موقف الخليج من تقلبات المشهد المصري
عربي و دولييوليو 10, 2013, 12:34 ص 4461 مشاهدات 0
بدأت ثورات الربيع العربي واكتسبت وعيها وجنونها في ظل دعم خليجي كبير، وهاهي دولنا الخليجية ترسل نفس الدعم وتتقمص دور الداعم و الانظمة تشن هجوم معاكس على ربيع الشعوب . وقد اختلفت مواقف دول الخليج تجاه ماجرى في مصر مؤخرا، فبعضها 'تابع بارتياح' وبعضها 'تابع بقلق' كما ورد على لسان أكثر من مسئول خليجي . لكنها 'أتفقت' في برقيات التهنئة على انها مع إرادة الشعب المصري، ولأنني لم أخترع أن وضع الكلمة بين قوسين يظهر التعجّب والاستطراف فلن اتوسع في توضيح ماسبق منها ،مرتديا الصمت في هذا اليوم الرمضاني الفضيل لأحمل من شاء وزر النوايا.
الواقعية الميكافيلية برزت كمحدد للمواقف في الخليج ،فالإخوان ومن يتعاطف معهم في صدمة من موقف العسكر والقضاء في القاهرة. وقد وصل الامر بعميد كلية الشريعة في الكويت الدكتور الشيخ النشمي بالقول بضرورة تغلغل الإسلاميين بالعسكرية لحماية الثورات و في القضاء لضمان نزاهته. كما انصب الغضب هنا على جماعات السلف واسعة الانتشار والدعم خليجيا فقد غدرت بالإخوان كما يقولون. أما الطرف الاخر في الخليج فلسان حاله الشامت يقول تجاه الإخوان'أبرك ساعة' وهؤلاء يضمون من له حسابات انتخابية محلية كمنافس للإخوان،او حسابات سورية لموقف الاخوان ضد بشار،أومن له حسابات مذهبية أججها مقتل الشيخ حسن شحاتة.أما العمود الفقري فهو الحكومات الخليجية التي تعتبر الجماعة تهديدًا محتملاً لسلطاتها.
لم أشعر بالقشعريرة من بيان العسكر لكنني شعرت بها ومرسي يرفض القرار.هذا ما دونته ليلة عزل مرسي ،فقد أخذت الازمة منحى تعبويا وأتوقع تدهورا دراميا عند امتداد الزمن العسكري للأزمة. حيث يمكننا الاستنتاج ان الاخوان المسلمين تعلموا فن الوصول للحكم في 80 عاما،وهم في طور تعلم إستراتيجيات البقاء وقد بدأ ذلك حال سقوط مرسي . وبالرغم من ان أصعب ما يواجه الكاتب بالتعبير الكتابي هو تجنب تكرار مفردة معينه إلا انني وجدت ان امتداد الزمن العسكري للأزمة يضع على لساني كلمة 'باكستان'، فكما حدث في مصر قبل اسبوع تبادل المدنيين والعسكر بإسلام أباد الأدوار فحكم العسكر 30 سنة بانقلابات متفرقة الغيت فيها نتائج الانتخابات وعطل الدستور متذرعين بالفساد وعدم كفاءة المدنيين وعدم قدرة القوى السياسية على تقديم نموذج للحكم الرشيد. ولست من الاخوان فأنا أقف على نفس المسافة منهم ومن الماسونيين والاسماعيليين والسلفيين والرولنغ ستونز أيضا، لكن الديمقراطية تشكل بعدا مقدسا في فكري فلم يعجبني ماحدث. و أغلب المحايدين مثلي يرون ان حكومة العسكر كانت أكثر سلفية من السلفيين الذين ساندوها حيث توسعت في قاعدة سد الذرائع ووصلت لإغلاق القنوات التلفزيونية وحجز حريات رموز الاخوان كإجراء احترازي . و مأساوية اللحظة الاشد كانت سقوط أول رئيس مصري منتخب منذ أخناتون ونجاح من أبتكر مجادلات زائفة في تضليل أكبر تجمع للبؤس البشري أمام قصر الاتحادية. ولعل مما قوى الموقف الخليجي نفاق الغرب بشكل صارخ،فحتى هذه اللحظة لم يعلق على احداث مصر من يرى السيطرة على العسكر كشرط لازم للديمقراطية . وهو مركز جنيف للسيطرة المدنية على المؤسسات العسكرية GENEVA CENTRE FOR THE DEMOCRATIC CONTROL OF ARMED FORCES (DCAF).
إن الرجعية التحليلية المستترة قد حكمت موقف الخليج من تقلبات المشهد المصري.حيث أظهر سوء التقويم الاستراتيجي لمسار الربيع العربي القرار الخليجي وقد أثقلته تناقضاته .فالواقع يقول ان معظم الحكومات الخليجية حاليا مع العسكر أو ضد وصول الاخوان للسلطة على أقل تقدير .فكيف تجلت بهذا الوضوح الان إخفاقات أكرر إخفاقات صانع القرار الخليجي حين ترك مبارك ليفترسه الشارع! وكيف توارت بعض اجزاء المشهد قبل عامين ! ببساطة لأن صانع القرار الخليجي لم ينظر للشيء المهم حقا في الصورة والذي لم يكن سقوط الطاغية، بل وصول غريمهم حزب الاخوان المسلمين للسلطة. فماذا سيكون موقف دول الخليج لو استمرت تقلبات المشهد المصري كما في باكستان وعاد مرسي وهو عدوا لهم بأثر رجعي رئيسا لمصر ؟
تعليقات