدّث بذلك أمام بعض المقربين له.
يقول المرشح بأنه تلقى اتصالاً هاتفياً من أحد أقربائه ليخبره بأن أحد المتنفذين قد تكفل بتمويل حملته الانتخابية بالكامل حتى لو وصلت التكلفة إلى مليون دينار، ومنها الدعايات الانتخابية في الصحف وتوجيه الأصوات الانتخابية إليه. تساءل المرشح عن السر في هذا الدعم السخي وما هو ثمنه!! فأجابه بأن كل المطلوب منك بعد النجاح هو أن تكون طوع أمرنا في المجلس حتى من دون أن يلاحظ أحد بأنك تأتمر بأمرنا!!
ما ذكرناه من مثال واقعي هو نموذج من نماذج التزوير في الانتخابات البرلمانية التي أصبحت ظاهرة تتفاقم في كل مجلس، ولعل مجلس 2009 قد قدم مثالاً صارخاً لهذا التزوير الذي فاحت رائحته بشكل إيداعات مليونية لأكثر من ربع أعضاء المجلس، وعندما تنادى الشعب لايقاف تلك اللعبة السمجة وفتح الملفات ومحاسبة المسؤولين لا سيما مع بداية تشكيل مجلس 2012 المبطل، فوجئ الناس بأن التشريعات الرقابية والعقابية وقانون غسل الأموال قاصرة الى درجة عدم القدرة على إثبات تلك الجرائم أو المعاقبة عليها.
والسؤال هو: لماذا عجز المجلس وعجزت الحكومة منذ خمسين عاماً منذ كتابة الدستور عن تشريع قوانين للمحاسبة المالية والرقابة على المشرعين أو للحد من تفشي ظاهرة شراء الأصوات أو شراء الذمم المالية للنواب ولأعضاء الحكومة؟! وأين ذهبت قوانين الذمة المالية وقوانين «من أين لك هذا؟!».
عندما أرى همة رجال «الداخلية» في مراقبة الدواوين التي تجري فيها الانتخابات الفرعية (دون أن أقلل من خطرها)، بينما الرشوة العلنية التي تمارسها الشخصيات المتنفذة في البلد وشراء الذمم تمر مرور الكرام دون أن يجرؤ أحد على أن يوقفها أو أن يفضح من يقوم بها، عندما أرى ذلك أقول بأننا بحاجة إلى امتثال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) نحن نتغنى بالعدل والمساواة عند الدول الغربية وكيف يحاسبون وزيراً أو كبيراً على خطأ بسيط بينما في بلادنا نتسابق على مدح رجال «الداخلية» الذين يصطادون الوافدين بسبب مخالفة في الإقامة أو بعض القوانين البسيطة ويقومون بتسفيرهم إلى بلدانهم أو سجنهم.
ولكن ماذا عن هؤلاء المتنفذين الذين يتحدون القانون في كل شيء ويعملون تحت حماية وتشجيع القانون؟!
معظم من يدخلون مجلس الأمة من النواب قد يكونون مخلصين ونظيفي اليد، ولكن عجلة الفساد الرهيبة في البلد تدفعهم دفعاً نحو الانحراف، وبانحرافهم ينحرف ميزان العدل ويسقط البلد في دوامة الفساد الذي نشعر به في جميع مرافق الحياة، فمن يعلق الجرس ويوقف عجلة الفساد؟!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك