هذا هو 'جهاد الانستغرام' كما يراه جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 1007 مشاهدات 0


الراي

جهاد الانستغرام

تحت الحزام  /  جعفر رجب

 

«صورني وكأني ما ادري» ثم انزل صورتي في «الانستغرام» دون علمي، ثم نشر بقية الصور دون معرفتي، وبعد ذلك «ارتوتها» للمتابعين دون قصد عني، فقد اردت ان اجاهد خفية دون رياء، واتبرع دون منّ ولا أذى، ولكن الله كشف ستر عملي الصالح!
هكذا يكون الجهاد: تلبس ملابس عسكرية، تحمل الكلاشينكوف وجهاز اللاسلكي، وتربط بخاصرتك بعض القنابل اليدوية، ثم تصور مرة في الدبابة، ومرة داخل حاملة الطائرات، واخرى وانت تحمل المتفجرات، ثم وانت تطعم الفقراء، واخيرا وانت واقف تحت علامة تشير الى ادلب وحلب لتثبت للجميع وخاصة زوجتك، بانك في ارض المعركة، تدافع عن الثغور!
ولابأس ان تصور وانت صائم، وانت نائم، وانت عائم، وانت هائم، وانت قائم الفجر تؤذن في الناس وتؤمهم بالصلاة، لانك الاكثر تقوى وجهادا، وعندك جنسية كويتية اولى!
تنتهي من فاصل التصوير، تعود بعدها لتحكي القصص الخيالية عن بطولاتك، وكيف قاتلت، وقتلت، واستشهدت ثلاث مرات، وكيف تجنبت ملاحقة الاستخبارات العسكرية، والاقمار الاصطناعية الروسية، وكيف كانت الطائرات تستهدفك ولكن بفضل حسك العسكري استطعت ان تتجنب كل الاعداء، وتسقط طائرتين بلا طيار وتأسر الطيارين، وتتجاوز الرقم القياسي لـ«منقاش» في بطولاتك وتضحياتك!
لاشك ان جهادك سيثمر، وستجد بعدك العشرات يذهبون ويصورون، احدهم يحمل دبابة بيد واحدة، والآخر يصور وهو يطبخ للمجاهدين، وثالث يصور وهو يحمل غصن الزيتون ومتحزم بالمتفجرات استعدادا لعملية انتحارية، وقد تجدهم بملابسك ذاتها التي صورت بها، ففي جبهات الجهاد هناك ملابس خاصة للتصوير، مثل اي بلد سياحي به مصورون يصورون الناس بالملابس الشعبية! 
وبما ان فيلم جهاد «الانستغرام» نجح بنجاح منقطع النظير، كان لابد ان يدخل البقية في اعمال الخير، ولهذا لم يجد احدهم غير ان يصور نفسه وهو ممسكا بابرة ويقف أمام ستار الكعبة، مع ابتسامة عريضة وتعليق يشير الى انه مشارك في خياطة ستار الكعبة، «وما فيش حد أحسن من حد»، وكله فيلم يدخل الناس ويصفقون للبطل! 
يريدون تشجيع الناس على القتال والجهاد وعمل الخير، لابأس، افضل وسيلة هي المشاركة في القتال، دون ان يمثلوا دور الجهاد، فلم اشاهد يوما مجاهدا حقيقيا يصور نفسه وهو يحمل السلاح او وهو يقاتل، بل يتجنب التصوير والاضواء حياء وسترا، فهو مقاتل في سبيل قضية وليس ممثلا تلفزيونيا، وعندما تضع الحرب اوزارها، يعود الى بيته او مزرعته او ورشته او وظيفته... دون ان يفتح فمه ببطولات وهمية وصور انستغرامية!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك