أرض الكنانة إلى أين؟ بقلم سالم الشطي

زاوية الكتاب

كتب 1426 مشاهدات 0

ارشيف

الراي

«لَهَدْمُ الْكَعْبَةِ حَجَرًا حَجَرًا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ» حديث

كنت قد كتبت في أبريل الماضي مقالا بعنوان «مصر وإيران، وبوصلة الخليج الضائعة» استغربت فيه التناقض في الموقف الخليجي «الحكومي» من مصر، بين الكرم الحاتمي في زمان مبارك والتقتير في زمن مرسي، وبين استنكارهم لتفكير مصر التقارب مع إيران اقتصاديا وبين هرولة الخليج وخضوعهم لها!
وتمر الأيام لتؤكد تناقض مواقف دول الخليج، فخلال سنة كاملة من وجود حاكم شرعي تم انتخابه بنزاهة ووصل باختيار الشعب، لم تلبّ الخليج 10 في المئة من احتياجات مصر!
وسبحان مغير الأحوال... بمجرد الانقلاب العسكري على مرسي تتكفل بعض دول الخليج باحتياجات مصر من البترول ومشتقاته لمدة عام كامل، وتنهال الأموال الخليجية من كل حدب وصوب، حتى وصلت - حتى الآن- لأكثر من 20 مليار مقابل سقوط الإخوان في فجور واضح في الخصومة بلا مبرر! لماذا لم نعط مصر «الشرعية» تلك المبالغ أو بعضها كما فعلت أميركا حين دعمت أوروبا وقت احتياجاتها في ما يسمى بمشروع مارشال؟!
لماذا ندفع مصر دفعاً نحو إيران ثم نشتكي ونتهكم عليها حتى في الحديث عن «أفكار» التقارب معها وليست «حقائق»؟ هل من مصلحة الخليج أن يتم خنق غزة فقط لأن حماس محسوبة على الإخوان؟!
حتماً نحتاج إلى مراجعة منظومة القيم التي ننتمي إليها إن كانت حقيقية أم مرتبطة بحماية السلطة أو السلطان - لا فرق - بشرط ألا يكون من الإخوان المسلمين طبعاً!
ألا تستشعر هذه الأنظمة مسؤوليتها - ولو جزئيا ً- عن كل قطرة دم تسيل في مصر اليوم، بعد أن خذلت اختيار الشعب؟ وأججت ذات بينهم؟ أم انها اعتقدت أنه يمكن بالمال والإعلام تزوير إرادة الشعب - ولو لبعض الوقت؟
الرئيس محمد مرسي تم انتخابه من قبل الشعب المصري ولم يعترض أو يبطله حكم قضائي، ولا يمكن أن يتم إبعاده - كحاكم منتخب - إلا بأسلوب اختياره نفسه، وليس بانقلاب عسكري على إرادة أمة!
أما خروج المتظاهرين هنا وهناك، بأعداد مهما كثر عددهم فلن تتحمل الميادين أكثر من 10 في المئة من أعداد المصريين! وإذا كانت أعداد ميدان التحرير أسقطت الرئيس مرسي، فمن الإنصاف أن تسقط أعداد ميدان رابعة العدوية حكم العسكر! وتستمر الحال هكذا دواليك ولن تستقر مصر مستقبلا!
أما مستقبل مصر بعد الانقلاب فبدت ملامحه واضحة بالقبض على قادة الإخوان المسلمين، ومنع الخطباء من الخطابة بمن فيهم السلفيون، وإيقاف القنوات الفضائية المؤيدة لشرعية الرئيس مرسي، ومجزرة الفجر التي راح ضحيتها أكثر من 50 مصريا عربيا مسلما! وللمرة الأولى في التاريخ يعلن رجل الكنيسة بصلبانه عزل حاكم مسلم!
ولحفظ ماء وجه الطرفين، الحل لاستقرار مصر اليوم أراه يكمن باستفتاء عام «نزيه»، وبناء عليه يتم تحديد مستقبل مصر إما بعودة الشرعية أو استمرار حكم العسكر وإجراء انتخابات رئاسية محددة المدة.
وعلى كل حال، يجب حفظ أمن وحقوق كل مصري مهما كان توجهه وانتماؤه، يعبر عن رأيه بحرية مسؤولة.
*
في لعبة السياسة وكسر العظم «القذرة» أصبح الدم البشري أرخص ما يمكن تقديمه لتقويض حكم أو محاربة حزب أو إثبات قوة! يعزل مرسي خلال سنة، ويستمر بشار لأكثر من عامين، بينما في الإسلام دم المسلم أعز من هدم الكعبة، أو صراع الحكم... فهل من مدكر؟
*
برودكاست:
يحل علينا شهر رمضان المبارك، والأمة الإسلامية تقطر دماً في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها، بتآمر وخيانة ممن يفترض منهم الأمانة على تلك الشعوب العظيمة، يحل علينا ودماء الشعب السوري روت أرض الشام وزادت حتى وصلت لبنان والعراق، يحل علينا والأموال جعلت الدم والضرب لغة التفاهم في أرض الكنانة، ولغة التخوين أصبحت هي السائدة هناك مع عدم الاستقرار هناك.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويحقن دماءهم، ويصلح ذات بينهم، اللهم آمين.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك