عن لفظة ' ما بعد ' وارتباطها بمشاكلنا اليومية تكتب فوزية أبل
زاوية الكتابكتب يوليو 1, 2013, 2:13 ص 656 مشاهدات 0
عن لفظة «ما بعد» ومشاكلنا اليومية تكتب فوزية أبل
«ما بعد».. «ما بعد»!
لكثرة استخدام عبارة «ما بعد» تعبيراً عن انتظار أمنية ما بعد حدث ما، لنا الأمل في ألا تتغير، لأننا مؤمنون دائما بالمستقبل.
لغتنا العربية ثرية بالألفاظ المعبرة، ولكن هناك بعض الألفاظ التي اندثرت مع الزمن وفي المقابل خرجت لنا بعض المصطلحات والألفاظ المعبرة عن حياتنا المعاصرة. ومن هذه الألفاظ التي طالما تتكرر على الألسنة هذه الأيام، لفظة «ما بعد»، هذه الكلمة التي أينما وضعتها ستجد لها معنى مختلفاً، ولكن في المجمل والمضمون ستجد هذه الكلمة تعبر عن تنبؤ مشروع لما يحمله الموضوع الذي يحوي هذه الكلمة العميقة الثرية. فتجد الأسرة التي تتلهف على وجود طفل بين أحضانها تستخدم كلمة «ما بعد الولادة».. وتجد الموظف في الدولة الذي تعود على ارتياد مكتبه بصورة يومية يتخيل حياته ليضع لفظة «ما بعد التقاعد».. وتجد الشاب الطموح الذي يدرس ويسهر الليالي ليجد أمامه كلمة «ما بعد التخرج» ليضع أمامه رسما هندسيا وخريطة ذهنية لحياته المستقبلية ليسير عليها، فالسير العشوائي لا يجدي ولا يثمر. كما تأتي هذه الكلمة وتتكرر في قاموس المرأة العصرية وهي «ما بعد الأربعين»، حيث تشعر المرأة في هذه السن بكثير من التغيرات الفسيولوجية التي طالما تؤثر في حياتها كاملة، النفسية والاجتماعية... الخ. ومن الجدير بالذكر أن هذه الكلمة بعد أن كانت تتردد على ألسنة المثقفين والسياسيين ومذيعي النشرات الإخبارية أصبحت الآن دارجة على ألسن عامة الشعب حتى ممن لم يتلق حظه من التعليم، في وقت أصبحت عنوانا بارزا ضمن سياق الاستخدام السياسي. فها هي العبارات الواردة ما بعد الثورات العربية، ما بعد «مبارك»، ما بعد ميدان التحرير، ما بعد الربيع العربي، مصر ما بعد الثورة، ما بعد سقوط بشار، ما بعد القصير، ما بعد أحمدي نجاد، قطر ما بعد تسلم السلطة. وهناك نعود إلى السؤال الذي يطرح نفسه في وسائل الإعلام المصرية هذه الفترة، سيناريو ما بعد الرحيل، مرحلة ما بعد مرسي، ما بعد الاخوان، ما بعد 30 يونيو. ولو اثرنا هذه الكلمة في مجتمعنا المحلي هذه الأيام لوجدنا أن الكثير من الكويتيين يتداولون هذه الكلمة في حواراتهم أيضا.. ما بعد حكم المحكمة الدستورية، ما بعد تحصين الصوت الواحد، ما بعد المشاركة، ما بعد المقاطعة... «ما بعد»... «ما بعد»... «ما بعد»... هذه الكلمة التي حملت بين ثناياها كل معاني الحلم لما سيأتي بعد الحدث المرتقب. وما أجمل أن يكون «ما بعد» يحقق آمال من يرتقبها ولا يخيب ظنه في ما توقع وتنبأ.
والآن.. عزيزي القارئ.. ما بالك لو تخيلنا أن نستعيد ما فات وما مضى.. فهل سيأتي علينا يوم ليكون لسان حالنا «ما قبل» كان الأفضل؟! ولكني أدعو الله متمنية أن يكون الغد هو الأجمل، بكل ما يحمله من إشراقة لشمس جديدة تحمل معها الأمل والتفاؤل.
فوزية أبل
تعليقات