على الطراح يتساءل ماذا بعد سقوط الإخوان

زاوية الكتاب

كتب 1009 مشاهدات 0

علي الطراح

في دراسة لمشاكل الشباب في الكويت وجدنا أن سمة الضياع تشكل إحدى أهم المشاكل التي تواجه الشباب من الإناث والذكور، وجاءت قضية فقدان الإحساس بالأمان في الترتيب الثاني بين الجنسين، مما يؤكد أن الشباب الذين يشكلون رهان المستقبل يبدون بحاجة إلى لفتة كبيرة من الحكومات الخليجية.

واليوم نجد أن الحركات الجانحة للعنف تعتبر الشباب أحد أهم مصادرها في توسيع رقع عملها السياسي. وما يحدث في مصر يشكل صورة واضحة لضياع الشباب وانسياقهم نحو الفكر المتطرف.

والصورة التي بثت على الهواء لشاب ملتحٍ يعلق السلاح على كتفه وهو يرمي بشاب آخر من أعلى المبنى إلى أسفله دون مراعاة لأي حس أخلاقي رادع، بحاجة إلى بحث بين المهتمين.

والشباب المتطرفون مغيبون ومنقطعون عن الواقع، ولديهم استلاب كلي وانسلاخ واضح، لكونهم كونوا قناعات مزيفة حول من يختلف معهم في الرأي، ولذا فهم يستخدمون العنف لقناعات منحرفة راسخة لديهم بأن من يختلف معهم خارج عن الملة ويحل قتله!

فالشباب مغيب وكثير من قواعد «الإخوان» وغيرهم من تنظيمات دينية يستغلون مثل هذه الثغرات، وينفذون إلى قلوب وعقول الشباب، دون أن تتحرك الحكومات لتحصين هؤلاء الشباب، وخصوصاً أن بعضاً من دولنا ترعى الإسلام السياسي اعتقاداً منها بأنها تضمن السيطرة على توجهاته!

والمعركة الدائرة في مصر بين حزب «الإخوان» والشعب المصري تؤكد حقيقة أهداف الحزب الذي لا يريد هدف إصلاح الأمة بقدر ما يريد السيطرة على مفاصل الدولة لتحقيق أهدافه الخاصة التي يروج لها حول إقامة الدولة الإسلامية. كما يبدو لنا أن شباب «الإخوان» يختلفون مع القيادات في مكتب الإرشاد، وإذا ما صحت الأخبار المتناقلة، فالشباب «الإخواني» عليه أن يصحح مسار الحركة لكي تندمج في المجتمع وتقبل القواعد الديمقراطية للعبة السياسية، وإلا فإن العزلة هي مستقبل الحركة.

ولعل من أهم الأسئلة التي يجب أن تناقش بين النظم السياسية ما يخص استبدال أميركا لحلفائها، فالترويج للإسلام السياسي منبعه الولايات المتحدة التي تعمل على الدفع به منذ أحداث سبتمبر. والخيار الأميركي جاء باعتبار أن الحركات الدينية الراديكالية هي منتج رسمي لدول عربية، بينما حقيقة الوضع أن الرعاية كانت دولية لمثل هذا الخيار. وموضوع التغيير دفعت به أميركا ودخلت العراق لأجله، إلا أن المتغيرات السريعة قادت إلى مزيد من الاختناق في المشهد العربي مما يدعو الجميع لطرح تداعيات هذا الاختناق محل استفهام، وإلى أي درجة يسلم منه الغرب؟ فالدفع نحو التناحر الطائفي يعقد المشهد، ونتائجه لن يسلم منها الغرب، وتزيد من عوامل غياب الاستقرار في المنطقة العربية، ويتأثر به حلفاء الغرب.

فالتغيير بمجالاته المختلفة يشكل أحد أهم التحديات التي على النظم العربية والغرب أن يعوا أهميتها، وأن يعمل الجميع وفق رؤية متوازنة تحقق مطالب التغيير دون الزج بالمنطقة في صراعات تخرج عن حدودها الإقليمية. ولعل المشهد المصري يمنحنا فرصة لفهم طبيعة التغيير في المنطقة، فحركة «تمرد» المصرية التي يسيطر عليها الشباب رفعت شعارات معادية للأميركيين، وهذا ما قد يعزز العنف الممنهج ضد الغرب طالما بقيت سياساته قاصرة ومتذبذبة حيال الواقع العربي.

إن مصر هي المسرح الكبير لفهم المتغيرات العربية، وعلى الساسة أن يفهموا عمق الإحباط، والتوق نحو الخروج من الأنفاق المظلمة التي تشكل حياة الشباب وتدفع بهم نحو المجهول، فالانتفاضة ضد «الإخوان» بعد سنة من الحكم تعني أن الفشل كان أممياً وليس مصرياً فحسب.

الآن - الإتحاد الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك